يوسف أبو لوز تحدث في وباء كوفيد-19 أطباء، وسياسيون، واقتصاديون، وعلماء أوبئة، ومختبريون، وإعلاميون، والقليل من الأكاديميين، وتخلو من هذه القائمة آراء ثلاثة: عالم الاجتماع، وعالم النفس، والشاعر. أما لماذا الشاعر؟ وما شأنه في وباء يتطلب منه لغة علمية؟ فهذا ما يمكن أن نبدأ به..ينظر الشعراء إلى الكوارث الطارئة على البشرية، كالحروب، والزلازل، والأوبئة، والمجاعات من زاوية وجودية في أغلب الأحيان، أي أن الشاعر في هذه الحالات يتقمّص لغة الفيلسوف، ويستعير شيئاً من عقل المفكر، الأمر الذي يجرّد الشاعر عن طبيعته العاطفية الأدبية.ليس مطلوباً من الشعراء، في زمن كورونا، أن يتحوّلوا إلى فلاسفة أو مفكرين فهؤلاء لهم حقول معرفية يُقاربون خلالها جيداً الوباء وتداعياته.. لهم أكثر من رؤية.. رؤية ما قبل الوباء، ورؤية ما بعد الوباء، ثم الرؤية الكونية لوباء جعل العالم قرية واحدة، وهزّ بعض مصطلحاته ومفاهيمه مثل العولمة وحوار الحضارات، وحوار الأديان، وغيرها من أفكار احتاجت إلى الكثير من العقول الفاحصة المتأمّلة.الشاعر في الأزمان العصيبة يقع في مكان آخر مختلف عن مكان المفكر والفيلسوف، وإن كان يحمل في داخله بذرتي الفكر والفلسفة، إنه يقع في مكانه الطبيعي: الكتابة، وأقصد الشعر، هذا الفن بوسعه أن يطفئ الكارثة، ويبشر بالحياة، وينشر الأمل، ويحنو على الإنسان، ويعده بالجمال والقوّة والتفاؤل.إلى الآن، وفي 100 يوم من العزلة الكورونية لم يكتب شاعر عربي ولا شاعر آخر في العالم قصيدة لها القوّة المتحدية للوباء، أو لها الهزة العاطفية الأدبية التي تلفت إنسان هذه الأرض الكونية الموبوءة، وتجعله قوياً بالشعر.الظرف الاجتماعي العالمي والعالم الذي فرضه الوباء هو فضاء تأمّل حيوي اليوم لعلماء الاجتماع العرب، وغير العرب، لكن هؤلاء صامتون أو أنهم ينتظرون حتى يزول الوباء، ومن بعد يذهبون إلى بحوثهم وتطبيقاتهم الميدانية.عالم الاجتماع يتوازى اليوم في أهميته مع عالم الأوبئة والعقاقير والصيدلة، إذا عرفنا أن بيئات العزل والحجر وعدم التجوال والبقاء في البيت تنتج عنها ردود أفعال هي مرضية أيضاً: الضجر، التوتر، الاكتئاب، العنف وإن بدرجات متفاوتة.. وإلى آخره من نواتج مرضية أدرى بفحصها وتشخيصها عالم الاجتماع.عالم النفس، هو الآخر، ليس بعيداً عن هذه التشخيصات الاجتماعية أو المرضية، ويفترض أن تكون له مقارباته النفسية في مثل هذه الظروف التي تُعلّب العالم، وتحشره في شقة أو في بيت أو في فندق. yabolouz@gmail.com
مشاركة :