«سكوتر» تنقل الشقاق من الحيز المتجمد إلى واحة الإبداع القصصي المتجدد

  • 3/28/2020
  • 09:18
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو لنا ومنذ الوهلة الأولى لتقصي حقيقة وواقع كتابة القصة القصيرة بأن ذلك هو أمر خاص جدا ومغاير تماما عمّا نعرفه عن الإشتغال اليومي المعتاد في كتابة أي جنس آخر مثل الشعر الذي قد يتدفق في حالة وجدانية واحدة وفي زمن محدد، وكذلك الرواية المكتملة فصولها ومسافاتها وتضاريسها قبل الشروع في كتابتها، والنص المسرحي المبني على قالب وواقع هندسي وغيره من بقية النصوص الأدبية والإبداعية ونصوص الترجمة التي تنقل إما حرفيا أو على أساس صريح يأخذها من عتمة ألوان الحروق إلى إشعاعات ونبض الكلمات.فمراحل التأسيس والتشييد الأولى في كتابة القصة القصيرة ومن ثم عملية البناء المتنامي بدقة وعناية تامتين وبكل ما يستوجبه من ضبط وإحكام للزمان والمكان وللمنفذ الوحيد المؤدي إلى قلب المتلقي، مع أهمية التركيز على بؤرة الحدث وفي زمن يجب أن يكون قياسيا وأن لا يستغرق من القاص وقتا فيه مساحة مبعثرة وتشعب في الأحداث وتعدد غير مبرر في الشخصيات ولا إسهابا في التفاصيل وصولا إلى مرحلة الإنجاز المتكاملة وحالة الجمال القصصي المطلوب، وكل ذلك يجعل من كتابة القصة القصيرة أمرا معقدا وحالة اصطياد لواقع غير ثابت، ومن شأنها أن تستغرق وقتا طويلا أو زمنا لاحتمال الصبر وإن كانت هي في الأساس هي تحت مرصده وتحفزه لاقتناص اللحظة المناسبة التي قد تأتي مبكرا أو تتأخر كثيرا.وهكذا هو الحال عند القاص البحريني الدكتور علي حسن الشقاق الذي يعود إلى كتابة القصة بعد غياب استمر لعقد ونصف من الزمن والصبر على البعد عن الكتابة وبعد مجموعته القصصية الأولى «سن وشفاه» في عام 2005 وذلك عبر مجموعته القصصية الجديدة «سكوتر»، التي تضم في طياتها 11 قصة قصيرة هي كاباتشينو، انكسر إطار البلور، أوجدت الحل، بصمة، بطلي طار مبتعدا، العمر مرة.. عش وفرفش، أنا بخير يا حبيبتي، سكوتر «وهي القصة الرئيسة التي اختارها اسما للمجموعة»، إجازة سعيدة، وأقود السيارة أفضل منك.وهذه المجموعة «سكوتر» تؤكد لنا من جديد بأن الشقاق حاضر في المشهد القصصي وإن تأخر أو تاه داخل دهاليز حياته العملية وبات خارج إطار الاشتغال بكتابة القصة القصيرة، وكل ما أعرفه عن هذا القاص أنه يقتنص المشاهد والأحداث التي تمر من أمامه واللحظات شديدة الأهمية في حياة المحيطين به أو التي يعيشها هو بنفسه، وهذا ما جسدته مجموعته القصصية «سكوتر» وأوحت به أو قدمته للمتلقي من منحى حياتي وكتابة بالعين والقلب معا وحضور فاعل للراصد السارد وأحيانا البطل السارد وفي أحيان أخرى الراوي العليم السارد، فالمجموعة القصصية «سكوتر» تؤرخ لتجربة قصصية لها طابعها الذي عودنا عليه الشقاق قبل أن ينطلق إلى خارج حدود «سن وشفاه».ولعل أهم ما يمكن لنا أن نشير إليه من الجوانب الإبداعية عند الشقاق أن هذا القاص يكتب بحرية تامة عن كل التفاصيل الخاصة بالشخصية المحورية وبما تمليه عليه طبيعة القصة وزمانها ومكانها وبكل ما فيها من حدث وشخصيات قريبة من حياته وقلبه أو هي مجرد شخصيات عابرة على مرصدة وضمن نظرته الحياتية وبالأسلوب الذي يرتضيه بنفسه حيث عاشوا أيامهم في واقع قريب منه، ومن هنا يبدو لنا بأن عنوان القصة الرئيسة والمجموعة هو اختيار للنقلة الجديدة للشقاق على مستوى الاشتغال من جديد في فن القصة والتي تقدم الكثير من المضامين والمعاني الجديدة والجيدة.

مشاركة :