"من قلب الألم يولد الأمل"... هذه الحكمة تنطبق على ما تشهده الكويت حالياً من أبنائها وبناتها المتطوعين والمتطوعات الذين يضربون أروع الأمثلة في حب الوطن، في ظل أزمة فيروس "كورونا"، التي خيّمت بظلالها على مختلف مناحي الحياة، هؤلاء الشباب الواعون رفعوا راية التفاني والتضحية وتفضيل المصلحة العامة على الشخصية، بل على صحتهم أيضاً، غير عابئين أو خائفين من الاصابة بالفيروس المستجد، في ظل تعاملهم المباشر ومخالطتهم آلاف المواطنين والمقيمين يومياً في أماكن التطوع العاملين فيها من جمعيات تعاونية ومحاجر صحية، إضافة إلى المخابر الآلية ونقاط بيع المواد والسلع التموينية، والعديد من الأماكن الأخرى، إلى جانب مشاركتهم في تنظيف وتعقيم بعض المناطق، حتى أصبحوا، عن جدارة وأحقية، "وجه الكويت المشرق" الذي يمنح الأمل في استمرار الحياة وانقضاء الأزمة ورفع الغمة قريباً، بإذن الله. 100 فريق ميداني وفق احصائية حديثة لوزارة الشؤون، فإن اجمالي أعداد الفرق التطوعية المسجلة لديها بلغ 180 فريقاً تضمن ما يزيد على 1200 متطوع من متخلف الأعمار، وتؤكد الوكيلة المساعدة لشؤون قطاع التنمية الاجتماعية في الوزارة، هناء الهاجري، لــ "الجريدة"، أن تقديم طلب التطوع يكون للادارة العامة للدفاع المدني المسؤولة حاليا عن تسلم الطلبات وتوزيع المتطوعين وفق حاجة مرافق الدولة، لتقديم المساعدة ونقل خبراتها، سواء في الجمعيات الخيرية أو التعاونية أو المحاجر الطبية وأماكن إجراء الفحص، إضافة إلى قطاع الرعاية الاجتماعية، من خلال الأطباء والممرضين المشاركين في الفرق ذات الطابع الطبي. وأضافت الهاجري ان هناك تعميما صادرا بشأن آليات وضوابط عملية التطوع لتنظيم المسألة والاستفادة من شباب وبنات الكويت في هذا العمل الوطني. متطوعو "التعاونيات" على صعيد التطوع في الجمعيات التعاونية، قال وكيل وزارة الشؤون عبدالعزيز شعيب إن "متطوعي التعاونيات، الذين يعدون بالمئات، ضربوا أروع الأمثلة في حب الكويت وتحقيق مبدأ الخدمة الاجتماعية الحقة، حيث تراهم موزعين في جميع الأماكن بالجمعية، بداية من المداخل لتنظيم دخول المستهلكين وقياس درجة حراراتهم، مرورا بالسوق وصولا إلى تعبئة الأغراض والسلع المشتراة بالتعاون مع موظفي الجمعيات". وعلى صعيد قرار وزير التجارة منع عمالة عقود المناولة والتنظيف، أكد شعيب أن القرار صائب لكونه يمنع الاختلاط بعمالة تسكن مناطق من المحتمل نقلها لعدوى الفيروس، لافتا إلى أن المتطوعين من شباب مناطق عمل الجمعيات على أهبة الاستعداد للمساعدة ومد يد العون بالتعاون مع موظفي "التعاونيات". نداء الوطن أما على صعيد المتطوعين، فقالت المتطوعة سمر العماني، إنه "منذ فتح باب التطوع، منذ 3 أسابيع تقريبا، لبينا نداء الوطن للتطوع في جمعية مشرف التعاونية، وهذا أقل ما نقدمه للكويت وأهلها والمقيمين على أرضها"، مضيفة: "نحن أبناء وبنات الكويت الوطن الغالي وأولى بخدمتها، وما نقوم به واجب ورد ولو لجزء بسيط من جميل هذا البلد الطيب علينا". وأكدت العماني أن المتطوعين رهن اشارة الكويت بأي مكان وأي وقت، لافتة إلى أن المتطوعين موزعون وفق نظام معين، داخل الأسواق وعلى مداخل الجمعية، وأنا على سبيل المثال، أقوم بتنظيم عملية دخول المقيمين والسائقين، مشددة على أن العمل جماعي كخلية واحدة لخدمة أهالي وسكان منطقة مشرف. أما المتطوع محسن أبل فقال: "إننا لا ننتظر نداء من أحد للتطوع لخدمة الكويت وأهلها، وهذا واجبنا تجاه وطننا الغالي ومسؤوليتنا الاجتماعية حياله"، موضحا أن الهدف من التطوع تخفيف الضغط على موظفي الجمعية، خصوصاً عقب قرار وزارة التجارة منع عمالة المناولة، مؤكدا استعداد المتطوعين بالعمل أكثر وأكثر، "وعلى مدار الساعة لخدمة بلدنا، وهذا واجب علينا وليس منة أو تفضلا". أكد عدد من المتطوعين المقيمين في الكويت، أمس، أن ما يقدمونه من أعمال وجهود تطوعية تعتبر رداً لجميل الكويت بلد الإنسانية، ومؤازرة لها في جهودها لمكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19). وأجمع المتطوعون، في تصريحات لـ"كونا"، على إيمانهم بدورهم التطوعي في خدمة الكويت، باعتباره المحرك الذي جعلهم يتخطون أي تحديات ومخاوف من فيروس كورونا، لافتين إلى ثقتهم بالأنظمة الوقائية التي تطبقها الدولة. في السياق شهدت جمعية الهلال الأحمر الكويتي إقبالا كبيرا ومتواصلا من الشباب من جنسيات متعددة للتطوع لخدمة الكويت لمكافحة الفيروس. وقالت المتطوعة الياونا بكاري من ألبانيا، إن "الوقت قد حان لخدمة الكويت التي قدمت الكثير، وعلينا رد الجميل"، مضيفة أن ما تقدمه من عمل تستحقه الكويت التي لم تبخل يوما على المواطنين والمقيمين فيها. من جانبها، قالت المتطوعة اديان جاسم من سلطنة عمان، إن مشاركتها في التطوع بالجمعية ينبع من الإيمان "بأننا عائلة واحدة في مكافحة الفيروس، الذي لا يفرق بين أحد حين يصيبه". وذكرت جاسم أنها تشعر بالسعادة لأنها قدمت شيئا لبلدها الثاني الكويت، الذي عاشت فيه وتعلمت محبة ومساعدة الآخرين، موضحة أنهم يعملون من أجل تأمين حاجات ومتطلبات المواطنين في المحاجر والعمال في سكنهم. من ناحيتها أعربت المتطوعة من الصومال منى عبدالقادر عن سعادتها وحبها للعمل التطوعي فهو عمل إنساني خيري وحضاري يعزز الانتماء للوطن والتكافل الاجتماعي، ويخدم الوطن، مؤكدة أن من واجبهم أن يردوا للكويت شيئا قليلا من عطائها الدائم للجميع. بدوره، أكد المتطوع عبدالرحمن الفضل من لبنان أن "الكويت تستاهل كل خير، ونحن مقيمون على هذه الأرض الطيبة التي تقدم خيراتها لجميع الجنسيات دون تميز، وعندما نشارك في الأعمال التطوعية نشعر بأننا نرد جزءا بسيطا لهذا الوطن". من ناحيتها قالت المتطوعة نيرمين مفضل من مصر إن التطوع عمل إنساني يقدم لكل فرد دون التحيز لجنسه ودينه، كما انه يرسخ التلاحم الاجتماعي في المجتمع الكويتي وينمي قدرات الأفراد ويصقل مواهبهم ويقوي شخصية المتطوع. أما المتطوعة سعاد الفضلي من المقيمين بصورة غير قانونية فقالت إن هذا التفاعل من المتطوعين في الهلال الاحمر الكويتي خير دليل على معدن هذا الشعب المحب لوطنه والفزعة له، كلما احتاج إليهم، موكدة أن حسها الوطني وانتماءها للكويت هو الدافع الرئيسي للتطوع في الجمعية.