باتت التطورات المتسارعة التي تشهدها أسواق النفط العالمية ومستويات الفائض لديها - سواء كانت نتيجة لانخفاض الطلب أو عدم وجود سقوف إنتاج متفق عليه من قبل كبار المنتجين ومن أعضاء منظمة «أوبك» حالياً - تشجع أسواق الاستهلاك على تكثيف عمليات التخزين لديها بالأسعار السائدة، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على الأخيرة، إلا أنه سيعطي دلالات غير دقيقة عن مؤشرات الطلب الحقيقي الإنتاجي، لاسيما في الفترة الآنية، ما سيؤدي إلى يفاقم التحديات لدول الإنتاج. أكد تقرير شركة نفط الهلال الأسبوعي، ارتفاع وتيرة التخزين لدى أسواق الطلب على النفط؛ حيث تعمل العديد من اقتصادات الاستهلاك، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية على رفع مخزونها إلى 30 مليون برميل من النفط الخام الاستراتيجي مع نهاية النصف الأول من العام الجاري؛ وذلك بهدف مساعدة منتجي الخام المحليين أيضاً؛ إذ يحتوي احتياطي النفط الاستراتيجي لدى الولايات المتحدة على 645 مليون برميل، وهو الأكبر على مستوى العالم. وأوضح التقرير: إن تعارض أهداف الموردين وخطط أسواق المستهلكين قد جاء نتيجة لتفاقم حالة الفوضى الناتجة عن انتشار فيروس «كورونا»؛ إذ تشهد أسعار الخام هبوطاً حراً انحدر بها إلى أدنى سعر لها منذ 18 عاماً. ويتوقع أن تعم التأثيرات السلبية لهذه الاتجاهات على قطاع الطاقة الأمريكي بشكل خاص؛ حيث تتجه شركات النفط إلى خفض النفقات، والاستعداد لخفض العمالة، في محاولة لتلافي المزيد من الخسائر والديون، وبالتالي الدفع بالكثير من الشركات الأمريكية للتخارج من الاستثمارات القائمة. في المقابل، أشار تقرير نفط الهلال إلى أن الهند التي تستورد 80% من احتياجاتها النفطية، تتجه إلى رفع مخزوناتها من النفط السعودي والإماراتي؛ لتعزيز احتياطاتها البترولية الاستراتيجية، والاستفادة من الهبوط الحاد في أسعار النفط التي وصلت إلى مستوى 30 دولاراً للبرميل الواحد؛ حيث تواجه أسواق النفط والأسعار السائدة الكثير من الضغوط على الطلب؛ بسبب تأثير وباء فيروس «كورونا»؛ (كوفيد-19)، وتسجل المخزونات المزيد من الارتفاع منذ رفض موسكو دعم خطط تعميق التخفيض على الإنتاج في إطار منظمة «أوبك+». وأتبع التقرير أنه مع استعداد كبار المنتجين لدى أوبك وخارجها إلى رفع الإنتاج من دون قيود بالرغم من تراجع الأسعار بشكل حاد خلال الأيام الماضية، هناك فرصة كبيرة أمام أسواق الاستهلاك لملء المخزونات بأقل الأسعار. وفي حال استمرت حالة التقلبات الحادة وبقيت الأسعار دون 50 دولاراً للبرميل الواحد، ستتجه العديد من الدول نحو الاستثمار في التخزين، لأن الحصول على مشتقات الطاقة بأسعار متدنية ربما سيعمل على التخفيف من التأثيرات الاقتصادية التي يفرضها انتشار الفيروس على الأداء الاقتصادي لدول الاستهلاك. وأضاف التقرير: إن اقتصادات المنتجين هي المتضرر الأكبر؛ إذ إن الأسعار ليست في مصلحة خطط واستراتيجيات دعم التحفيز الاقتصادي أو مواجهة التداعيات اللامحدودة لانتشار فيروس «كورونا»؛ (كوفيد-19) على الطلب على النفط، وعلى الأداء ومعدلات النمو الاقتصادي المستهدفة. ودعا التقرير إلى ضرورة وجود سياسات واستراتيجيات واتفاقات موحدة ومدروسة؛ للمحافظة على استقرار أسواق النفط العالمية، والخروج من غمة انتشار «كورونا» بأقل الخسائر والتداعيات، وحتى التأثيرات السلبية على الفترة المقبلة، إلى جانب ضبط المعروض في الأسواق لكيلا تغرق في الفوضى.
مشاركة :