صحافة الديجيتال تربح رهان الإعلام الجديد: عالم ما قبل كورونا ليس عالم ما بعد كورونا

  • 3/25/2020
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

أربك فيروس «كورونا كوفيد 19» حسابات العالم أجمع منذ انتشاره السريع في أكثر من 194 دولة، بداية من ديسمبر الماضي، ما دفع حكومات الدول إلى اتخاذ إجراءات لم يتوقع أحد إقرارها قبل شهر واحد فقط من الآن. وحصد فيروس «كورونا كوفيد -19» حتى الآن أرواح نحو 20 ألفا وأصاب نحو 440 ألفا، لتقرر كمحاولة للحد من انتشار الفيروس. كل الدلائل والمعطيات تشير إلى أن عالم ما قبل كورونا ليس عالم ما بعد كورونا، سواء اقتصاديا أو اجتماعيا أو صحيا، أو حتى إعلاميا. ومع انتشار فيروس كورونا كوفيد 19، ، تأثرت صناعة الصحافة الورقية بشدة مع اتجاه عدد كبير من القراء لمتابعة المواقع الإلكترونية الخبرية المختلفة، لمتابعة المستجدات أولا بأول. وجاء قرار عدة دول عربية بوقف طباعة الصحف والمجلات الورقية علها تكون أحد الوسائط الناقلة لفيروس كورونا، ليكون بمثابة الإبعاد الأخير للصحافة الورقية من معركة الإعلام الجديد. البداية إقليميا، كانت في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي قرر مجلسها الوطني للإعلام بوقف تداول الصحف والمجلات والمنشورات التسويقية الورقية مؤقتًا حتى إشعار آخر، باستثناء المشتركين، ومنافذ البيع الكبرى في مراكز التسوق، مع مراعاة الاشتراطات الصحية والسلامة المعتمدة من الجهات المختصة. وسارت عمان على النهج نفسه لمواجهة كورونا، بعدما أعلنت اللجنة العليا للتعامل مع الفيروس هناك قرارًا يتضمن «وقف الطباعة الورقية للصحف والمجلات والمنشورات بمختلف أنواعها ومنع تداولها، ومنع بيع وتداول الصحف والمجلات والمنشورات التي تصدر خارج السلطنة». كما لجأت المملكة الأردنية الهاشمية لاتخاذ الإجراء نفسه ضمن حزمة مكونة من 12 قرارًا، وجاء في المادة السابعة منها: «وقف طباعة الصحف الورقيّة كونها تسهم في نقل العدوى». وعلى النهج نفسه أصدرت وزارة الثقافة والشباب والرياضة في المغرب، قرارًا ينص على وقف طباعة الصحف الورقية: «تهيب الوزارة بجميع المؤسسات الصحفية المعنية الاستمرار في توفير خدمة إعلامية في صيغ بديلة في الظروف الحالية»، وذلك حتى إشعار آخر. وبالانتقال إلى سوريا، أعلنت وزارة الإعلام هناك تعليق إصدار الصحف الورقية الحكومية والخاصة حتى إشعار آخر، مع الاكتفاء بأن يكون صدورها محصورًا على المنصات الإلكترونية المتعلقة بها. الإجراءات السابقة فتحت بابًا للحديث عن فكرة وقف طباعة الصحف الورقية في مصر، لما قد يكون له من تأثير في نقل الفيروس، كما سلطت الضوء مجددًا على فكرة تفوق الصحافة الرقمية وعلو كلمتها، مع اتساع نفوذها بحكم الظروف الاستثنائية في الآونة الأخيرة. وفي هذا الصدد، يقول الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة وعضو الهيئة الوطنية للصحافة، إن وقف طباعة الصحف يعتبر «تخوف مبالغ فيه» مع الاحترام للقرارات الصادرة في بعض الدول العربية حسب تعبيره، لوجود أشياء عدة تُعامل كمعاملة الجرائد مثل النقود. ويوضح «علم الدين»، لـ«المصري لايت»، أن القارئ يمكنه تغليف نسخة الصحيفة بالبلاستيك، مع زيادة إجراءات التعقيم بالنسبة للمطابع، وهي حلول يراها «معقولة»، حسب وصفه: «أخشى إن الصحافة الورقية تمر بمرحلة شديدة السوء، ويكاد القراء يقولون لها وداعًا، وأعتقد حال توقفها لن تعود». ويعتبر «علم الدين» أن أزمة انتشار كورونا تعد فرصة جيدة لعودة الجمهور إلى الوسائل الإعلامية التقليدية، بالنسبة للصحف والتليفزيون والراديو، إذا ما فتح القائمون على الصناعة أفقًا جديدة لمخاطبتهم والوصول لهم بشكل إبداعي مختلف. وعن مواجهة المؤسسات للأزمة، يرى «علم الدين» أنها نظرًا للظروف الاقتصادية قد تقل الأعداد المطبوعة، أو عدد الصفحات: «ده حصل فعليًا خلال الفترة اللي فاتت، وبعض الصحف الأمريكية خفضت عدد الصفحات، وبعضها الآخر قللت عدد مرات الإصدار، وبعض الصحف الخليجية لجأت لنفس الإجراء». وعن الصحافة الرقمية، يشير «علم الدين» إلى أن دورها يتعاظم يومًا تلو الآخر، وهو ما تفرضه طبيعة الوسيط وسهولته والخدمات المميزة المتاحة بموجبه، لكنها تواجه تحديًا أخطر مما تعانيه نظيرتها الورقية فينا يخص المحتوى وجودته ومصداقيته. في السياق نفسه، استبعد الدكتور عثمان فكري، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، اتخاذ قرار بوقف الصحف الورقية في مصر خلال الوقت الراهن، مبررًا ذلك بعدم وصول البلاد لمرحلة تفرض عليها هذا الإجراء. ويعتقد «فكري»، خلال حديثه لـ«المصري لايت»، أن بعض الصحف ربما تلجأ لإجراءات ذاتية تتمثل في تخفيف عدد النسخ المطبوعة، بموجب ضمانات من مؤسسات وجهات كبرى بشراء الأعداد، أو بعض القراء من الجمهور مثل المشتركين. وحدد «فكري» حالة وحيدة لوقف الطباعة لفترة مؤقتة، تتمثل في عزوف الجهات سالفة الذكرة عن الشراء، مغيرًا حديثه عن الصحافة الإلكترونية: «الظروف تساعد في انتشارها». تكنولوجيا، أجبر انتشار فيروس «كورونا كوفيد – 19» جمهور القراء على اللجوء إلى الوسائل التكنولوجية للتعامل مع الأزمة الراهنة، سواء فيما يخص المعاملات البنكية أو شراء السلع، أو دفع الفواتير والعمل من المنزل، وبالطبع متابعة المنصات الصحفية الرقمية. وساهمت الحكومة المصرية في تحفيز الجمهور على استخدام الإنترنت بإعلان الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، زيادة مجانية في سرعة الإنترنت لكل مشتركي التابلت في الشركات المعتمدة بنسبة 20% خلال الشهر الجاري، مع تحمل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات فرق التكلفة البالغ 200 مليون جنيه. وتعقيبًا على الأمر، يقول الدكتور أسامة مصطفى، خبير تكنولوجيا معلومات، أن الأزمة الأخيرة أظهرت دور التكنولوجيا بشكل عام، بدءًا من تداول النقود والشراء إلكترونيًا دون التزاحم على منافذ البيع، واستعمال بطاقات الائتمان، والتعليم عن بُعد، وهو ما يقلل كذلك من التلوث البيئي. ويستنكر «مصطفى»، في تصريحه لـ«المصري لايت»، الحديث عن سوء شبكة الإنترنت في مصر خلال الفترة الراهنة، ما يعيق العمل إلكترونيًا: «دلوقتي فيه استخدام للوسائط السحابية التي تتمدد بزيادة عدد المستخدمين، مع تغيير الكابلات إلى الفايبر، ما يضمن سرعة عالية». ورغم انتشار المنصات الإلكترونية فإن «مصطفى» استبعد فكرة انتهاء زمن الصحف الورقية والمطبوعات بشكل عام، حسب قوله: «الطباعة مش هتندثر، دي زي المحفوظات ولسه الناس بتقرا وليها طابع خاص، لكن قل الاعتماد عليها». ويعتبر تداول الصحف الورقية من مصادر القلق بالنسبة للبعض، لاحتمالية كونها ناقل لفيروس «كورونا كوفيد 19»، وهو ما أكده الدكتور هاني الناظر، رئيس المركز القومي للبحوث الأسبق وأستاذ الأمراض الجلدية، لـ«المصري لايت». ويفسر «الناظر» تأكيده قائلًا: «الفيروس يتواجد على الأسطح والأوراق، ما قد يضر العاملين بالبنوك خلال استخدامهم للنقود، وهو ما يمكن تجنبه بارتداء القفازات والتطهير بالكحول، والحال نفسه بالنسبة للموظفين المتعاملين مع المواطنين بالأوراق»، مضيفا: «الفيروس بيقعد لساعات، وبالتالي الصحف فعلًا ممكن تكون وسيلة لنقل الفيروس». ويكشف «الناظر» أن طبيعة ورق الصحف لا تتحمل رشها بالكحول أي أنها عكس النقود، وهو ما يعني ضرورة وقف طباعة الصحف لأسبوعين، كإجراء احترازي لمواجهة كورونا، وهو ما تعوضه المواقع الإلكترونية الخاصة بهذه المؤسسات: «معظم الناس حاليًا بيلجأوا لهذه المواقع». ويردف «الناظر»: «أنا كطبيب قفلت عيادتي رغم إنها بالنسبة لي أكل عيشي، لكن الضرورات تبيح المحظورات، وده حفظًا على المصلحة والصحة العامة خاصة إن ممكن المواطنين يتعرضوا للعدوى». وعن الأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة المستعملة في قراءة المواقع الإلكترونية، يرى «الناظر» أن هذه متعلقات شخصية وليست في حاجة للتطهير طالما لم يستعملها فرد غير مالكها، مشددا: «فممنوع تبادل الهواتف والحواسب خلال الفترة الراهنة». يشار إلى أن الدكتور أيمن أبوالعلا، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار وعضو مجلس النواب، قدم طلب إحاطة إلى رئيس مجلس الوزراء ووزارة الدولة للإعلام، ورئيس المجلس الأعلي للإعلام، يطالب من خلاله بوقف طباعة وتداول الصحف والمجلات والمنشورات التسويقية الورقية مؤقتًا نظرا للوضع الراهن. ونوه «أبوالعلا»، خلال منشور له عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إلى أن العديد من الدول اتجهت إلي وقف المطبوعات الورقية بما فيها الصحف والمجلات، في إطار جهودها لمنع انتشار «كورونا كوفيد 19»، بعدما ثبت أن الأوراق تعد أحد وسائل انتشار الفيروس. وأضاف: «لا يخفى على أحد أن الصحافة الإلكترونية في مصر تقوم بدورها على أكمل وجه، لما تمتلكه من إمكانات في تقديم معالجات أكثر فعالية من الصحف الورقية، مثل الفيديوهات والصور والإنفوجراف».

مشاركة :