رمضان... شهر العزة والتمكين | مقالات

  • 6/18/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

انه لأمر عجيب ان تصدر احكام تقيد من حرية الإنسان في التمتع في المباحات وتجبره على الصوم معظم ساعات النهار، وتطالبه بتفريغ جزء من وقت راحته بالليل للقيام والدعاء، ثم تجد تلك الاحكام الفرحة الغامرة لدى غالبية المكلفين، والامتثال لها بحب وتقبل، وشوق الى تطبيقها، بل ومن الاطفال منهم! هذا هو حال المسلمين في كل عام مع قدوم شهر رمضان المبارك حيث ينتظره الجميع بفارغ الصبر ويكيفون حياتهم لاستقباله بالشوق والمحبة أليس ذلك المشهد عجيبا ويستحق التأمل والتدبر؟! ان تعلق المسلمين بدينهم وتمسكهم بتعاليمه واوامره هو اول ما يجب التركيز عليه عند الحديث عن المسيرة التاريخية او السياسية او الاجتماعية للمسلمين، ومهما حاول البعض ان يعيد كتابة التاريخ او الواقع متخطيا دور الاسلام في حياة الشعوب المسلمة فإنه لا بد ان يفشل. لقد ارتبط شهر رمضان المبارك بالفتوحات العظيمة والانتصارات الباهرة والتي ابتدأت بغزوة بدر الكبرى في رمضان العام 2 من الهجرة، ثم فتح مكة في رمضان في الثامن من الهجرة، ثم معركة فتح بلاد الاندلس بقيادة طارق بن زياد في رمضان العام 92 هـ اما الخليفة العباسي المعتصم بالله فقد استجاب لصرخة استغاثة من امرأة مسلمة استعانت به ضد ظلم واضطهاد الروم في الدولة البيزنطية، فحرك جيشا عرمرما في رمضان 223 هـ وفتح به مدينة عمورية، وبذلك حمى العالم الاسلامي ثم موقعة عين جالوت في رمضان العام 658 هـ بقيادة قطز، وقبلها معركة الزلاقة واخيرا وليس آخرا حرب اكتوبر المباركة في العام 1973 م والتي سطر فيها الجيش المصري البطل اروع البطولات ضد قوات العدوان الاسرائيلية في رمضان قبل ان تتدخل جهات لتحوير ذلك النصر الى هزيمة. من الضياع والانصهار ان من يتتبع مراحل التاريخ الاسلامي المجيد وانتصارات المسلمين ليدرك بأن من وراء تلك الانتصارات بعد توفيق الله تعالى - روحا معنوية كبيرة ويقينا بنصر الله، كما قال الشاعر: يوم كنا خير امة كان للحق مكان كان للأقوال فعل فاسمعوا للترجمان كان في القلب يقين ان نصر الله آت ان نصر الله فتح ان حيينا بالثبات كان المجاهدون يطلبون مرضاة الله تعالى ويضحون بأنفسهم واموالهم من اجل تحقيق ذلك النصر، وكان الدافع والمحرك الاساسي لأعمالهم هو توحدهم على العقيدة الصحيحة ونبذ الشرك والانحراف، فلم توحدهم عصبية ولا قومية ولا مطامع دنيوية، ولم يتغاضوا عن الانحرافات في العقيدة تحت مسمى وحدة الصف، ولم يسلموا قيادتهم لأعدائهم بحجة حاجتهم للسلاح والدعم. ان انتصارات الثورة السورية اليوم قد كانت بفضل الله تعالى ثم وحدة الصف التي وحدت الفصائل المقاتلة ضد العدو المشترك الذي يستهدف شعبهم وعقيدتهم، لقد جربوا استجداء الغرب والتذلل لهم من اجل دعمهم الى ان تبين لهم بأن هذا الغرب المجرم هو السبب في ذلهم وهوانهم وانه لا يسعى إلّا الى تمزيقهم وتفريق صفوفهم وتمكين اعدائهم منهم! لقد تعلموا درسا قاسيا من تجربتهم الى ان اعتمدوا على انفسهم وبذلوا الاسباب القليلة التي يملكونها، فوجدوا بأن الله تعالى قد فتح عليهم وحققوا الانتصارات المتتالية على اعدائهم. ان شهر رمضان المبارك سيكون باذن الله تعالى شهر خير وفتح كبير للذين يجاهدون في سبيل الله، وسيحقق الله تعالى فيه الخير الكثير للمسلمين على اعدائهم ما تمسكوا بحبله المتين، فليحذروا من اختراق الاعداء لصفوفهم وتمزيق كلمتهم وليتوكلوا على الله وحده! د. وائل الحساوي

مشاركة :