فضل سورتي الفلق والناس.. محل بحث الكثيرين على مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعى؛ فقد أوصانا الله - سبحانه وتعالى- بتلاوة القرآن الكريم وتدبّر سُوره وآياته و من هذه السور سورتي الفلق والناس؛ فينبغي معرفة فضل سورتي الفلق والناس لنيل الأجر العظيم والحسنات الكثيرة. فضل سورتي الفلق والناس روى عن مُعاذ بن عبد الله بن خبيب بن أبية قال: خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلّي لنا، قال: فأدركته فقال: قل فلم أقل شيئًا ثم قال: قل فلم أقل شيئًا قال: قل فقلت ما أقول، قال: (قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء). وقد ذكر رسول الله من فضلهنّ أنه لا توجد مثلهن في القرآن ولا في غيره من الكتب السماوية، حيث قال - صلى الله عليه وسلم-: (يا عقبةُ بنُ عامرٍ ألَا أُعَلِّمُكَ سُوَرًا ما أُنزِلَ في التوراةِ ولا في الزبورِ ولا في الإنجيلِ ولا في الفرقانِ مثلُهُنَّ لَا تَأْتِي ليلةً إلَّا قرأْتَ بِهِنَّ فِيها قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ و قُلْ أَعَوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ). تفسير سورة الفلق (قل أعوذ بربّ الفلق): أي إنّ الله سبحانه وتعالى يدعو الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم- أن يستعيذ بربّ المخلوقات والعباد، وقيل ربّ الصّبح، وقيل إنّ الفلق اسم وادٍ في النّار. (من شرّ ما خلق): أي أن يستعيذ من شرّ مخلوقات اللّه، ومن أذاهم. (ومن شرّ غاسق إذا وقب): خصّص الله سبحانه وتعالى ذكر بعض المخلوقات الّتي تؤذي ويجب أن يستعيذ منها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، مثل شرّ اللّيل إذا أدبر، وأنزل بظلمته وعتمته على البشر، والّذي يكون مخيفًا ومستّارًا لمن يرغب بك السّوء والأذى. (ومن شرّ النّفّاثات في العقد): العقدة تعني العلاقة بين شخصين، كما يُسمّي العرب رابطة الزّواج بعقدة النّكاح، وهنا يدعو الله سبحانه وتعالى الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم- أن يستعيذ من النّمّامين الّذين يؤذون العلاقات ويُبدّدونها، ويقطعون روابط المحبّة والأُلفة، لرغبتهم بالأذيّة، وشبّه النّميمة بالنّفث. (ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد): يطلب الله سبحانه وتعالى من الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، أن يستعيذ من أعين الحسّاد، الّذين يتمنّون زوال النّعم، ويمقتونها لغيرهم. تفسير سورة النّاس (قل أعوذ برب النّاس): أمر الله - سبحانه وتعالى- الرّسول الكريم، وكلّ متعوّذٍ أن يستعيذ برب النّاس، وهي صفةٌ من صفات الله تعالى، وهي الرّبوبيّة. (ملك النّاس): وهي من صفات اللّه الّتي طلب أن يُستعاذ بها، وهي الملوكيّة. (إله النّاس): وهي من الصّفات كذلك، وهي الألوهيّة. (من شرّ الوسواس الخنّاس، الّذي يوسوس في صدور النّاس): أمر الله أن يستعيذ الرّسول وخلقه من الشّيطان القرين لكلّ مرء، والّذي يزيّن له الفواحش ويستبيحها. (من الجنّة والنّاس): أي شياطين الجنّ وشياطين الإنس. سبب نزول سورتي الفلق والناس يُذكرُ في سيرة الرَّسول – صلى الله عليه وسلم- أنَّ رجلًا من بني زُريقَ يهوديٌ، اسمه لبيدُ ابن الأعصمِ، سَحر الرَّسولَ الكَريم بِمُشاطةٍ لهُ، أعانَه عليها يهوديٌ كانَ يخدِمُ الرّسول -عليه الصَّلاةُ والسَّلام-، ومَعها عدَّةُ أسنانٍ من مشطِ الرَّسول، فأعقَد لبيدٌ السِّحرَ في المُشاطة ثمَّ ألقاها في بئرٍ لبني زُريق وقيل في بئرِ ذروان، فأعمَلَ السِّحرُ في رَسولِ اللهِ وأمرَضَه حتَّى انتثَر شعرُ رأسه، واستمرَّ مَرَضهُ ستّة أشهرٍ، وبَلغَ فيهِ أشدَّ ما يجدُ المسحور. وفي ذلكَ ما رُويَ عن رسولِ الله - عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- في حديثِ السِّحر، حتّى جاءَهُ مَلَكانِ وهو نائمٌ، فجَلَسَ أحدهُما عندَ رأسِهِ والآخرُ عند رِجليهِ فأفتَياهُ في حالِهِ وفي مَكانِ سِحرِه، إذ قالَ الذي عندَ رأسِهِ للذي عندَ قدميهِ: ما بالُ الرَّجل؟ فأجاب: طُبَّ، فسأله: ما طُبابَته؟ فأجاب: سِحرٌ، فسألهُ: ومَن سحره؟ فأجاب: لبيدُ بن الأعصم، فسألهُ: وبمَ طبَّهُ؟ فأجابَ: بِمشطٍ ومُشاطةٍ، فسألهُ: وأين هو؟ فأجاب: في جُفِّ طَلعةٍ تحتَ راعوفةٍ في بئرِ ذَروان. اقرأ أيضاً: فضل سورة يوسف فضل سورة الملك فضل سورة الكهف سبب نزول سورتي الفلق والناس فلمَّا انتَبَه رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم- خاطَبَ عائشةَ - رضي الله عنها- فقال: أما شَعرتِ أنَّ الله أخبرني بِدائي؟ فأرسَل نفرًا من الصَّحابةِ فاستخرَجوهُ ثمَّ فَكُّوا عُقَده، وقيل، فأرسلَ عليًّا بن أبي طالبٍ والزُّبير بن العوَّامِ وعمَّار بن ياسر، فنزحوا ماءَ البِئرِ ثمَّ رفعوا الصَّخرة واستَخرجوا المُشاطةَ، وقيل، إنَّ رسولَ الله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -أتاها في نَفَرٍ من أصحابِه، وفي ذلكَ ما وصَفَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ البئر لعائِشة إذ قال: « هذه البئرُ التي أُريتُها، وكأن ماءَها نُقاعَةُ الحِنَّاءِ، وكأن نخلَها رُؤوسُ الشياطينِ». فلمَّا استَخرَجوا المُشاطةَ فإذا فيه وَترٌ معقودٌ فيهِ إحدى عشرة عُقدةً مغروزةٌ بالإبَر، فَجاءهُ جبريلُ -عليهِ السَّلامُ بالمُعوِّذتين-ِ، فَجعَلَ يقراُ من آياتِها، فكانَ كلَّما قرأَ آيةً حُلَّت عُقدةٌ، فوَجدَ الرَّسولُ -عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ- من أثرِ حَلِّها خِفَّةً، حتَّى إذا قرأَ آخرَ آياتِها انحلَّت العُقدةُ الأخيرةُ فقامَ كأنَّما نَشِطَ من عقالٍ، فكانَ فيهِ شِفاءُ الرَّسولِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-، وقيلَ جاءهُ جبريلُ -عليه السَّلامَ- فرقاهُ فجعلَ يقول: « باسمِ اللَّهِ أرقيك من كلِّ شيءٍ يؤذيكَ من حاسدٍ وعينٍ اللَّهُ يَشفيك، وأقرأهُ المعوِّذتينِ الفَلقُ والنَّاس، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُ الْخَبِيثَ؟ فَقَالَ: أما واللهِ فقد شفاني اللهُ، وأكرَهُ أن أُثيرَ على أحدٍ من الناسِ شَرًّا». سورة الفلق سورة الفلق سورةٌ مكيَّةٌ، نزلت قبل هجرة النَّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- على الرَّاجح من أقوال المفسِّرين، بعد سورة الفيل وقبل سورة النَّاس، وهي في الجزء الثَّلاثين، والحزب السِّتين، وهي السُّورة رقم مئةٍ وثلاث عشرة في ترتيب المُصحف الشَّريف، وعدد آياتها خمسة. ومعنى السُّورة في مجملها: الأمر بالاستعاذة بالله تعالى من شرِّ الأشرار من المخلوقات والأوقات التي يَكثر فيها وقوع الشَّر؛ من أجل اتِّقائها والوقاية منها جميعًا؛ فقد بدأت السّورة بالاستعاذة بالله ربِّ الفلق، أي الصّبح، من شر مخلوقات الله، ومن شرِّ الغاسق إذا وقب، والمراد به الليل إذا دخل وقته وحلَّ فاشتدَّت ظلمته، وقد خُصَّ اللّيل بالذّكر لأنَّ الشُّرور والمساوئ يكثر وقوعها في اللّيل، والاستعاذة من النفّاثات في العقد وهنَّ النِّساء السَّاحرات، وقد جاءت مؤنثةً؛ لأنَّ الغالب المُتعارف عند العرب تعاطي النِّساء بالسِّحر وتعاملهنَّ به أكثر من الرّجال، والاستعاذة من شرِّ الحاسد وحسده، وهو من يتمنّى زوال النّعمة عن الآخرين. سورة النَّاس سورة النَّاس سورةٌ مكيَّةٌ، نزلت بعد سورة الفلق وقبل سورة الإخلاص، وهي السُّورة الحادية والعشرون في ترتيب نزول السُّور على النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، والسُّورة المئة والرَّابع عشرة والأخيرة في ترتيب المُصحف الشَّريف، عدد آياتها ستَّة. ومعنى السُّورة في مجملها: الأمر بالاستعاذة من شرِّ الوسوسة التي قد يُلقيها الشَّيطان أو شرار النَّاس في قلوب النَّاس؛ فيَضِلُّون عنها ويضَلُّون.
مشاركة :