حينما تشتد الأزمات تظهر المعادن، وبينما يرى البعض في الأمور من قتامة، فإن السرور في الفؤاد يجب أن ينجلي، والآمال أن تتسع، مهما ارتفع سقف اليأس لدى البعض.. وفي ذلك عجيب الأمر، فبالرغم من تلك الأزمة العالمية التي تجاوز مداها أفق التوقعات، إلا أن لـ"كورونا" فضل في كشف حقائق عدة أمور.تترأس هذه الحقائق، تلك التقارير الدولية من مؤسسات الائتمان والتمويل العالمية، التي لطالما لا تتوقف عن الإشادة بمجريات الوضع الاقتصادي المصري من جهة والإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية لمواجهة أزمة كورونا من جهة ثانية، ومواقف مصر "الدولة بقيادتها السياسية ومؤسساتها وحكومتها وشعبها" في مد يد العون للدول التي تحول فيها الفيروس إلى وباء أشبه بالطاعون المدمر.وفي هذا الأمر، علينا أن نتوقف أمام عدة نقاط، أولاها: تلك النظرة السوداوية التي كان البعض ينظر بها أمام إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي – رغم قساوتها- إلا أننا لم ندرك صداها إلا في ظل تلك الظروف العصيبة التي نمر بها، فلولا تلك النظرة الثاقبة لمستقبل يحمل أثقالًا، ما كنا الآن نعيش بهذه الأريحية من توافر كل السلع الإستراتيجية والمواد الطبية والملاءة المالية لمواجهة هذه الأزمة الكبرى التي نعيشها ليس بمعزل عن العالم. ولعل حديث الرئيس السيسي، منذ بدء الأزمة، ورسائله التي تبعث بالطمأنينة من عدم الخوف والخشية من أي شيء، لا تأتي من قبيل المصادفة، وإنما من خلال برنامج موضوع مسبقًا للتعامل مع تلك الأوضاع التي قد تصيب المجتمع بشكل فجائي ودون مقدمات.وبينما تأتي الإشادات المستمرة من قبل منظمة الصحة العالمية، بتلك الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، إنما تحمل في بواطنها حقائق يجب أن تتكشف، لعل أبرزها، ذلك الاتجاه الجديد التي تنتهجه الدولة المصرية بخطط واضحة ومحددة ومرتبة دون عشوائية في اتخاذ القرار أو التعامل مع الأزمات، كما كنا نعيش في سالف عقودنا.. فلنطمئن.الأزمة أيضًا كشفت معدن الدولة المصرية، التي لا تتوقف عن مساعدة الغير، طالما كان باستطاعتها، وفي هذا استمرار لنسق تاريخي لبلادنا، فليست تلك المرة الأولى، لكن التغير في أنك تساعد الكبار، الذي ما ظننا يومًا أن نفعلها، لكنها مصر الكبيرة القائدة الرائدة، والتاريخ لن ينسى مواقفها، وفي هذا الأمر تعامل الرئيس السيسي، بإنسانية معهودة عنه، مع الأزمة في دعم الدول الصديقة، بعيدًا عن لغة المصالح الدولية التي لا تعرف للإنسانية طريقًا. وبكل عزة، علينا أن نفخر بأن لدينا قوات مسلحة تقف صامدة دائمًا في مواجهة الأزمات التي تواجهها بلادنا، فهي تتعامل معها على أنها حرب، وجيشنا لا يعرف للغة الهزيمة طريقًا بل لغة المواجهة والحسم، فجيشنا كان له دور بارز في مواجهة تلك الأزمة عبر توفير المستلزمات الطبية اللازمة لحماية أبنائه من الشعب، وأسهم في تعقيم وتطهير الشوارع والمؤسسات، كما لا يجب أن ننسى تلك العين الساهرة ممثلة في جهاز الشرطة الوطني المخلص، الذي يصارع أبناءه من أجل تنفيذ إجراءات الدولة لحماية شعبها من خطر الفيروس من جهة بيقظة تامة من جهة، ويحاربون الإرهاب ويقطعون دابره بإجراءات استباقية أكثر من رائعة، من جهة ثانية.من بين الأمور المضيئة في هذه الأزمة، هي حالة التكاتف المؤسسي من جانب مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ورجال الأعمال الشرفاء، ولعل ثناء رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي على موقف مؤسسات المجتمع المدني لدعمها للعمالة غير المنتظمة، يؤكد أن لدينا منظومة عمل متكاملة تضمن لنا أن نظل ثابتين على مواقفنا في دعم بلدنا الحبيب. لكن يظل المحور الأساسي في التعامل مع أي أزمة هي المواطن، الذي أضحى عليه الالتزام بالإجراءات الوقائية التي تنتهجها الدولة المصرية للحد من انتشار فيروس كورونا، وعليه أن يدفع بالثقة في قيادته السياسية ودعمها مواجهة أي أمر طارئ يواجه بلاده، لكنه وبالرغم من الإشادة بالتزام فصيل كبير من المواطنين، إلا أن البعض لم يستثره خطر ما فيه العالم، ويتعامل مع تلك الأمور بهوان يستدعي لغة العجب.
مشاركة :