القاهرة:«الخليج» أصدر المركز القومي للترجمة كتاب «مصر في القرن التاسع عشر»، يتناول التاريخ المصري بداية من عصر محمد علي إلى الاحتلال البريطاني في عام 1882، ويستطيع قارئ هذا الكتاب أن يعرف أن مصر منذ 100 عام فقط، كانت تعيش في موات سياسي، وتجاري، تحت نير النظام أو الحكم المملوكي عديم النفع، ويظهر نابليون في المشهد عام 1798 وهو يلوح بسيف ذي حدين، في تهديد منه لاحتكار التجارة في طريق رأس الرجاء الصالح، من ناحية، ومهدداً من ناحية ثانية أمن وسلامة الإمبراطورية البريطانية في الهند، عن طريق إعادة فتح طريق قناة السويس القديم، وتعين على نابليون قبل مرور وقت طويل، الجلاء عن الدلتا، وأدى ذلك إلى خلق ما يسمى «المسألة المصرية» التي أصبح تقدمها وتطورها سبباً رئيسياً من أسباب المنافسة بين القوتين الأوروبيتين.ويوضح المؤلف د. إيه. كاميرون في هذا الكتاب أن محمد علي نجح في تمليك نفسه المقاطعة التي كان يتوق إليها، عن طريق استعراض قوة وحنكة سياسية لا مثيل لها في حوليات الشرق، وبعد ذلك بسنوات قلائل، ومن دون تعويل على التكاليف، حاول البريطانيون غزو مصر مرة ثانية، وكانت الهزيمة، وعندما جلس محمد علي على عرش مصر قهر منافسيه، وغزا السودان، وعزز سلطته بأن حوّل مصر إلى مزرعة خاصة له، وعزز هذه السلطة عن طريق منظومة تجارية احتكارية، ضمنت له إيرادات كبيرة حصل عليها على حساب الشعب المصري.كان محمد علي حتى عام 1824 لا يعرف الناس عنه شيئاً كثيراً، لكنه اعتباراً من ذلك التاريخ، ومن خلال إخضاعه السريع لليونان، أوضح لأوروبا أن هناك عاملاً جديداً ظهر في الركن الجنوبي الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، في حين كشفت معركة نوارين البحرية التي انتصرت فيها الأساطيل المجمعة لكل من إنجلترا وفرنسا وروسيا، عن المصالح الخاصة لهذه الدول الثلاث في أي تسوية مستقبلية للمسألة المصرية، ولم يتهيب محمد علي، أو يخف من الهزيمة، وراح في هدوء يجند قواته، إلى أن أعلن الحرب على الباب العالي، ثم اكتسح سوريا، وغدا يهدد بوابات إسطنبول.جاء هذا الانتصار الذي حققه محمد علي بمثابة السبب الرئيسي الذي أدى إلى سقوطه، لأن الرجل أجهد قواته في محاولة الاستحواذ على الأراضي التي أضيفت إلى ممتلكاته، وسخطاً منه على فشله راح يطالب باستقلال مصر، ويتمكن الرجل من هزيمة الأتراك مرة أخرى سنة 1839 وأصبحت ممتلكاته مقتصرة على مصر فقط، باعتبارها مقاطعة، أو إمارة وراثية، وهدأت الأمور سنوات قلائل، بفضل الجهود الدبلوماسية، لكن الواقع يقول إنه كانت هناك ثورة عظيمة، راحت تتأجج بصورة بطيئة في مجال التجارة والترانزيت، وإن شئت فقل تجارة العبور فيما بين الشرق والغرب.ويرى المؤلف أن هناك حشداً كبيراً من الأحداث التي يتعين الاختيار فيما بينها، ويتعين على من يتصدى للتأريخ لهذه الفترة أن يكون لديه قدر محدد من معرفة اللغات الشرقية، واستعمال هذه اللغات، ومعرفة سلوكات وعادات الشرق. خلاصة القول أن الكاتب يتعين عليه الوثوق بدقة ما لديه من معرفة، قبل أن يتطلع إلى إقناع قرائه بالوثوق من توجيهاته، وإرشاداته.
مشاركة :