في ذكرى رحيله.. لماذا رفض جان بول سارتر جائزة نوبل؟

  • 4/15/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عرف الكاتب والفيلسوف الفرنسي، جان بول سارتر والذي تحل اليوم ذكرى رحيله، بكونه كاتب غزير الإنتاج، ولأعماله الأدبية وفلسفته المسماة بـ"الوجودية"، ويأتي في المقام الثاني، التحاقه السياسي باليسار المتطرف، وكان رفيقا دائما للفيلسوفة والأديبة سيمون دي بوفوار، التي أطلق عليها أعدائها السياسيون "السارترية الكبيرة"، وبالرغم من أن فلسفتهما قريبة؛ إلا أنه لا يجب الخلط بينهما.  ولد جان بول سارتر في شهر يناير عام 1905، في عائلة بسيطة برجوازية، كان والده يعمل بالجيش، ونشأت والدته في عائلة من المفكرين والمدرسين، وكان عمه رجل سياسي، ووالدته ابنة عم ألبرت شوايتزر. لم يتعرف سارتر إلى والده الذي مات بعد 15 شهرا من ولادته، ومع ذلك فقد كان حاضرا من خلال جده، وهو رجل ذو شخصية قوية، والذي قام بتربيته حتى التحق بالمدرسة العامة وهو في العاشرة من عمره. عاش "بولو" الصغير، كما أطلق عليه، 10 سنوات منذ 1907 إلى 1917 مع والدته وعائلتها في سعادة وحب وهناء، واكتشف "سارتر" القراءة في مكتبة البيت الكبيرة، وفضلها عن مصادقة الأطفال في سنه. التحق سارتر وهو في الـ 16 من عمره، بالثانوية، في مدرسة "هنري الرابع"، وهناك تعرف إلى بول نيزان، كاتب مبتدئ، ونشأت بينهما صداقه استمرت حتى وفاته في عام 1940، والتي ساهمت في تكوين شخصيته. برع سارتر في مجال الفكاهة، واستعد بصحبة صديقه نيزان، للمسابقة الخاصة بالتحاق المدرسة التقليدية العليا "بمدرسة لويس لو جران"، وقام في هذه المدرسة بكتابة أول أعماله الأدبية، وخاصة قصتين قصيرتين يحكى فيهما حكايتين مأساويتين لمدرسين في القرية. ويستكمل سارتر في الوقت نفسه كفكاهي مع صديقه نيزان، يمثلان المشاهد القصيرة ويلقيان النكات بين الحصص المدرسية، وبعد عامين من التحاقهما بـ"لويس لو جراند" أصبحا هو ونيزان مشتركان في المسابقة.  تمييز سارتر، بعد فترة وجيزة في "المدرسة المدعوة بالتقليدية والعليا" كما أطلق عليها نيزان، وظل المحرك الأساسي لكل أعمال الشغب التي وصلت إلى اشتراكه بالتمثيل بمسرحية ضد الحكم العسكري في العرض الاحتفالي "بالمدرسة التقليدية العليا" مع زملائه وذلك عام 1927. وكان سارتر يميل إلى معارضة السلطة، كما كان له مكانة كبيرة لدى أساتذته الذين كانوا يستضيفونه في المطعم الخاص بهم، وكان سارتر مجتهد حيث أنه كان يقرأ أكثر من 300 كتاب في العام، ويكتب الأغاني والأشعار والقصص القصيرة والروايات. وكون سارتر علاقات صداقة مع من أصبحوا فيما بعد مشهورين مثل ريمون آرون وموريس ميرلو-بونتى، وبالرغم من هذا لم يكن سارتر يهتم بالسياسة طوال الأربعة أعوام التي قضاها بالمدرسة التقليدية العليا. وأثار رسوبه في مسابقة شهادة الأستاذية في الفلسفة عام 1928 استغراب محبيه، مما جعلهم يشكون في صحة تقييم الحكام، وفاز في هذه المسابقه ريمون ارون بالمركز الأول، وعمل سارتر بجهد كبير من أجل التحضير للمسابقة التالية التي تعرف فيها إلى سيمون دى بوفوار عن طريق صديق مشترك رينيه ماهو، والذي كان يطلق عليها اسم "قندس" ، أطلق سارتر عليها هذا الاسم أيضا كما أنه أصبح رفيقها حتى آخر أيامها، وحصل سارتر على المركز الأول في المحاولة الثانية في المسابقة، وحصلت سيمون دى بوفوار على المركز الثاني. وطلب سارتر، بعد تأدية الخدمة العسكرية، أن يتم نقله إلى اليابان حيث أنها لطالما أثارت اهتمامه، ولكن لم يتحقق هذا الحلم حيث أن تم إرساله إلى "هارف" الثانوية، والتي يطلق عليها "فرنسوا الأول" منذ 1931، كان هذا اختبارًا حقيقيًا لسارتر، الذي طالما أخافته الحياة المنظمة والذي نقد دائما في كتاباته حياة الريفية المملة. لم يكن سارتر مؤلفًا مسرحيًا محترفًا، وبالتالي فقد كانت علاقته بالمسرح عفوية طبيعية، وكان بوصفه مؤلفًا مسرحيًا، يفتقر أيضًا إلى تلك القدرة التي يتمتع بها المحترف بالربط بين أبطاله وبين مبدعيهم، كما كان يفتقر إلى قوة التعبير الشاعري بالمعنى الذي يجعل المشاهد يلاحق العمق الدرامي في روح البطل الدرامي.   تميزت موضوعات سارتر الدرامية بالتركيز على حالة أقرب إلى المأزق أو الورطة، ومسرحياته "الذباب" و"اللا مخرج" و"المنتصرون" تدور في غرف التعذيب أو في غرفة في جهنم أو تحكي عن طاعون مصدره الذباب. في مسرحيتيه الأخيرتين "نكيرازوف"،  و"سجناء التونا" يطرح سارتر مسائل سياسية بالغة الأهمية، غير أن مسرحياته تتضمن مسائل أخرى تجعلها أقرب إلى الميتافيزيقيا منها إلى السياسة. وقد ساهم أيضا في إعطاء الجزائر استقلالها ووقف امام حركة بلاده الاستعمارية وكان قوله المشهور السلام هو الحرية. ومن مؤلفاته، تعالي الأنا موجود (1936)، التخيّل (1936)، الغثيان (1938)، وتخطيط لنظرية الانفعالات (1939)، والخيالي (1940)، والوجود والعدم (1943)، والوجودية مذهب إنساني (1946)، ونقد العقل الجدلي (1960)، وموتي بلا قبور، وجلسة سريه، والشك، غيرهم.  وكان سارتر يرفض دائما التكريم بسبب عنده وإخلاصه لنفسه ولأفكاره، ورفض استلام جائزة نوبل في الأدب ولكنه قبل فقط لقب دكتور honoris causa  من جامعة أورشليم عام 1976.

مشاركة :