موائد الرحمن تكافل اجتماعي عمره ألف عام

  • 6/20/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - الخليج: تحفل موائد الرحمن التي تنتشر في مختلف المدن المصرية طوال شهر رمضان، بما لذ وطاب من الأطعمة والمشروبات، في طقس سنوي أصبح أحد معالم الاحتفال بالشهر الفضيل، بل إن كثيراً من منظمي هذه الموائد يحرصون على خدمة روادها بأنفسهم، ويتناولون معهم في معظم الأيام طعام الإفطار، في واحدة من أبرز تجليات التكافل الاجتماعي بين المصريين. ويرجع مؤرخون بداية نشأة موائد الرحمن إلى زمن أحمد بن طولون، أي قبل حوالي ألف عام، عندما أقام في أحد أيام رمضان حفل إفطار ضخماً، دعا إليه الأعيان وكبار رجال الدولة وتجار المحروسة، وعندما وصل المدعوون إلى الحفل، إذا بهم يجدون إلى جوارهم عدداً كبيراً من الفقراء، حضروا بدعوة من الأمير الذي أبلغ الجميع أن المائدة ستستمر طوال أيام الشهر الفضيل، لاستقبال الفقراء والمساكين وعابري السبيل، قبل أن يطالب الأعيان وكبار التجار بالاقتداء به، فاستجابوا لطلبه، لتتحول الموائد منذ ذلك التاريخ إلى عادة رمضانية في مصر، ومنها انتقلت إلى بعض الدول العربية والإسلامية. ويقول المؤرخ تقي الدين المقريزي إن هذه المآدب ظهرت للمرة الأولى في عصر الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، الذي كان أول من وضع تقليد الإكثار من المآدب الخيرية في رمضان، ويقول إن المعز هو أول من أقام مائدة للفقراء، إذ كانت تخرج من قصره وحده أكثر من ألف ومئة قِدر، تضم مختلف ألوان الطعام لتوزع على الفقراء. وتقدر دراسة حديثة عدد رواد موائد الرحمن في مصر، بنحو عشرة في المئة من مجموع السكان، ما يعني أن نحو تسعة ملايين مصري أو يزيد قليلاً، يرتادونها، وتقدر الدراسة ذاتها عدد منظمي هذه الموائد بما يزيد على عشرين ألف شخص، ينفقون ما قيمته ملياري جنيه على الطعام والشراب المقدم للصائمين طوال الشهر الفضيل، حيث تنفق العاصمة وحدها على تلك الموائد نحو مليار جنيه سنوياً. وتحرص العديد من الجمعيات الأهلية على تنظيم موائد لها ولكن بطريقة مبتكرة، بتوصيل طعام الإفطار للفقراء والمعوزين حتى منازلهم، ويقول خالد بديوي أحد مؤسسي جمعية ولاد البلد في محافظة الإسماعيلية، إن الجمعية التي تضم العشرات من الشباب، وتوزع طوال الشهر الفضيل ما يزيد على خمسة آلاف وجبة، على المعوزين في بيوتهم، مشيراً إلى أن العديد من أهالي المدينة يتبرعون بمبالغ مالية ضخمة قبيل شهر رمضان من أجل المشاركة في تلك المائدة التي توصل طعامها ساخناً للمحتاجين، على غرار خدمة الديليفري التي تقدمها المطاعم الكبرى.

مشاركة :