أكدت الباحثة مريم عبدالله المطوع أنه «يمكن استخلاص العديد من الدروس من تاريخ الأوبئة التي ضربت العالم في حقب مختلفة»، مشيرة إلى أنه «حتى في ظل تطور المضادات الحيوية واللقاحات، تنبأ عالما الأحياء الدقيقة مكفارلين بورنيت ودافيد وايت في العام 1972 بأن مستقبل الأمراض المعدية سيكون غامضاً، ويظل هناك خطر ظهور نوع جديد ومفاجئ من الأمراض التي قد تسببها عوامل مرضية جديدة سواء كانت فيروسية أو جرثومية».ورأت المطوع، في تقرير طبي أعدته استناداً لمقال منشور في موقع «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين» عن تاريخ الأوبئة، أن «الزمن تغيّر من أمراض الهربس في السبعينات إلى الإيدز ثم الإيبولا ثم المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (SARS)، والآن Covid-19 وتستمر الأمراض المعدية في تهديد البشرية حول العالم»، مشيرة إلى أنه «إذا كنا نريد أن نفهم كيف ولماذا حدث شيء ما، يجب علينا الاهتمام بالظروف المحيطة، بالإضافة إلى تحديد الحقائق في شأن كيفية استجابة المجتمعات للأمراض المعدية».وتابعت «تظهر الأوبئة العالمية كدراما اجتماعية في ثلاثة فصول: الفصل الأول هو التجاهل وخلال هذه الفترة يتجاهل الناس الدلائل على أن شيئاً ما سيئاً قادم، إلى أن يتسارع المرض وتزيد أعداد الموتى مما يؤدي إلى الاعتراف بالكارثة على مضض والسبب غير واضح ما إذا كان الغرض من التجاهل هو الاطمئنان النفسي أم الحاجة إلى حماية المصالح الاقتصادية. ويبدأ الاعتراف في الفصل الثاني حيث يشرع الناس في تقديم وطلب تفسيرات لهذه المحنة وتولد هذه التفسيرات بدورها ردوداً عامة يمكنها أن تجعل الفصل الثالث مثيراً ومدمراً كالمرض نفسه. وتنتهي الأوبئة في نهاية المطاف، سواء بفضل الجهود الاجتماعية والطبية أو باستنفاد الضحايا».وبيّنت أن «الأوبئة تبدأ في لحظة زمنية معينة محدودة في المكان والمدة، وتتبع سلسلة من الأحداث تبدأ بالتوتر العام ثم الانتقال إلى أزمة على المستوى الفردي والجماعي ثم تنتهي في نهاية المطاف، وهذا المسار يسير عليه Covid-19، أولاً في الصين ثم في العديد من البلدان حول العالم»، لافتة إلى أن «أحد الجوانب المثيرة في الأزمات الوبائية هو الرغبة في توجيه أصابع اللوم إلى شخص ما حيث يستغل الناس الانقسامات الاجتماعية القائمة بين الدين أو العرق أو الطبقة أو الهوية الجنسية، ثم تستجيب الحكومات بفرض سلطتها في قيام الحجر الصحي أو التطعيم الإجباري، وهذه الديناميكية تتسبب بالصراع الاجتماعي».وأضافت «هناك موضوع آخر يتكرر في تاريخ الأوبئة العالمية، وهو أن التدخلات الطبية والصحية العامة غالباً ما تفشل في الوفاء بوعودها، وهذا ما أثبتته التجارب في ظل الأوبئة السابقة. على سبيل المثال تم ايجاد التطعيم للقضاء على الجدري ولكن الأمر استغرق نحو 180 عاماً لتحقيق النجاح. وفي العام 1900 قام مسؤولو الصحة في سان فرانسيسكو بمحاصرة الحي الصيني في محاولة لاحتواء تفشي الطاعون ولم يكن لهذا التدخل التأثير المطلوب، ومرض الزهري كان يمكن أن ينتهي إذا التزم الجميع بنظام صارم للامتناع عن ممارسة الجنس أو الالتزام بالزواج الأحادي لكن هذا القرار لم يكن منطقياً، حتى أصبح البنسلين متاحاً وكان من الممكن القضاء على مرض الزهري بسهولة أكبر». وزادت بالقول «بالنظر إلى ما تعلمه المؤرخون من الأوبئة السابقة، قد يكون هذا الفيروس التاجي جديداً لكننا رأينا وتعرضنا لكل ذلك من قبل. ظهور وباء جديد في الصين ليس مفاجئاً، لقد ظهر في الصين أوبئة عدة في السابق. أما تجاهل الناس الخطر في البداية فهو أمر وصفه المؤرخون بشكل واضح»، مشيرة إلى أن «فشل الحجر الصحي في احتواء المرض، يحدث في الغالب، وقد حدث في السابق خاصةً مع فيروس الإنفلونزا و SARS-CoV-2، وعندما ضربت الإنفلونزا الولايات المتحدة العام 1918، استجابت مدن عدة بطرق مختلفة، كما أن المدن التي طبقت قوانين صارمة لحد المرض، بما في ذلك إغلاق المدارس، وحظر التجمعات، وأشكال أخرى من العزل أو الحجر الصحي، تسببت بدورها في تقصير دورة الوباء الطبيعية وخفض معدل الوفاة الإجمالي».وتابعت «هناك جانبان سلبيان ينتجان عن الأوبئة العالمية، أولاً: الوصم، خاصة ضد الصينيين، الذي تكرر في مراحل عدة سواء مع الطاعون في سان فرانسيسكو العام 1900، أو السارس في 2003، أو كوفيد 19 اليوم. ثانياً، كثيراً ما تحصد الأوبئة حياة مقدمي الرعاية الصحية حيث توفي عدد كبير من الأطباء أثناء تفشي الطاعون في أوروبا في العصور الوسطى، وأثناء وباء الإيبولا في العام 2014».وعن أي مدى يجب أن نكون قلقين في شأن Covid-19، قالت «يحذر بعض الخبراء من أن نصف سكان العالم سيصابون بنهاية العام وقد يؤدي ذلك إلى وفاة أكثر من 100 مليون شخص».
مشاركة :