هكذا الزمان يمر بنا ومن أعمارنا مسرعا مخلفا ورائه الذكريات والأحداث منها المرة والمخزنة ومنها الجميلة والمفرحة، بينما تجدنا في هذه الحالة خصوصا عندما يحدث لنا أي حادث مؤلم نعود إلى شريط الذكريات لنستعرض معا كل ما مر في حياتنا من آلام محزنة وآمال وأيام مفرحة. وها أنا اليوم أعد السنين والأيام الماضية التي جمعتني وعرفتني بالراحل الشيخ عيسى بن راشد، ذلك الشيخ الذي ملك قلوب الناس قاطبة صغيرهم وكبيرهم فأحبه الجميع وأحبهم من كل قلبه، لكنه القدر المحتوم الذي لا مفر منه.وبعد أن غيّب الموت شيخنا العزيز عيسى بن راشد بدأت أمسك القلم وأكتب عن تلك السنين الجميلة والأيام التي عرفنا فيها راحة البال والطمأنينة والسكينة وفي ذلك الزمن الجميل والمكان الذي جاء ذكره في مقدمة هذه الكلمة تعرفنا على الشيخ عيسى ونحن مجموعة من الزملاء والأصدقاء أذكر منهم عيسى الجامع، سلطان ناصر السويدي، إبراهيم المنصور، أحمد يوسف المحميد ومحمد الذوادي وغيرهم من رواد هذا النادي العتيد كان الشيخ عيسى بيننا نستمتع بسوالفه الحلوة وحكاياته التي لا تمل، كان يصغرنا سنا لكنه حتى في تلك المرحلة من العمر يحمل عقلا كبيرا راجحا متفتحا وثقافة عالية واسعة بجانب بساطته وتواضعه، وقلبا لا يحمل الحقد أو الكراهية لأحد، بل أحب الناس وأحبوه واحترموه كثيرا، وهكذا انطلق اسمه ومكانته في قلوب الكثير من عشاقه سواءً في البحرين أو حتى في دول الخليج الشقيقة. انه يملك الكثير من الخصال الرائعة التي تميز بها الشيخ عيسى والتي قلما تجتمع في أحد غيره، كان الناس يلتصقون بالتلفزيون عندما يتحدث عيسى بن راشد وخصوصا عن ذكرياته وقصائده عن المحرق التي ولد وترعرع على أرضها، إنه لم ينس المحرق أبدا ولم ينس أهلها، بل هم أيضا لم ينسوه أبدا حتى حينما ابتعد عنهم، لكنه ظل راسخا في قلوبهم. وتمر الأيام ويتفرق الجميع من رواد النادي ويذهب كل منا في دربه، أما الشيخ عيسى فقد التحق بإحدى جامعات القاهرة، وعندما رجع إلى البحرين بعد انتهاء دراسته تبوأ عدة مناصب كثيرة في الدولة منها وآخرها رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة. لقد اعتدنا أنا ود. فيصل الموسوي ود. عبدالرحمن بوعلي أن نزوره في المؤسسة ونستمتع بحكاياته وسوالفه، لقد استمرت علاقتي واتصالاتي بالشيخ طوال هذه السنين الماضية حتى مماته.والآن أنهي حديث الذكريات مع الشيخ عيسى عن قصة خفيفة وظريفة وهي من قصص أول والماضي، لقد سبق لي أن كتبت عن أولى رحلاتي وسفري خارج البحرين عام 1955 حيث سافرنا عن طريق بواخر الخليج إلى البصرة ومنها إلى العراق والشام حتى لبنان وفي إقامتنا في دمشق التقينا بالشيخ عيسى بن راشد وكم كانت فرحة وبهجة غمرت قلوبنا جميعا لنرى الشيخ عيسى بيننا، تناولنا الغداء في أحد المطاعم ثم أخذنا صورة جماعية (كنت أنا وعبدالله سالمين وجاسم جابر فخرو وأستاذ قدوره أحد أساتذة المدارس في البحرين) ومنذ ثلاث سنوات أو ربما أربع تقريبا طلب مني الشيخ عيسى نسخة من تلك الصورة الجماعية التي صورت أو التقطت لنا في دمشق، وقد مضى من الزمن على هذه الصورة أعوام كثيرة وقد أرسلتها بالفعل إليه وكتبت على ظهر الصورة 25/8/1955، وبعد ان تسلم الصورة اتصل بي وقال: خليل، لماذا كتبت التاريخ وراء الصورة، فضحتنا يا أخي أمام الناس؟؟كنت أنوي زيارته عندما كان في المستشفى في بداية مرضه لكن كما يقول المثل «تقدّرون وتضحك الأقدار». رحم الله الشيخ عيسى وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
مشاركة :