الكاظمي أمام معضلة تحييد الميليشيات في العراق

  • 4/15/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يؤكد محللون أن تكليف مصطفى الكاظمي برئاسة الحكومة زاد من الانقسام بين الميليشيات في العراق، فهناك من أذعنت لتوافق قادة الكتل السياسية، وهناك من رفضت وعدت الكاظمي ورقة أمريكية وسيقوم بعمليات تحييد واسعة للفصائل المسلحة عموماً، وعدت اختيار الكاظمي نجاحاً لواشنطن بالعراق، ولوّحت بمواقف مشددة في حال محاولته نزع سلاحها. خيار التغطية وتفيد تسريبات من داخل الفصائل المسلحة، بأن قياداتها تلتزم الآن وضع التخفي والخوف من الاستهداف، فيما تبدو مواقعها مكشوفة لأية ضربة محتملة، مع تزايد الشكوك في الاختراق في داخلها، وفي أعلى المستويات، والدليل على ذلك الضربة الدقيقة التي استهدفت زعيم فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ومساعده أبو مهدي المهندس، قرب مطار بغداد الدولي في مطلع العام الحالي. رفض ويكاد يكون الرأي الغالب للمراقبين السياسيين، أن رفض نفوذ النظام الإيراني في الشارع العراقي، بلغ أقصى مداياه، بلجوء القوى الموالية لذلك النظام إلى أساليب القتل والخطف والتعذيب، بشكل شرس، في مناطق حواضنها التقليدية، بمقابل استهجان من قبل حتى المقربين منها، وحتى في داخلها، الذي يشهد انشطارات واسعة. الانشقاق في إيران ويرى المحلل السياسي زيد الزبيدي، أن هناك من يعدون انتفاضة أكتوبر 2019، هي التي زعزعت الولاءات للنظام الإيراني، وهذا صحيح إلى حد بعيد، مع الأخذ بالاعتبار أن الانتفاضة كانت بالأساس نتيجة لتلك الولاءات، التي أوصلت الوضع إلى حد الانفجار. ويقول الزبيدي لـ«البيان»، إن النظام الإيراني كسب أغلب الموالين له من خلال الدعم المالي والسياسي، ولكن الوضع انقلب مع تفاقم أزمات إيران، التي أصبحت تطلب «رد الجميل»، بعد أن أوقفت أو قلصت دعمها للكتل الموالية لها، ما أدى إلى قبول العديد من تلك الكتل بدعم جهات أخرى، ومن بينها الحكومة العراقية، فيما تحولت مواقفها إلى نوع من «الاعتدال الاضطراري»، لكيلا تفقد كل شيء. انعكاس بالداخل العراقي وبحسب مصادر سياسية عراقية، فإن هناك مساعي يبذلها زعيم تحالف «الفتح»، هادي العامري، وشخصيات سياسية أخرى، لوقف التصعيد الإعلامي من قبل فصائل مسلحة، ضد رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، أو محاولة عرقلة تشكيل الحكومة على غرار ما حدث مع رئيس الوزراء المكلف السابق عدنان الزرفي. وفي السياق يشير الزبيدي إلى أن إيران رحبت رسمياً بتكليف مصطفى الكاظمي، إلا أن الفصائل الأقرب منها ترفضه، وهو ما يعيد الحديث عن «وجود صوتين داخل إيران»، الأول متشدد للحرس الثوري، والثاني متفتح للخارجية الإيرانية، في دورها بالملف العراقي، وتحديداً أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، وهذا ما زاد من الانقسام بين الفصائل نفسها، فهناك من أذعنت لتوافق قادة الكتل السياسية، وهناك من رفضت وعدت الكاظمي ورقة أمريكية ستقوم بعمليات تحييد واسعة للفصائل المسلحة عموماً، وعدت اختيار الكاظمي نجاحاً لواشنطن بالعراق، ولوّحت بمواقف مشددة في حال محاولته نزع سلاحها، أو مماطلته في تنفيذ قرار إخراج القوات الأمريكية. تهديدات إلا أن المتابعين للشأن العراقي، يرون أن هذه الفصائل المسلحة ضعيفة، ولا تجد الإسناد البسيط حتى من حواضنها الاجتماعية التي انتفضت ضدها، فيما يؤكد المحلل السياسي، نجم القصاب، أن بيانات الفصائل المعارضة «مجرد استعراض للعضلات، لتظهر أنها الأقوى في المعادلة العراقية، كما تريد في الوقت نفسه توجيه رسالة بأن رئيس الحكومة المكلف لا يمكن أن يمرر من دون التفاهم والتفاوض معها، بشأن مكاسب، تحاول الحصول عليها». ويرى القصاب أن «هذه الفصائل لا تمتلك قوة يمكنها أن تجاري القوات الأمريكية في العراق حتى تشن هجمات عليها، كما لا تستطيع صواريخ تلك الفصائل عبور المنظومة الدفاعية، ولهذا تبقى تهديداتها على المستوى الإعلامي فقط». وتتحدث تلك الفصائل عن «جهود سياسية»، مع الخيار العسكري، الذي «سيتم استخدامه بعد نفاد كل الطرق الدبلوماسية والسياسية لإخراج القوات الأمريكية والأجنبية من العراق». خريطة الولائيين وباستثناء كتائب حزب الله، المزودة أسلحة مهدَّدة بالاستهداف، لا تمتلك بقية الميليشيات قوة تؤهلها لخوض معارك ذات أهمية، إضافة إلى كونها كيانات تجمعها هوية واحدة وتدعمها جهة واحدة، فيما انحازت قوتان أساسيتان إلى المعسكر الثاني «السياسي»، وهما الفتح برئاسة هادي العامري وسائرون برئاسة مقتدى الصدر، وبقيت ميليشيات مجرد كيانات صغيرة، مرتبطة بكتائب حزب الله، وأما ميليشيا عصائب أهل الحق برئاسة قيس الخزعلي، والتي لها تمثيل في الحكومة والبرلمان، فتخضع لأحد خيارين، إما مع «العملية السياسية»، أو الخيار الولائي الصريح لإيران. ويرجح الضابط في الجيش العراقي السابق نافع عبدالكريم، في حديث لـ«البيان» أن تلجأ الفصائل المسلحة عموماً، إلى «الغطاء العراقي»، وأن تضع ترساناتها في معسكرات الجيش، تفادياً لضربات مدمرة. ويقول العميد عبدالكريم، إن هذه الخطوة ستسهل مهمة الحكومة المقبلة في حصر السلاح بيد الدولة، لأن تلك الترسانات ستكون تحت الرقابة العسكرية، التي تسجل أية تحركات لها، وتتجنب تعريض البلاد لفوضى السلاح المنفلت التي تثيرها الميليشيات الموالية لإيران. قبول على مضض وفي ما يتعلق بالحراك السياسي، يؤكد السياسي الكردي محمود عثمان، أن «إيران لم تقبل بالمكلف مصطفى الكاظمي أساساً، إلا على مضض، وهو موقف جسدته بعض الفصائل الموالية لها، والتي تعمل على الساحة العراقية»، مشيراً إلى أن «الانقسام واضح بين الفصائل المسلحة، وأن بعضها أعلنت رفضها رسمياً، وأن هذا الانقسام ستكون له تداعيات على البلاد»، مشيراً إلى أن «انقسام تلك الفصائل سيضعفها بالتأكيد، ولكنه أيضاً سيجعل الحكومة المرتقبة تدور بين محورين لتلك الفصائل وتحاول السيطرة عليهما، وهذا بحد ذاته سيكون استنزافاً لجهد حكومة جديدة».طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App

مشاركة :