هل ينجح الكاظمي في إنهاء أزمة تشكيل حكومة جديدة في العراق؟!

  • 4/12/2020
  • 01:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

المشهدُ العراقي مشحونٌ بالأزماتِ المتلاحقة كانت كلها تدورُ حول الأزمةِ المحورية لعملية اختيار رئيس وزراء جديد يخلف وزارة السيد عادل عبدالمهدي المستقيلة بضغطِ الجماهير العراقية المتظاهرة منذ بداية أكتوبر من العام الماضي، ومن تداعيات انتشار وباء فيروس كورونا والذي كان له تأثيرٌ واضح في تعطيل استمرار حركة التجمعات والتظاهرات الشعبية في ساحات بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية والتي امتدت أكثر من ستة أشهر متتالية. وهو حراكٌ شعبي كان له تأثير على العملية السياسية في العراق فعدلت في مساراتها وفرضت على أي رئيس وزراء قادم ضرورة مراعاة العمل على تحقيق مطالبها. وتتركز هذه المطالب الشعبية في الإسراع بتهيئة الأجواء السياسية لإجراء انتخابات مبكرة خلال عام وإصدار قانون انتخابات جديد يقلص هيمنةَ الأحزاب والكتل السياسية المذهبية على الناخبين وحرية الاختيار ووضع حد لعمليات التزوير والتصدي لضغط المليشيات المسلحة عل الناخب لتغير اختياراته الانتخابية.تضمنت أيضًا المطالبُ الشعبية للمتظاهرين ضرورةَ احترامِ الحقوق العامة التي كفلها الدستورُ العراقي من تهيئة الفرص الوظيفية لكل المواطنين دون تمييز بينهم وتوفير الخدمات البلدية العامة من ماء وكهرباء ونظافة المدن ورفع مستوى الخدمات الصحية والتي بان عجزُها في مواجهة أزمة فيروس كورونا لعدم تجهيز المستلزمات الطبية والدوائية وضعف ونقصان الكادر الطبي المعالج. وقد تراخت الدوائرُ الصحية وأجهزةُ وزارة الداخلية في إنشاء خلية أزمة مشتركة مكونة من كل الجهات المعنية لمكافحة هذا الوباء الخطير وأثر عدم إغلاق النوافذ الحدودية وبالذات مع إيران في تسرب الوباء وانتشاره داخل العراق مع استمرار تدفق الزوار الإيرانيين على بغداد والنجف وكربلاء.وشكلت الأزمة الوزارية المحيط الذي تدور حوله كلُّ الأزمات الخانقة التي واجهت حكومة تسيير الأعمال التي مازال على رأسها السيد عادل عبدالمهدي بعد تدهور أسعار البترول وتزايد النفقات الحكومية لمواجهة حماية المواطنين من عدوى فيروس كورونا وكذلك انعدام وجود المنتج الوطني وإن وجد يتعرض إلى منافسة خانقة من السلع والمنتجات المستوردة من دول الجوار وبالذات إيران وتركيا لأفضلية في الجودة ومرونة السعر المنخفض.فالزراعة والصناعة والخدمات العامة في العراق في حالة متأخرة ومتدهورة لا تحظى بأي دعم حكومي.وتمَّ تكليف السيد مصطفى الكاظمي السياسي المستقل ورجل المخابرات العراقية لأكثر من ستة أعوام والمعروف بوطنيته وحبه للشعب العراقي إذ يحظى باحترام كل الساسة ورجال الدولة وجاء ترشيحه باتفاق معظم الكتل السياسية الشيعية والكردية والسنية أثر ماراثون طويل على سباق مسيرة التكليف الوزاري الثلاثي والذي بدأ بالسيد محمد توفيق علاوي وحين شعوره بمحاصرة الكتل المذهبية له بشأن المحاصصة الحزبية في تقاسم الحقائب الوزارية خرج من الميدان وقدم اعتذاره للسيد برهم صالح رئيس الجمهورية معيدًا الأمانة إلى أهلها.وبعد فترة ترقب وقلق لدى أبناء الشعب العراقي فُوجئوا بتكليف السيد عدنان الزرفي النائب في البرلمان ومحافظ النجف السابق والذي شكل تكليفه هزةً في أوساط البيت الشيعي الذي تحرك ضده وأصدر بيانًا باسم معظم الكتل المذهبية بعدم تأييده والتصويت ضده في البرلمان لوصفه أنه المرشح الأمريكي. ونظرًا إلى عدم قدرته على تغيير مواقف معارضي ترشيحه اقتنع بالنصيحة بسحب تكليفه مقابل وعد من تلك الكتل المعارضة له بمنصب سيادي في الوزارة الجديدة التي سيترأسها مرشحهم السيد الكاظمي.الكاظمي استهل نشاطه السياسي من أجل تأليف التشكيلة الوزارية وبسرعة لتعويض الوقت الذي مضى ضياعًا بين أسلافه علاوي والزرفي وخاطب الشعب العراقي بخطابٍ موجز ومركز لخص من خلاله  برنامجَه الوزاري فوعد المواطنين بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وصادقة النتائج وأن سيادة العراق خطٌ أحمر ولا يمكن أن نتنازل عنها.ولهذا الوعد معانٍ وخطوط عديدة يضعها كل مهتم في الملف العراقي ويرتفع إلى أن يكون مطلبا جماهيريا واسعا لأبناء الرافدين بعد أن دقوا جرس الخطر من تغلغل النفوذ الإيراني في مفاصل الدولة.وأعلن الكاظمي أن حكومته ستكون خادمة للشعب ولن يسمح بإهانة أي مواطن عراقي وسيعمل على تركيز السلاح بيد الحكومة ومؤسساتها العسكرية والأمنية وهذا إيحاء ظاهر لكل المليشيات الولائية التابعة لمكتب المرشد الإيراني خامئني ورسالة إنذار مستقبلية لها.وبشر الكاظمي المواطنين بأن حكومته ستهتم بالزراعة والموارد المائية والصناعة وتنظيم الاستيراد الخارجي وإصدار التعرفة الجمركية لتشجيع الزراعة والصناعة الوطنية.وأكد استقلالية القرار العراقي وأن لا مصلحة إقليمية أو أجنبية أعلى من مصلحة الوطن العراقي وسيعمل على رسم دوائر متساوية في العلاقات الإقليمية والدولية وبالذات مع دول الجوار الإقليمي بعلاقات متوازنة تخدم أولا وأخيرًا مصلحة العراق فقط. ووعد أن تسعى حكومته إلى فتح أبواب الاستثمار في وجه الأشقاء العرب ودول الجوار الأخرى وأن الإرادة العراقية هي المحرك لكل علاقات ثنائية أو إقليمية أو دولية وهذه الوعود الوزارية تحمل رسائل واضحة لدول الجوار بالعراق الجديد.يحمل توافق الكتل السياسية الشيعية والكردية والسنية على ترشيح مصطفى الكاظمي مؤشرا قويا وواضحا بدعم تمرير تشكيلته الوزارية في البرلمان في يوم التصويت بالثقة عليها، وكل عراقي وعربي يتطلع إلى إعلان التشكيلة الوزارية وأسماء وزراء فريق عمل حكومة الكاظمي لأن تشكيلها سيكون حلقة في مفترق طرق من المشهد السياسي العراقي بعد أحداث مصيرية ومتسارعة أثرت على حاضر ومستقبل الوطن العراقي وتنتظر الأمل في عهد جديد تتطلع إليه جماهير العراق العربية الغاضبة على الفساد وسوء الإدارة والعمالة للأجنبي والأمل في تحقيق دولة المواطن واستقلال الرأي والسيادة العراقية وصيانة الموارد المالية والاقتصادية والعمل للعراق ومن أجل العراق.‭{‬ عضو هيئة أمناء منتدى الفكر العربي- عضو جمعية الصحفيين السعوديينalsadoun100@gmail.com

مشاركة :