الفنان محمد جمال كان آخر من غنّى في عمل تلفزيوني درامي (يا ليل يا عين) على شاشة تلفزيون لبنان، وكان سبقه حامل راية التمثيل والغناء في برامج منوعة الفنان إحسان صادق، وكذلك فعل الرحابنة لفترة معينة من تاريخهم وتجربتهم مع هدى حداد (شقيقة السيدة فيروز) وجوزيف ناصيف، إضافة إلى «اسكتشات» متنوعة كان الغناء فيها سيداً وفي الصدارة، كخليط مقبول من أحداث وحوارات قريبة من القلب. ومع فوضى الحرب وأوزارها، ظهرت فئة متميزة من المغنين، خصوصاً من سبقوا الحرب على لبنان (العام 75) بثلاث سنوات، عندما ظهروا في أول جزء من البرنامج الأكثر جماهيرية بقيادة المخرج الخلاّق سيمون أسمر «استديو الفن»، ومن هؤلاء وليد توفيق، غسان صليبا، ماجدة الرومي، عبد الكريم الشعار، عبدو ياغي، منى مرعشلي وغيرهم. كان الأسهل على من عرفوا جماهيرية كاسحة من خلال البرنامج، أن يغنوا في الحفلات التي تقام في مهرجانات الصيف، أو في المرابع المختلفة في بيروت والمناطق، أو القيام بذلك من خلال أسفار تعددت لهم، مستقلين أو ضمن مجموعات تحت مسمّى البرنامج «استديو الفن». واستمرت الصورة على هذا المنوال، ليضاف إليها بعد فترة جنون الكليبات، التي جعلت النجوم الشباب يبتعدون عن فكرة العمل على الشاشتين، لأن الكليب بكل بساطة يرضي غرور المغنين بظهور صورهم ضمن أحلى الكادرات، مع أولى البوادر بإدارة أكرم قاووق لتكر السبحة مع طوني أبو إلياس، (قدّم لاحقاً أول فيلم سينمائي له بعنوان «الفجر»)، وسعيد الماروق (365 يوم حب، أول فيلم له)، وكلا الفيلمين من إنتاج محمد ياسين. لذا فقد عوّضت الكليبات المغنين والمخرجين في آن عن التفكير في الأفلام والمسلسلات. وتواصلت الظاهرة بين مد وجزر، حتى اندلاع شرارة الفوضى في عدد من الأقطار العربية، ما قلّص فرص المهرجانات والحفلات في دنيا العرب، وتالياً في المغتربات التي فيها جاليات عربية وازنة، وبالتالي لم يعد بمقدور نجوم الغناء الكلام عن أسفار عديدة، وحفلات لا تنتهي في أرجاء الكون. ضاقت الفرص، ما يعني تراجع المردود بشكل كبير، وبات البحث عن البديل ضرورة لا مناص منها، وكان حظهم من السماء، لأن قناة MBC ابتكرت برنامجاً للهواة ولحقت بها قنوات أخرى، كلها أرادت الفوز بنجوم الغناء في لجان التحكيم، لذا لم يتأخر أي منهم في توقيع عقود كريمة في أرقامها، بحيث توقف نزف خسائر انحسار الحفلات عنهم، وواكبنا عاصي الحلاني، راغب علامة، وائل كفوري، نجوى كرم، نانسي عجرم، إليسا في لجان تحكيم لعدد من هذه البرامج. آخر الغيث كان انتباه المغنين إلى أن الأضواء انحسرت عنهم إلى خصومهم الضعفاء، (شكوا دائماً من تواضع مردودهم قياساً بالمغنين في مجال التمثيل)، والذين نزلت عليهم ليلة القدر فجأة وباتت مشاريع أي واحد منهم موزعة بين العديد من العواصم العربية، القاهرة، بيروت، دبي، أبو ظبي، عمّان، دمشق، وبالتالي فإن أحاديث عشرات آلاف ومئات آلاف الدولارات باتت طبيعية، ونعرف العديد منهم باشروا مشاريع تجارية خاصة، لاستثمار ما جنوه وما هو في الطريق إليهم من مبالغ منعاً لاندثارها لاحقاً. إذاً، بات المغنون بحكم الظروف القاهرة أقرب إلى القبول ببدائل أخرى مناسبة ومنها التمثيل، لذا دخل غسان صليبا بقلب قوي إلى حلقات (وأشرقت الشمس - مع يوسف الخال)، وها هو نجله وسيم العائد من أميركا يدخل الباب نفسه، لكن في بطولة أولى ضمن حلقات «أحمد وكريستينا»، وأعلن رامي عياش موافقته على نص لكلوديا مرشليان عنوانه «صدفة»، يصوره حالياً في القاهرة مع درة التونسية (كانت ياسمين رئيس مرشحة للدور)، وها هو عاصي يدخل على الخط بعد العديد من المسرحيات (أوبرا الضيعة، مع كركلا، شمس وقمر، مع الراحل وجدي شيا) وعشرات الكليبات، بما يعني أن له خبرة جيدة في التمثيل، وقبل دوراً مميزاً في مسلسل «العراب»، للسوري الليث صبح (مع سلافة معمار وسلوم حداد)، وتولّى الممثل غسان مسعود توجيهه لوضعه في صورة الشخصية التي سيجسدها. الكلام حالياً يطول وائل كفوري وله تجربة يتيمة في السينما (بحر النجوم لروتانا)، بينما يتحضر مروان خوري لأول تجربة تمثيل في حلقات كتبتها نور الشيشكلي بعنوان «بيانو»، ويؤلف أيضاً الموسيقى التصويرية للعمل.
مشاركة :