حدث في مثل هذا اليوم: ذكرى رحيل الروائية الإنجليزية الشهيرة فرجينيا وولف

  • 3/28/2020
  • 09:19
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: المحرر الثقافيفي مثل هذا اليوم 28 من مارس 1941 رحلت عن دنيانا الروائية الإنجليزية فرجينيا وولف والتي تعتبر إحدى أكثر الأدباء تأثيرًا في القرن العشرين، ودائما ما تضم قوائم «أعظم الروايات في التاريخ» كتبًا لها، لكن حياتها المليئة بالنكبات كانت سببًا أساسيًا في تكوينها أدبيًا.وفي صباح الجمعة 28 مارس 1941 كتبت فرجينيا وولف إلى زوجها ليونارد «حبيبي، أنا واثقة بأنني سأجنُّ مرةً أخرى، وأشعر بأننا لا نستطيع أن نعاني مجددًا شيئًا من تلك الأوقات الفظيعة».«أنا لن أشفى هذه المرة؛ بدأتُ اسمع الأصوات، ولا أستطيع التركيز، لذا سأفعل على ما يبدو لي أنه أفضل ما ينبغي فعله. لا أستطيع الاستمرار في إفساد حياتك، ولا أظن أن هناك شخصين يمكنهما أن يكونا أسعد مما كنا».وضعت وولف الرسالة على الموقد القابع في غرفة الجلوس ثم توجّهت صوب نهر أوز قرب يورك البريطانية، بعد أن أثقلت جيوب معطفها بالحجارة وأغرقت نفسها لتنتهي حياة كاتبة من أعظم الأدباء في القرن العشرين.وُلدت أديلين فيرجينيا ستيفن في 25 يناير عام 1882 لأسرةٍ يشوبها الكثير من التعقيد؛ فكل من والدها ووالدتها سبق لهما الزواج والإنجاب من قبل. وعليه، كان لوولف سبعة أخوة؛ ثلاثة أشقاء وهم: توبي وفانيسا وأدريان. وأربعة غير أشقاء: لورا ميكبيس ستيفن وجورج وجيرالد وستيلا داكويرث وقد عاش الأخوة الثمانية تحت سقفٍ واحد.منذ سنوات الطفولة تعرضت وولف لسلسلة من الانهيارات العصبية المتتالية؛ فحينما كانت في عمر الـ13 وخلال عام 1895 توفيت والدتها بالحمى الروماتيزمية وبعد عامين ماتت أختها ستيلا، كما اعتدى عليها أخوها غير الشقيق جنسيًا، وبسبب تربيتها الصارمة لم تبُح وولف بما حصل من شقيقها والذي كان له أكبر الأثر عليها لبقية حياتها.وأثناء تعاملها مع خساراتها الشخصية واصلت وولف دراستها بالألمانية واليونانية واللاتينية في قسم السيدات بكلية الملك في لندن، وذلك حتى داهمها الانهيار العصبي التالي خلال عام 1904 والذي تجسَّد في وفاة والدها السير ليزلي ستيفن في صراعٍ طويل مع مرض سرطان المعدة.كان والدها يعمل محررًا لمجلة «كورنهل» وكذلك لقاموس السِّير الوطنية كما كان ستيفن ناقدًا ومؤرخًا هذا عطفًا عن كونه واحدًا من أدباء نهاية العصر الفيكتوري، وتأثرًا بوفاة والدها حاولت وولف الانتحار عبر إلقاء نفسها من النافذة ولكنها تعافت.وبعد عامين من وفاة والدها توفي شقيقها توبي ثم أصيبت أختها غير الشقيقة لورا ميكبيس ستيفن بانهيارٍ عصبيٍّ حاد واحتجزت في مستشفى عقلي.تم توصيف حالة وولف النفسية من قبل طبيبها المعالج بـ«الجنون الاكتئابي» أو «جنون الثرثرة» إذ اعتادت سماع أصوات غريبة، وهنا نصحها طبيبها بالابتعاد نهائيًا عن القراءة والدراسة.لم يقتصر مرض وولف على سماع الأصوات، وإنما امتد إلى الهوس والتخيلات؛ ففي العام 1913 حاولت الانتحار عبر تناول 100 حبة من حبوب الفيرونال ولكنها نجت.في حياتها تعرَّفت وولف على عددٍ من الرجال؛ أولهم كان يكبرها بأربع وعشرين سنة وكان زير نساء وكادت أن تتزوج به لولا وفاته عام 1908.أمّا الرجل الثاني في حياة وولف فهو ليتون ستراوش الذي كان مثليًا، وعندما قاربت الثلاثين من العمر كتبت وولف إلى أختها قائلة: «لم أستطع الكتابة، وخرجت كل الشياطين سوداء كثيفة الشعر، ها أنا في التاسعة والعشرين دون زواج، مثالٌ للفشل، دون أطفال، ومجنونة، ولا أجيد الكتابة».وخلال عام 1915 كتبت وولف أولى رواياتها «رحلة إلى الخارج» وهي رواية تحكي عن راشيل فينراسي التي تنطلق في رحلة من منزلها في إنكلترا إلى ساحل خيالي في أمريكا الجنوبية.طول الطريق تتعرض فينراسي للكثير من الصعوبات، وطوال أحداث الرواية ندرك أن تعرُّجات الطريق في رحلة راشيل لم تكن سوى القيود المجتمعية التي تحاصر المرأة، وعليه فقد صنعت وولف عالمًا خاصًا بها لتحكي الكثير من المآسي التي تتعرض لها المرأة والنضالات الداخلية التي تقوم بها من أجل تحقيق سعادتها والمجتمع الذي يظل دائمًا وأبدًا يقف حائلاً أمام ذلك النضال.ألفت وولف كتاب «غرفة تخصُّ المرء وحده» خلال عام 1918 وركّزت من خلاله على قضية المرأة مجددًا إذ ذكرت بأنه وإذا أرادت المرأة الكتابة فعليها أن تمتلك غرفة تخصّها وحدها وبعض المال.استعرضت من خلال كتابها تاريخ مساهمة المرأة في إنتاج الأعمال الإبداعية، قائلة بأنه كان شحيحًا جدًا خلال القرن السابع عشر، ولم تبدأ المرأة بالكتابة سوى في القرن التاسع عشر ولجأت لكتابة الروايات وليس الشعر.وفي عام 1925 كتبت وولف روايتها الشهيرة «السيدة دالاوي» وهي رواية تدور جميع أحداثها خلال يومٍ واحد فقط وترتكز على نقل جميع الأفكار التي تقبع داخل الشخصيات الرئيسية؛ فعلى سبيل المثال تبدأ الرواية بذهاب السيدة كلاريسا دالاوي لشراء الأزهار وطوال الطريق تسترجع دالاوي كل ماضيها خلال 30 سنة وتنقل لنا وولف كل ذلك الماضي في الرواية وهكذا بالنسبة لجميع الأبطال.وخلال عام 1927 سطرت وولف روايتها الأشهر «إلى الفنار» والتي تحكي عن طفلٍ صغير يرغب في الذهاب إلى الفنار ولكن والده الفظّ يرفض ذلك لأن الطقس غير مناسب وتتدخل الأم محاولة تهدئة صغيرها وإقناع زوجها باصطحاب ابنه لرؤية الفنار.ركزت وولف في روايتها على المكنونات الداخلية للأبطال والصراع النفسي بداخلهم، وقد تأثرت وولف كثيرًا خلال كتابة تلك الرواية بأعمال سيغموند فرويد الذي كانت تجمعها به صداقة قوية ارتكزت على اهتمام كليهما بطريقة عمل العقل البشري؛ وفي الوقت الذي اقترب فيه فرويد من ذلك بالملاحظة والتحليل اقتربت إليه وولف من خلال الكتابة والخيال.تيار الوعي هو أسلوب كتابة وولف لرواياتها، إذ تعدُّ أحد مؤسسي ذلك التيار في الرواية العالمية، ومن خلاله ارتكزت بنية السرد على الغوص في العالم الداخلي للشخصيات والتنقيب عن الجانب غير المكتشف في عملية الإدراك.يطمح ذلك التكنيك إلى إعطاء القرّاء انطباعًا بأنهم داخل عقول الشخصيات، ويمكنهم بكل سهولة الإطلاع على مخاوفهم وهشاشتهم وانكسارهم الداخليّ والانهيارات النفسية التي تعرضوا لها وما زالت تؤثر على سلوكهم.وولف من خلال كتاباتها وفي جزءٍ غير مرئيّ ربما كانت تكتب عن نفسها؛ وقد تجلَّى هذا بوضوح في اضطرابات شخوص وولف النفسية؛ فعلى سبيل المثال وفي أحداث رواية «السيدة دالاوي» يقرر بيتر وولش الحبيب السابق للسيدة دالاوي الانتحار، إذ يرمي بنفسه من النافذة مفارقًا الحياة، وهو ما فعلته وولف بعد وفاة والدها ولكنها لم تفارق الحياة، وخلال الحفل تشاهد السيدة دالاوي هلاوس بصرية تجسدت في أشباح الماضي.وفي رواية «إلى الفنار» كانت بطلة العمل ليلي برمسيكو أيضًا ترى أشباحًا وتستمع إلى أصوات غريبة؛ تلك الأصوات التي لاحقت وولف حتى الممات وتسببت في موتها بآخر المطاف.

مشاركة :