قال الكاتب الصحفى عبد الرازق توفيق رئيس تحرير جريدة الجمهورية فى مقاله له بعنوان "الوجه الآخر للأزمة وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم «.. و"عسى أن تكرهوا شيئًا وىجعل اللَّه فىه خيرًا كثيرًا" صدق اللَّه العظيم.أكد عبد الرازق توفيق أن لا يدرى الإنسان أين الخير، وربما نرى فى ظاهر الأزمة شرًا مستطيرًا، وىقدر اللَّه لنا الخير، فلو اطلعنا على الغيب لاخترنا الواقع.. ورُبَّ ضارة نافعة.. فمن رحم الأزمة تولد الرحمة، ويكمن الحل والمخرج.. وتكشف الأزمات ما بين أيدينا من إيجابيات ونقاط مضيئة. الشدائد والمحن فى أحيان كثيرة تولد لنا طاقة على الإبداع والاجتهاد للوصول إلى حلول.. وخلق أدوات ووسائل جدىدة تساعدنا على مواصلة الحياة وإضافة أشياء جديدة تنفعنا فى حياتنا.. لولا وجود المحنة والأزمة.. ما كنا نجتهد للوصول إليها ولا نعرف قيمة وقدر ما بين أيدينا.. فالحاجة أم الاختراع.. هكذا علمتنا الحياة.. ومنحتنا عجلة التاريخ.. والزمان الدروس والعبر. فى أمواج الأزمات العاتية.. وبراكىن المحن والشدائد تصعد أمم.. وتتوارى أخرى، فلكل زمان دولة ورجال.. هكذا هى نواميس الخلق والملكوت.. تابع أن المفكرون والفلاسفة والساسة والعلماء توقفوا كثيرًا أمام الأزمة والمحنة التى تواجه العالم والبشرية.. وأمام ما أحدثته كارثة انتشار فىروس »كورونا« وتداعى الأنظمة الصحية فى الدول الكبرى من قادة العالم. وعجزها عن مواجهة الانتشار المروع للفيروس بين شعوبها وفى كثير من الأحيان استسلمت لقدر اللَّه وتحاول قدر المستطاع والمتاح مواجهة الآثار الكارثية للأزمة. ربما تصعد دول إلى القمة.. وتتراجع دول أخرى، فنحن بصدد ولادة نظام عالمى جديد يتشكل بعد »كورونا«.. أى نحن على طريق عالم ما بعد »كورونا« سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.. وأخلاقيًا.. لأن الدرس كان ومازال قاسيًا للغاية مزلزلًا ومروعًا.. ومفرزًا لأمور وملامح جديدة لعالم ما بعد »كورونا«. تساؤلات كثيرة تدور فى ذهن هذا العالم حول مصير الكبار.. هل ستنال منهم كورونا.. وهل ستأخذ الأزمة بيد قوى جديدة تصعد إلى الصدارة.. وهل سيشهد الوضع الاقتصادى ملامح جدىدة.. وهل تتغير أخلاقيات وممارسات البشر بعد تداعيات هذه الجائحة التى تجتاح العالم بشراسة وضراوة.. وما هو مستقبل الإعلام فى ظل هذه الظروف والمعطيات الجدىدة.. أهمىة دور الذكاء الاصطناعى فى عالم ما بعد »كورونا«.أفاد أنه لقد استسلم العالم أجمع بكل ما أوتى من قوة وتقدم وتكنولوجيا وطب أمام مخلوق لا تراه أو ترصده العين المجردة.. حىث اختبأ الكبار أمام قدرة اللَّه عز وجل.. فهل يعود البشر إلى خالقهم.. إلى رشدهم.. يكفون عن ممارسة الأذى والدمار والخراب والانتهازية والقتل وسفك الدماء والمؤامرات وتشريد الشعوب ودعم الإرهاب ونهب وسرقة مقدرات الشعوب.. هل نشهد فى الفترة القادمة عالمًا أكثر إنسانية وتعاونًا وتكاملًا وشراكة أم تظل الأطماع والمخططات وامتصاص دماء الشعوب الفقيرة سائدة. كشفت أزمة انتشار فيروس »كورونا« العديد من نقاط الضعف الإنسانى.. وعجز البشر أمام قدرة اللَّه عز وجل، لكن للأزمة وجهًا آخر.. بالتدبر والتركز تجد أمورًا إيجابية ومضيئة.. ودروسًا وعبرًا وعظات وكواشف تظهر الوجه الحسن بعد التوقف أمام آثار وتداعىات كورونا.. منها أبعاد سياسية وإنسانية واقتصادية واجتماعية نتأملها على الصعيد المحلى الخاص بمصر من خلال مجموعة من الرسائل المهمة والكاشفة لما نحن فيه الآن أو ما بعد »كورونا«. أولًا: رغم حالة الهلع والفزع والمعاناة التى يعيشها البشر جراء فيروس »كورونا«.. إلا أن الأزمة جسدت قوة وصلابة الدولة المصرية.. وربما قطاع كبير من هذا الشعب لولا تداعيات هذه الأزمة ما أدرك الكثيرون قوة الدولة المصرية وقدرتها على مجابهة التحديات واتخاذ الإجراءات الاحترازية العلمية. ثانيًا: لولا أزمة »كورونا«.. ما أدرك المصريون أنهم بصدد دولة جديدة المواطن فيها هو الأهم والأعز.. فقد ضحَّت الدولة وبذلت العطاء وتحملت الخسائر القادمة من أجل الحفاظ وحماية مواطنيها.. ووفرت لهم الأمان الشامل فى كافة الاتجاهات ومناحى الحياة، وقدمت الدعم والمساندة دون أن يستشعر المواطن المصرى وجود أى نقص فى أى شىء أو تقصير فى حقه، وأنه ليس أقل من شعوب الدول المتقدمة. ثالثًا: هناك دول كبرى فعلت ما نفذته مصر من إجراءات خاصة على الصعيد الاقتصادى ولكن متأخرًا، وبعد مصر بأسابيع، ولعل ما حدث فى الولايات المتحدة الأمريكية التى أعلنت منذ أىام قليلة أنها لا تبالى بالاقتصاد والخسائر بقدر ما تتوقف أمام مسئوليتها فى حماية شعبها.. وأيضًا تلحظ الفارق الكبير بىن قرارات مصر الاستباقية ووضوح رؤيتها وانحيازها لشعبها وقرارات تركيا الأردوغانىة المتأخرة جدًا والمقلدة لمصر السيسى. اشار الى انه رابعًا: حالة بُعْد النظر واستشراف المستقبل التى اتسم بها أداء الدولة المصرية فى الـ6 سنوات الأخيرة، واكتشف البعض أن هناك قرارات ومشروعات وأفكارًا عبقرىة، اتخذت منذ سنوات وأثبتت جدواها خلال هذه الفترة مثل صندوق »تحيا مصر« الذى يرصد المليارات لدعم المصريين المتضررين من تداعيات »كورونا«.. هل يتذكر المصريون الاقتراح الرئاسى بالتبرع بـ»الفكة« من أجل مصر وهو الأمر الذى كان محل هجوم المنصات المعادية.وأثبت القرار بُعْد نظر كبيرًا خاصة أن العالم الآن ىرفع شعار التكافل والتضامن مع المتضررين والفئات الفقيرة والأكثر احتياجًا أو تخصيص ميزانيات لتوفير أسلحة الحرب ضد فيروس كورونا، والوقاية الشاملة من تداعياته وتأثراته. خامسًا: قدمت لنا تداعيات فيروس كورونا وآثاره الكارثىة وحالة العزلة الدولية جراء الإجراءات الاحترازىة للوقاىدية والحد من انتشار الفىروس دروسًا مهمة.. أبرزها ضرورة الاعتماد على الذات وتحقيق الاكتفاء الذاتى من احتياجاتنا.. فهناك دول كبرى فى اتحادات دولية عرىقة تمثل وحدة هذه القارة، اتسمت مواقفها بالأنانية ولم تقدم المساعدة لبعضها البعض.. وزاد الهجوم المتبادل والتراشق بالاتهامات تقصيرًا وخُذلانًا، وأنانية.ولا داعى لذكر نماذج.. فالمعلومات متوافرة ومتواترة، والوضع فى الدول المتقدمة يشهد بذلك. سادسًا: جسدت »الأزمة« الخاصة بفيروس كورونا عمق »الرؤية المصرية«.. وأهمية النجاح والانحياز والمعجزة الاقتصادية خلال الـ6 سنوات الماضية ببناء الدولة المصرية وتوفىر احتياجات الشعب من خلال مشروعات البنية الأساسية والكهرباء والاكتشافات فى مجال البترول والغاز ومشروعات الأمن الغذائى، وكم المستشفيات التى تم إنشاؤها وتطويرها ورفع كفاءتها والحرص على امتلاك القدرة المالية بعد تبنى مشروع الإصلاح الاقتصادى الشامل والمالى لتوفير احتياجات المصريين وتوفير الاحتياطى الاستراتيجى من السلع ليكفى شهورًا طويلة بدلًا من أن نعيش ثقافة »الىوم بيومه«.. وأصبح لدينا احتياطى نقدى أجنبى تجاوز الـ 45 ملىار دولار.. وأيضًا تراجع العجز خلال العام المالى الماضى.. ووجود موازنة كبيرة تلبى احتياجات بناء الإنسان المصرى صحيًا وتعليميًا وأيضًا رفع مستوى معيشته وتوفير الحياة الكريمة له من خلال زيادات الأجور والمعاشات وزيادة حد الإعفاء الضريبى وغيرها من النجاحات. سابعًا: أثبتت أزمة »كورونا« أهمية أن نعمل سويًا وجيدًا على توفير احتياجاتنا بأيدينا.. وضرورة الارتقاء بالصناعة والمنتج المحلى وهى الاستراتيجية التى ىتبناها الرئيس عبدالفتاح السيسى خاصة أن أزمة »كورونا« أكدت أن الحاجة أم الاختراع.. فأجهزة التنفس هى أهم ما يبحث عنه العالم الآن وبالتالى فالتصنيع المحلى للأجهزة والمعدات أمر بات حيويًا وضروريًا وهو ما حققت فيه مصر شوطًا جيدًا ىبشر بمستقبل كبير،.مطالبا مواصلة استراتيجية دولة 30 يونيو فى تحقيق الاكتفاء الشامل من كل احتياجاتنا. ثامنًا: أزمة »كورونا« وتداعياتها ودروسها لها أبعاد اجتماعية تتمثل فى عودة روح الأسرة.. وترابطها. وعودتها إلى النموذج القديم خاصة اكتشاف الأبناء.. والعودة إلى اللُّحْمَة الأسرية والترابط العائلى الذى بدت ملامحه فى قضاء الوقت الكافى للحوار والنقاش والتعرف على الملامح والسمات الشخصية لأفرادها والجلوس معًا على موائد الطعام.. فقد شهدت السنوات الماضية تباعدًا بىن أفراد الأسرة الواحدة بعد أن طغت المادة وباعدت التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة.. والترفيه شديدة التقدم بىن الأسرة. تاسعًا: أزمة فىروس »كورونا« أكدت الحاجة إلى وقفة مع النفس.. إلى استعادة العلاقة القوية مع اللَّه.. بمعنى آخر العودة إلى اللَّه سبحانه وتعالى، وأن الدنىا لا تستحق أن نتجاوز تعاليم الدين والأخلاق.. فالموت أقرب ما يكون إلى الإنساناضاف الى أنه لا سبىل إلى النجاة إلا بالتقرب والعودة إلى اللَّه والابتعاد عن الممارسات التى تشوبها الأنانية وعدم الإنسانية والانحراف أو تبنى الثوابت والمبادئ والقيم التى تبعدنا عن الحرام والحرمات، والعودة إلى اللَّه تعنى التسامح والمحبة والوسطية والالتزام بتعاليم الدين التى تسمو بالروح وتحافظ على الإنسان. عاشرًا: أظهرت وفضحت أزمة فيروس »كورونا« المتاجرين بالدىن وأنهم أعداء الإنسانية ولا دىن ولا أخلاق عندهم.. فجماعة الإخوان الإرهابية تتمسك بالانحطاط الأخلاقى والإنسانى فى ظل دعواتها إلى نشر العدوى والانتقام من الشعب المصرى الذى كشف بوعيه مدى الخيانة التى تمارسها الجماعة.. وأىضًا إصرارها على نهج الأكاذيب والتشكيك واليقين بأن الإخوان هم العدو اللدود لمصر وشعبها. الحادى عشر: كشفت أزمة »كورونا« أيضًا أهمية الأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا فى حياتنا وأعمالنا.. وأن تكون الدولة حريصة على تنفيذ التطبيقات التى باتت حيوية فى مجال التقدم التكنولوجى.. فيمكننا أن نقوم بأعمالنا واجتماعاتنا من خلال وسائل التكنولوجيا الحديثة فى ظل ظروف التباعد التى فرضتها أزمة الفروس وعدم المخالطة والاختلاط منعًا لانتشار الوباء.. أيضًا إننا فى حاجة ماسة إلى تبنى الذكاء الاصطناعى الذى سيكون عنوانًا رئىسىًا لعالم ما بعد »كورونا«. الثانى عشر: إن من أهم دروس فيروس »كورونا« أنه لا بد من البحث عن حالة من الربط والتماذج ببن مفاهيم وأخلاقيات ومبادئ الأديان، أو حتى الفضائل الإنسانىة.. والتقدم التكنولوجى والعلمى الذى يشهده العالم. وأن قضية الأخلاق والإنسانية تشكل حاجة ماسة للبشر حتى لا يكون هناك فراغ روحانى يفضى إلى ممارسات شاذة ومنحلة وإباحية مقىتة لما ىخالف طبىعة البشر وجوهر الأديان والأخلاق. الثالث عشر: تداعىات فيروس »كورونا« أدت إلى حالة انكشاف عالمى أظهرت مظاهر العجز والثغرات الموجودة وأىضًا أن الإنسان يعيش وهم القوة الزائفة التى جعلته ىنسى أسباب ما خلق له.. وضوابط الكون وأخلاقياته.. وأيضًا جسدت حالة الفراغ الروحى والأخلاقى سواء على مستوى الشعوب أو الدول.. وهو الأمر الذى قد يؤدى إلى التعرف الحقيقى على مقاصد الأديان.. فالعبادات ليست مجرد حركات ولكن جوهر ومضمون.. وأظهرت الأزمة وما ترتب عليها من خلو دور العبادة أن الأديان فى جوهرها تهدف إلى الحفاظ على حياة الإنسان، وأن تنفيذ تعالىم الدىن لا تعنى الهلاك والمخاطرة بالنفس.. وأن هناك خصوصية فى العلاقة تربط الإنسان بخالقه.. فليس الدعاء محله »البلكونات وشرفات المنازل« بقدر ما يزداد إجلالًا وتأثيرًا كلما ىتسم بثقة الإنسان أن رب العالمين مطلع على ما فى القلوب والصدور.. فأقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد.. وإنى أقرب إلىكم من »حبل الوريد«.. وقلت ادعونى أستجب لكم.. »وادعوا ربكم تضرعًا وخُفبة«.. »صدق اللَّه العظيم«.. فكل ما ذكرت يؤكد فساد عقيدة الجماعات الإرهابية، التى تتاجر بالدين من أجل تحقيق مكاسب سياسية وشبطانية، الدىن منها برىء. الرابع عشر: ربما تكون أزمة »كورونا« منحتنا العدبد من الدروس والعبر سواء فيما ىخص احتياجاتنا فى المستقبل.. وأن نمتلك القوة والقدرة والاكتفاء والاعتماد على النفس وتوفير احتياجاتنا بأيدينا.. وأهمية الاستعداد الجيد بكل الظروف الطارئة والأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا.. وأيضًا حاجتنا إلى مراجعة سلوكياتنا وعلاقتنا برب العالمين.. وأن التدين الظاهرى ليس هو الهدف وأن الدىن الحقيقى هو الذى يدعونا إلى الفضائل والأخلاق الرفيعة والضمائر الحية والأمانة والعمل والإخلاص والشرف والتجرد والابتعاد عن الأنانبة والانتهازية والخداع والكذب، وأيضًا أهمية الحفاظ على الأوطان.. والوعى بخطورة الضعف.. وأيضًا ضرورة استعادة أنفسنا وهويتنا. تسلم الشدائد والمحن.. التى أعادت الثقة بين الدولة والشعب.. وأظهرت حقيقة الدولة وصلابتها فى مواجهة التحديات والمخاطر والتداعيات. تحيا مصر
مشاركة :