منذ عقود ونحن نرفع الشعارات حول أهمية القراءة، وننشد بها للارتقاء بالفرد والمجتمع، حتى وصل الموضوع إلى حد الملل، وكأننا نعوض فشلنا في حل المشكلات. أعرف الكثيرين من القراء الذين لا يفوتون عليهم معارض الكتب، الذين ينهمون على قراءة كل شيء جيد، لكني في الواقع لا أكاد ألاحظ أي فرق على أفكارهم وشخصياتهم ومعتقداتهم، فيبرر ذلك بأن متعة القراءة تكفي، وأن قضاء الوقت في شيء مفيد أفضل من أمور كثيرة أخرى، لكن السؤال هنا: لماذا نرضى بالقليل وأمامنا عمق كبير؟ القراءة التي لا تؤدي إلى التفكر لا طائل منها، القراءة مهمة –نعم- لكنها الخطوة الأولى لما هو أهم، هي السلم الأول للوصول إلى الهدف، وكم هو مؤسف أن نقف على السلم كالمشرد الذي يظن أن قوت يومه هو السبيل للنجاة. علينا أن نقرأ كثيراً وأن نفكر أكثر، وفي هذا الصدد يجب أن ألقي الضوء على الفرق بين التفكير والتفكر، حيث إن التفكير هو نشاط عقلي يساعد على تكوين فكرة أو إيجاد حل أو إجابة عن سؤال أو إيجاد قرار كما هي الحال لدى الجميع، أما التفكر فهو الإمعان في التفكير أو بذل الجهد في التفكير حتى تصبح معرفتنا أكثر عمقاً وتكون تصرفاتنا أكثر وعياً وتركيزاً، وبالتالي يدفعنا التفكر إلى التريث في اتخاذ قراراتنا، كما يساعد على تطور العقل والذات. كثرة الآراء والأفكار الموجودة في الكتب تحشو الرأس وتجعلنا نتعامل معها كأنه درس مدرسي أو فكر يجب اعتناقه، لذلك من المهم أن نقرأ بنقدية عقلانية، وحتى لو وصل بنا الأمر أن نتعارك مع الكاتب (ولو كان أديبا محترفاً) على فكرة محددة، أو أن نضع ملاحظاتنا على هوامش الصفحة، والأهم من ذلك أن نربط ما نقرأه بالواقع كي نصقل ما يتم قراءته. * كاتبة كويتية sahar.gh.b.a@hotmail.com Instagram: saharbnali
مشاركة :