نفى رئيس المبادرة الوطنية للأكراد السوريين عضو مجلس الشعب عمر أوسي قيام «وحدات حماية الشعب الكردي» بعمليات تطهير عرقي في مدينة تل أبيض ومحيطها شمال سورية بعد طرد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) منها، وقال إن هذا الكلام «عار عن الصحة». مشيرا إلى أن الهدف المقبل لقوات «الحماية» وحلفائها هي مدينة الرقة، عاصمة «داعش»، ومستبعدا أن يكون هذا التمدد الجغرافي للأكراد مقدمة لإقامة دولة كردية شمال سورية، مع تشديده على أن نتائج الانتخابات التركية الأخيرة تمثل بداية انهيار مشروع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي سيخرج خلال الأشهر المقبلة من المسرح السياسي. وفي لقاء له مع «الراي»، قال أوسي إن «وحدات الحماية الكردية وأكراد سورية بشكل عام ومنذ 3 سنوات يدافعون عن الخاصرة الشمالية في الجغرافيا السورية أي المناطق الكردية المتاخمة للحدود السورية - التركية، على طول 400 كيلومتر، ووحدات الحماية تضم في صفوفها عربا ومسيحيين وسريانا وكلدانا وآشوريين وأرمن ومن كل مكونات مجتمع الجزيرة السورية. وحتى الادارات الذاتية في محافظة الجزيرة ومنها كانتون القامشلي تضم عربا وسريانا ورئيس المقاطعة في منطقة الجزيرة هو أحد مشايخ عشيرة شمر العربية العريقة حميدي دهام الهادي». وتابع: «نشهد منذ أيام أو أسابيع حملة شوفينية ضد وحدات الحماية الشعبية وضد أكراد سورية من بعض الجهات ووسائل الإعلام. وهذه الأنباء غير صحيحة وهي لتشويه ما قدمته وحدات الحماية وأكراد سورية أي أكثر من 1500 شهيد دفاعا عن المنطقة بكل مكوناتها». وحول ما يقال إن بعض القرى العربية قد تم تجريفها نهائيا بواسطة البلدوزرات، رد أوسي: «هذا كلام غير صحيح، ولكن كانت هناك في تل أبيض بيئة حاضنة لداعش وجبهة النصرة وبقية المنظمات القاعدية، وعندما انهار داعش في منطقة سلوك بين الرقة وتل أبيض ثم دخلت وحدات الحماية إلى تل أبيض، اتجهت هذه البيئة الحاضنة إلى تركيا للدخول إليها وسمح لهم أردوغان بالدخول وبينهم عشرات المقاتلين من داعش بلباس مدني»، مشيرا الى ان الآلاف الذين ظهروا في الصور على الشريط الحدودي مع تركيا «جاءوا على خلفية هروبهم من المعارك الشرسة التي دارت بين وحدات حماية الشعب وبين داعش». وعن تفسيره للاتفاق بين الإعلام السوري وبعض من المعارضة وكتائبها المسلحة تجاه تأكيد تنفيذ الكرد عمليات تطهير عرقي في تل أبيض، قال أوسي: «آسف لرؤية الإعلام الوطني السوري حول ما جرى في تل أبيض واعتقد أنه قد وصلته من مصادره معلومات خاطئة، أما في ما يتعلق بالمعارضة المسلحة فهي تعادي الشعب الكردي منذ الأيام الأولى وهي تعتبر وحدات الحماية والشعب الكردي جزءا من النظام وهؤلاء من الطبيعي أن يوجهوا اتهاماتهم هذه إلى وحدات الحماية». وأكد أوسي أن وحدات الحماية ستفتح أبواب عودة الأهالي الفارين من المعارك، وقال: «هناك لجان مشتركة من العشائر العربية والكردية لترتيب هذه الأوضاع الإنسانية بعد أن سيطرت وحدات الحماية على تل أبيض، فوصلت منطقة عين عرب - كوباني الكردية السورية بمنطقة الحسكة عبر مدن وبلدات سلوك وتل أبيض ورأس العين والدرباسية وعامودا، وأصبحت بذلك خطوط الامداد اللوجستي لوحدات الحماية سهلة بالاتجاهين وهذا انتصار كبير لوحدات الحماية ولسورية وانهيار لداعش وبقية المنظمات الارهابية». وإن كانت وحدات الحماية ستواصل عملياتها للسيطرة على كامل الشريط الحدودي مع تركيا بهدف محاصرة داعش قال أوسي: «اعتقد أن الهدف القادم لقوات الحماية وحلفائها هي مدينة الرقة. فلينتظر أهلنا وشعبنا في الرقة هذه القوات لتخلصهم من داعش ومن ثم مدينة جرابلس وقد تتطور بصورة دراماتيكية إلى تخوم حلب أيضا». ورفض أوسي تفسير البعض هذا التمدد الكبير للمناطق التي تسيطر عليها وحدات الحماية بأنه مقدمة لتأسيس دولة كردية شمال سورية، وقال: «ليست هناك امكانية لقيام دولة كردية في شمال سورية ومن هنا جاء تأسيس الكانتونات الثلاثة التي يفصلها التواصل الجغرافي ومكونات أخرى من أخوتنا العرب، وأعلنت قيادات الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديموقراطي أنهم يسعون إلى إدارات ذاتية لتعمم هذه التجربة على باقي المحافظات السورية وهي تجربة يمكن محاكاتها بتجربة الإدارة المحلية مع توسيع بعض الصلاحيات لها، وبالتالي ليست هناك أي نية ولا توجد الامكانية أساسا، وتركيا لن تقبل بقيام مثل هذه الدولة والواقع الإقليمي لن يتحمل قيام مثل هذه الدولة». واعتبر أوسي أن تجربة الإدارة الذاتية «يمكن مناقشتها ومحاكاتها مع شيء من الحكم اللامركزي أي الإدارات المحلية وتطويرها وهذا ليس بالأمر الخطأ ومن الممكن مناقشته بعد أن تضع الحرب أوزارها». وحول نتائج الانتخابات البرلمانية التركية وتأثيرها على العلاقات السورية التركية عبر أوسي عن اعتقاده بأن «النظام الأردوغاني الإخواني قد انهار في هذه الانتخابات على أسوار ديار بكر بشكل خاص وبقية مدن ومكونات تركيا بشكل عام، وتلقى المشروع الإخواني خسارة كبيرة وتاريخية بالنقاط بعد أن تمكن حزب الشعوب الديموقراطي من احراز انتصارات كبيرة تمثلت بـ80 نائبا في البرلمان منها أكثر من 50 نائبا من حصة اردوغان مما افقده الغالبية المطلقة وبات أمام خيارات صعبة فاما حكومة ائتلافية مع أحد أحزاب المعارضة واحتمال ذلك ضعيف وسيخسر إذا تم تشكيل مثل هذه الحكومة وسيضطر إلى تغيير سياساته الداخلية والخارجية ومواقفه من الأزمة السورية، والاحتمال الثاني أن يدعو لانتخابات مبكرة وحينها سيتلقى الضربة القاضية، والاحتمال الثالث أن تقوم أحزاب المعارضة بتشكيل حكومة ائتلافية ما سيمثل انتصارا للشعب التركي وللأكراد وللشعب السوري وستتغير نظرة تركيا إلى القضية السورية وتوقف دعمها للإرهابيين وسيمثل ذلك انتصارا كبيرا سيكون له انعكاسات تاريخية مفصلية على الواقع الميداني والداخلي في سورية». وقال: «إن ما حدث في تركيا هو بداية انهيار مشروع أردوغان وسيخرج خلال الأشهر المقبلة من المسرح السياسي التركي وأعتقد أن المظلة الأميركية ترفع عنه شيئا فشيئا». وبصفته رئيسا للجنة المصالحة الوطنية في مجلس الشعب كشف أوسي عن احتمال الافراج عن آلاف المعتقلين السوريين، وقال: «إن نشاط وعمل لجنتنا يبدأ من التوصل إلى تسويات ومصالحات وطنية ويأتي بعدها مباشرة ملف المخطوفين لدى المجموعات الإرهابية المسلحة ومن ثم الموقوفين على خلفية الأحداث ممن لم يرتكبوا جرائم شائنة ضد الشعب السوري»، وأضاف: «لقد بدأنا بهذه العملية عبر الإفراج عن 240 موقوفا (قبل أسبوعين) على خلفية الأحداث بالتعاون مع وزير العدل نجم الأحمد وسيستمر هذا العمل لإخراج دفعات أخرى قد تصل إلى الآلاف إن شاء الله، وهناك دفعة جديدة متوقعة خلال أيام».
مشاركة :