الإصابة بـ«كورونا» ليست وصمة عار ولا فضيحة

  • 4/8/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: جيهان شعيب «الإصابة بفيروس كورونا عار، وفضيحة، وخزي، وسبّة على الجبين» هذه صورة ذهنية مغلوطة تشكلت لدى البعض، وأدت إلى إحجامهم عن اللجوء للفحص، حال ظهور أي أعراض مشابهة للفيروس عليهم، لقصور الوعي أيضاً نسبياً لديهم، فالأحاديث المتتابعة عن تداعيات المرض، وأعراضه، ونتائجه، والتحذيرات المكثفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أرجاء دول العالم أجمع، بالاحتراس من الإصابة به، وتجنب ذلك بالبقاء في البيوت، وعدم الخروج والاختلاط، ضاعفت مخاوفهم، وأصابتهم بالفزع والذعر من الإصابة به، دون الاحتياط والتنبه، واتباع الإرشادات، والالتزام بها، فضلاً عن ترجمتهم القاصرة لمجريات الأزمة، وخشيتهم من الإجراءات المتخذة مع المصابين من عزلهم في أماكن حجر صحي، وإبعادهم تماماً عن أسرهم، وذيوع خبر مرضهم في محيطهم الاجتماعي، وانتهى الأمر بهم إلى اعتبار الإصابة بالفيروس خزياً لا يعادله آخر. ولم ينتبه هؤلاء إلى أن تراجعهم عن التوجه للجهات الصحية للفحص، وإخفاءهم الشعور بأعراض المرض إن كان جريمة معاقب عليها قانوناً، كونهم شركاء في إيذاء النفس والآخرين، علاوة على أن الفيروس كغيره قابل للعلاج، إن تم الالتزام بالتعليمات التوعوية الصادرة من الجهات الطبية في الدولة، وأنه ليس بنقيصة، أو ذنب، وإثم يستوجب المداراة، والاختباء، فكورونا ابتلاء، يواجه أبناء الشعوب كافة اليوم، والنجاة منه تفرض الالتزام والتسليم الكامل بكل ما يرد من الجهات المعنية في الدولة، من توجيهات، وأوامر، واشتراطات توعوية. حول كيفية تغيير التكييف الخاطئ لدى البعض عما يلحق بمن يصاب بالمرض من إساءة لوضعه الحياتي، ومحيطه المهني والاجتماعي، جاءت الآراء الآتية:بداية يلفت أيمن الباروت أمين عام البرلمان العربي للطفل إلى أن انتشار جائحة كورونا ‏أدت بجميع دول العالم لرفع حالة الطوارئ والاستنفار في محاولة احتواء الانتشار السريع للفيروس، ‏قائلاً: في الإمارات بادرت الحكومة بشكل سريع، واحترافي بوضع حزمة من الإجراءات الاحترازية ‏الحازمة لاحتوائه على أرضها، ‏وهذه الإجراءات تقسم المسؤولية بين الحكومة وأفراد المجتمع، حيث قامت الجهات المعنية بواجباتها والتزاماتها كاملة، ويبقى الدور الأساسي والمهم على أفراد المجتمع من المواطنين والمقيمين. ‏ومع حملات التوعية اليومية الموجهة إلى المجتمع فإنه من المهم والضروري أن يتعاون أفراده في الإبلاغ عن أي حالات يتم الاشتباه فيها، ‏أو التواصل مع الأرقام المخصصة في حال ظهور أعراض المرض على أي كان، ‏ فذلك يعتبر ‏مستوى راقياً من الثقافة، يجنب المحيطين به انتقال العدوى اليهم، كما‏ ‏يجنب الحكومة التكلفة المتمثلة في احتمال خسارة مورد بشري مهم، ‏لذا فالواجب على جميع أفراد المجتمع عدم التخوف من الإبلاغ في حال ظهور أعراض المرض على أي فرد منهم، لأنه من الملاحظ أحجام البعض عن الإبلاغ عن أنفسهم، وإجراء الفحوصات المقررة، بعد ظهور الأعراض عليهم ‏خوفاً من النظرة المجتمعية لهم، ‏في حين أن الإسراع بالتواصل والإبلاغ يعتبر تصرفاً وسلوكاً إيجابياً، يصب في مصلحة الفرد والمجتمع. ليس عاراً ويشدد د. شاهين المازمي عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة على وجوب أن يكون أفراد المجتمع كافة أكثر وعياً في التعامل مع فيروس كورونا، في الاحتياط للنفس، ولأسرهم، والمحيطين بهم، والإسراع بإجراء الفحوصات المقررة حال الشعور بأي من أعراض المرض، دون التراجع، أو الصمت والاختباء، لأن في ذلك كارثة ستحل بالجميع، فيما وعلى العكس إذا خضع المريض للعلاج سيعامل المعاملة الأفضل، وسيعالج في أرقى الأماكن الصحية المحددة، لذلك من قبل الجهات المعنية، بينما لا يجب أن يعتقد الفرد أن الإصابة بالفيروس عار وخزي، فالوباء عالمي، ولا دخل للإنسان في حدوثه، وخارج عن إرادة الجميع، لذا لا يجب أن يشعر المصاب بالخجل، والفزع، فالأمر بأكمله خارج عن الفعل الفردي، والعلاج يتم بسرية، ولابد من الجهات المجتمعية، والأشخاص المؤثرين مجتمعياً، التدخل لتغيير الصورة المتداولة عن هذا الفيروس.وعلى التوازي يقر د. حميد جاسم الزعابي رئيس تحرير في مؤسسة دبي للإعلام أن فيروس كورونا المستجد بات حديث الكل، حيث يتصدر صفحات وعناوين الصحف وغيرها من وسائل الأعلام على مستوى العالم، وكثر الحديث عنه، وعن أسبابه وأعراضه، واحتمال الوفاة، مما خلق نوعاً من الخوف والتحفظ عند البعض، ووفقاً لقوله: تسبب ذلك في التأثير على سياسة الإفصاح، إما بسبب الخوف أو كما يعتقد البعض أن ذلك تشويه للسمعة، ولكن بالرغم من ذلك، هناك أسباب تدعو للتفاؤل وللتفكير في أنه قد تكون هناك طرق لاحتواء وهزيمة الفيروس ودروس نتعلمها، من أن لا نجعل من كلمة عاجل التي يأتي بعدها خبر جديد عن تطورات فيروس كورونا مصدر رعب لنا، ومن الطبيعي فعلاً أن يكون هناك قلق من الإصابة بفيروس كورونا، إلا أن وصول هذا القلق إلى حد الخوف، أو الإحساس بالعار قد يتسبب في كثير من المشكلات النفسية والصحية التي قد تؤثر في نسبة الشفاء من الفيروس حال التعرض له لا سمح الله. كذلك فالثقافة العامة مطلوبة في مثل هذه الأوضاع، والتفهم أيضاً لحجم المشكلة أمر ضروري، وتتبع إرشادات الجهات سيساهم في الحد من انتشار هذه الجائحة، وربما يعتقد البعض أن الحجر أو العزل الصحي هو نوع من العقاب أو ما شابه للمصاب بالفيروس، لكن بفضل جهود قيادتنا الرشيدة تم تسخير كل السبل الطبية والصحية في هذه الجزئية، فالمصاب يكون في عزل صحي صحيح، لكنه لا يكون في عزلة سوداء كما يعتقد البعض، وهذه العزلة الصحية هي نوع من العلاج وكذلك إجراء طبي عالمي للحد من انتشار الفيروس. الإخفاء مجرّم وينبه المستشار القانوني والإعلامي د. يوسف الشريف إلى أن تخاذل البعض عن الإفصاح عن حالتهم المرضية المعدية، من الإصابة بكورونا أو غيرها من الأمراض المعدية أو السارية، لاعتبارهم أنها فضيحة أو عار، سوف ينفّر الناس منهم، يعد بحكم القانون جريمة متى تسبب الفعل بنشر العدوى لغيرهم، بل تشدد العقوبة عليهم حال مخالطتهم لآخرين، وتسببهم بوفاة واحد أو أكثر منهم، فيما تجدر الإشارة إلى تخوف بعض مخالفي قانون الهجرة والإقامة عن الإفصاح عن إصابتهم بالفيروس وغيره، والبقاء في أوكارهم هاربين، ويخالطون الأصحاء، وينقلون إليهم الأمراض، علماً بأن القانون يوجب معالجة أمثالهم مجاناً حفاظاً على حياة المجتمع وتقييداً لانتشار الوباء، لذلك يجدر بالجهات المعنية والقائمة على معالجة هذه الأزمة الطارئة توجيه النداء لأمثال هؤلاء للتداوي والتعامل مع المتقاعسين منهم بحدة القانون وجديته. واجب وطني ويقول: وأيضاً خوف البعض من الكشف أو الإفصاح عن احتمال الإصابة بفيروس كورونا، أو الشكّ في احتمالية إصابة أحد ممن حولهم به، وترددهم في الإبلاغ عن أنفسهم أو غيرهم، مجرّم قانوناً، حيث يلزم قانون مكافحة الأمراض السارية في مادته الرابعة الفئات المذكورة في فقرتيه الأولى والثانية على الإبلاغ فوراً متى علمت أو اشتبهت بإصابة أي شخص أو وفاته بسبب أي من الأمراض السارية، ومن ضمن هذه الفئات: المخالطون للمريض من الراشدين، وهذا يعني أنه يجب متى ما لفت نظرنا الاشتباه بإصابة أي شخص بفيروس كورونا الإبلاغ عنه كواجب وطني علينا ولدرء العقوبة المقررة في المادة 36 من ذات القانون والتي تقرر عقوبة الحبس والغرامة التي لا تجاوز عشرة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين متى ما خالف المادة الرابعة. وقد يستهتر البعض بمدى خطورة هذا المرض الذي فتك بالآلاف من الناس حول العالم، ويتجاهل التعليمات الصادرة والتدابير الوقائية ويزيد من خطر إصابته ونقل العدوى لمن حوله، وقد يتعمد البعض نشر هذا الوباء، وقد تصدى القانون لهؤلاء في المادة 39 والتي تنص على: «يعاقب كل من يخالف أحكام المادة ( 34 ) من هذا القانون بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف درهم ولا تجاوز مائة ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حالة العود تضاعف مدة عقوبة السجن. حماية سرية كما أنه إذا كان المصاب يخاف من أن يفصح عن معلوماته، فقد أعطاه القانون الحق في الحماية السرية لهذه المعلومات والتي لها علاقة بالمرض، ولا يجوز إفشاء هذه المعلومات إلا في الحالات المقررة قانوناً، كما أن قرار مجلس الوزراء رقم 33 لسنة 2016 باللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 14 لسنة 2014 بشأن مكافحة الأمراض السارية، ينص في فقرته الثالثة من المادة السابعة على أن: «تقدم الرعاية الصحية والعلاج المجاني المشار إليهما في هذه المادة للمصاب ولمخالطيه، وكذلك للمشتبه في إصابته بأحد الأمراض السارية المشار إليها «وتشمل هذه الرعاية الصحية المجانية، والعلاج المجاني على الفحوصات اللازمة وعلاجه، بالإضافة إلى صرف الأدوية واللقاحات والأمصال اللازمة. فالدولة بناءً على هذه المادة توفر العلاج المجاني والفحوصات المجانية للمصابين بالأمراض السارية، ومن بينها فيروس كورونا المستجد، وبهذا لا يكون لأي شخص مصاب أو مشتبهٍ في إصابته، التعذر بعدم إجراء الفحوصات اللازمة، وتلقي الرعاية الصحية، والقانون يحمي المصالح والحقوق، فهذا هو دوره وهذا هو أساس وجوده، ومن هذه الحقوق حق المجتمع وحق الأفراد، وهو أيضاً ما يطبق على كورونا وعلى المصابين بهذا الفيروس، فلنحاول جميعاً كأفراد في هذا المجتمع المساهمة بتطبيق القانون على الوجه الأكمل. د. سالم الشويهي: وجوب التيقن بأن المرض والشفاء بيد الله أشار الباحث الشرعي د. سالم الشويهي إلى أن مما تقتضيه عقيدة المسلم التيقن بأن المرض والشفاء بيد الله عز وجل، مع التداوي والعلاج أخذاً بالأسباب التي أودعها الله تعالى في الكون، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء»، فلا يجوز اليأس من روح الله والقنوط من رحمته، بل يجب بقاء الأمل في الشفاء بإذن الله، وليكن حال المؤمن ومقاله:﴿قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾، ويجب أن يعلم أن المرض ابتلاء يبتلي الله به عبده، لحكم كثيرةٍ جليلة وليثيبه ويعلي درجته، وهنا قال صلوات الله وسلامه عليه: «ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة». ومع صدق التوكل على ﷲ لابد للمؤمن من الأخذ بالأسباب ومنها أخذ التدابير الوقائية قبل الإصابة بالمرض والعلاج عند الإصابة، وهذا الحكم للمرض القاصر على المريض، فكيف بحال الوباء الذي ينتشر كالنار في الهشيم.لذا يحرم شرعاً على كل من أصيب بهذا الوباء أو يشتبه في إصابته به؛ الوجود في الأماكن العامة، ويجب عليه الأخذ بجميع الاحتياطات اللازمة ومنها دخوله في الحجر الصحي، والتزامه بالعلاج الذي تقرره الجهات الصحية في الدولة؛ حتى لا يسهم في نقل المرض إلى غيره فيجني على أقرب الناس إليه وينشر بينهم العدوى، وتنتقل منهم لغيرهم وتتسع دائرة الوباء في المجتمع، وليحتسب المصاب بهذا الوباء الأجر العظيم، فالصابر عليه له أجر الشهيد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس من عبد يقع الطاعون، فيمكث في بيته صابراً يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر الشهيد»، حتى وإن لم يمت بالوباء، وهذا فضل عظيم، وثواب جزيل، جزاء التزامه بالبقاء في بيته ومحجره. فلا ينبغي أن يخجل أو يتكتم على إصابته بهذا الوباء؛ فالأمر ليس بيده ولا من كسبه، بل إن ﷲ قدره عليه ولا بد أن يرضى ويسلم لقضاء ﷲ وقدره، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط»، وإصابته بالوباء ليس منقصة بل رفعة له عند ﷲ إن صبر، وقد أصاب الوباء خيار الأمة من الصحابة والتابعين والصالحين عبر التاريخ، فيجب على المصاب بكورونا العلاج والالتزام بالحجر الصحي التي تفرضه الجهات الطبية، بل يجب التبليغ فورًا عمن أصيبوا بهذا الوباء، فهو من أكبر الواجبات الشرعية، والتقصير فيه من كبائر الذنوب، والمُقَصِّر فيه مع التمكُّن منه أشبه بالتَّسَبُّب في قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فإهمالُ ذلك إثمٌ كبير ولذا يجرّمه القانون، لما فيه من ضرر كبير على البلاد بأسرها.

مشاركة :