طُرِح في دور العرض المصرية أخيراً فيلم «زنقة ستات»، من بطولة حسن الردّاد، إيمي سمير غانم، آيتن عامر، مي سليم، ونسرين أمين، أما الإخراج فلخالد الحلفاوي، والسيناريو لهشام ماجد وكريم فهمي. ينتمي هذا الفيلم إلى نوعية أفلام الكوميديا الرومانسية، حيث لا يخلو العمل من الإيفيهات والمواقف الضاحكة. أما الفكرة العامة للفيلم فتبدو كمفارقة، وتتسم ببعد كوميدي، حيث يتحتّم على الطبيب النفسي علي الجحش (حسن الردّاد)، أن يوقع بأربع فتيات في حبائله، ومن ثم يعدهن بالزواج ويرتب أفراحَ زفاف لكل منهن، قبل أن يهجرهن في اليوم الموعود، ليكسر قلوبهن، وهو إنما يفعل ذلك لإنقاذ أحد مرضاه المصابين بعقدة نفسية من النساء، وتحديداً من هؤلاء الثلاثة لأنهن جميعاً رفضن ذلك المريض عندما تقدم للزواج منهن، الذي لن يُشفى إلا عندما يكسر قلوب الفتيات اللواتي كسرن قلبه. الأفكار الغائبة الفكرة العامة خفيفة ومرنة وتحتمل بذر مساحات كبيرة من الكوميديا، إلا أن الكوميديا في «زنقة الستات» لا تناقش أي أفكار تقريباً، ولا تقارب قضايا بعينها، هي فقط تدور حول مسائل مثل الإسلام الأزهري الوسطي مقابل الإسلام الراديكالي السلفي، أو تستخدم مسألة اجتماعية مثل الفتيات اللواتي يجبرهن الأهل على امتهان أعمال يسوّقن فيها جمالهن وأجسادهن، من دون حفر حقيقي في تلك القضايا. ومع هذا فإن «زنقة ستات»، وعلى رغم أنه حمل التوليفة المصرية المعروفة للفيلم التجاري، إلا أنه استطاع بشكل أو بآخر انتزاع الضحكات، بل وربما تمكّن من لفت نظر المشاهد إلى موضوع القصة وتشابكاتها، على رغم أن تلك القصة خلت من الانعطافات الحادة أو المفاجآت الدرامية بل حتى يمكن القول إنها جاءت مترهلة إلى حدٍ ما. ومع هذا على رغم أن في استطاعة المشاهد توقّع سير الأحداث قبل نهاية الفيلم، فإن الخفة التي قُدّم بها الفيلم، وربما القبول الجماهيري الوافر الذي يتمتع به بعض ممثلي العمل، مثل «الكوميديانة» المتألقة إيمي سمير غانم، وكذلك آيتن عامر، والممثلة الواعدة نسرين أمين، والاكتشاف المتأخر بيومي فؤاد، الذي - على عكس حسن الرداد -، استطاع أن يثبت تنوعه وقدم صورة كوميدية خفيفة، من دون أن يبقى متكلّساً في موقع البطل الوسيم، لعبا دورهما الإيجابي في نجاح الفيلم. وربما يمكن القول هنا إن أحد الملامح التي برزت في كوميديا العمل، كان تلك الإسقاطات الساخرة الموجهة لفنانين آخرين، واستثمار شهرتهم لصالح الفيلم ونهجه الضاحك، حيث تناول «زنقة الستات» بعض الإيفيهات عن صابرين، فيفي عبده، دنيا سمير غانم، بل وأحمد السبكي نفسه، منتج الفيلم، الذي يظهر في الفيلم بشكل عابر في إحدى الأغنيات، وكذلك يرد اسمه كذلك في كلمات الأغنية. هذا اللون من الكوميديا، الخفيفة، مع الاختيار المناسب لموعد العرض في مطلع الموسم الصيفي، وقبل كل ذلك التوليفة السبكية المضمونة، القائمة على تقديم دراما خفيفة تتخللها أغنية ورقصة والكثير من الضحك، كل هذا ضمن للفيلم موقعاً متقدماً بين الأفلام الأخرى المطروحة في دور العرض المصرية، مثل «كابتن مصر»، «عزازيل»، و»كرم الكينج». لكن كل ذلك لا يمنع حقيقة أن القصة وعلى رغم قدرتها على الإضحاك، وتحقيق أرقام جيدة وفقاً لشباك التذاكر، جاءت مهلهلة بشكل أو بآخر، اعتمدت على غرابة الشخصيات، وفرادتها كنماذج إنسانية معوّقة لدرجة الإضحاك، أكثر من استثمارها للدراما وحبكة القصة المطروحة. وفي هذا السياق تجدر الإشارة مثلاً إلى دور العم جلال الجحش «بيومي فؤاد»، والذي كان يمكن الاستغناء عنه بسهولة، من دون أن يختل نسيج الفيلم، أو تفقد القصة جزءاً من تكوينها. على أية حال فإن أسماء الممثلين المشاركين، وكذلك طريقة أداء كل منهم، وما تحمله من بصمة شخصية، أو حتى صورة ذهنية للممثل منطبعة مسبقاً في ذهنية المتفرج، كانت عوامل أسهمت في أن يمر الفيلم في شكل مقبول، في افتتاحية خفيفة للموسم الصيفي، مثلاً، تقدم إيمي سمير غانم في «زنقة ستات» شخصية لبنى، الفتاة الدميمة التي تحب من طرف واحد وفي صمت، ولا تثق في نفسها كأنثى بسبب افتقارها إلى الجمال، وهو ما سبق وقدمته في مسلسل «هبة رجل الغراب». والأمر نفسه يسري على آيتن عامر التي قدمت شخصية الفتاة المحجبة المتعلمة المتحفظة كأغلب فتيات الشريحة الأدنى من الطبقة الوسطى، في مسلسل «السبع وصايا»، وكذلك الحال بالنسبة لبيومي فؤاد، ونسرين أمين، وإن كانت هذه الأخيرة قد طورت شخصية جديدة من أدوارها السابقة. في المجمل، حالف التوفيق المنتج «أحمد السبكي» مجدداً في تسيّد شبابيك التذاكر، وذلك لا يرجع لنوعية العمل المطروح من ناحية كونه توليفة تجارية أو كليشيه آمن وفعّال فحسب، لكن كذلك في اختياره لفريق العمل، لا سيّما الممثلين الذين شكلوا فريقاً «مهضوماً»، قدم في المجمل فيلماً يمكنه على الأقل، المنافسة في شبّاك التذاكر.
مشاركة :