غادة فوزي تكتب: كورونا.. شبح مجهول

  • 6/2/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

منذ فترة طويلة اجتاح العالم شبح مجهول لا يدرك بالحواس، ثم أصبح ذلك الشبح المتحكم في كل شيء دون أي مجهود يذكر ليحظى بتلك السُلطة، اختل النظام العام بأكمله ليخضع تمامًا لما تفرضه سُلطته، ألا وهو فيروس كورونا أو كوفيد-19، تأثرت الحياة بشكل لا يخفى على أحد، وكذلك الاقتصاد العالمي، ولكن هناك خسارة كبرى تكمن في فرض الحجر الصحي على الجميع، أي فرض اللاجتماعية على الإنسان، قد لا يتأثر كل شخص بنفس الكيفية لاختلاف الطباع والشخصيات ولكن بالتأكيد ما يجب أن يتفق عليه الجميع هو أن العزلة عندما تصبح إجبارية تفقد كل مميزاتها وتصبح عزلًا وسجنًا خانقًا على أصحابها، لأن دائمًا كل ما هو ممنوع مرغوب كما جرت العادة.ولا يخفى علينا جميعا ما رأيناه أثناء فترة تفشي الكورونا ولزوم الكثيرين لبيوتهم ومنع رحلات الطيران بالكلية تقريبا وإغلاق للمصانع وما شابه وانعكاس ذلك على الطبيعة من انخفاض معدلات التلوث البيئي ،والهدوء الذي كسى رقعا كثيرة من الأرض والكائنات التي بدأت تظهر وتزاول نشاطها بحرية بمأمن من البشر، وإن كان لا يزال البعض يمارس قهرا على الآخرين ،لكن يبدو في المجمل أن الأرض تتعافى وأن البشر وجدوا ما يشغلهم عن النكاية بالآخرين وبأنفسهم !الشاهد في الحديث هو أن الأرض لم تشهد كائنات عاثت فسادا وإفسادا قدر البشر فالكائنات التي سبقت البشر على الأرض تركتها كما تسلمتها ،كارثة طبيعية قضت عليهم فانقرضوا في استسلام وسلام.ثم تأتي الرسالة أو جرس الإنذار سمه ما تشاء ليبعث رسالة لكل بشري ولكل سلطة بالأخص ليكشف قدر السواد الذي يكتنف العالم ،حجم السوء الذي تغلغل في كل شبر وطال كل كائن وكل جمادٍ في هذه الحياة.إن المصائب لا تحدث سُدى ،هذا ما أؤمن به ،إذا اعتبرنا أن جائحة كورونا هي مصيبة للإنسان فربما هي هدية للمخلوقات الأخرى أو عطية للأجيال الآتية ستُصلح حال الكوكب قبل وصولهم !إن الإنسان لا يستفيق إلا حال المصيبة حتى إذا كُشفت عنه تلك المصيبة نسي ما كان قد عاهد عليه نفسه وغيره ،إنها طبيعة الإنسان الذي ينسى دائما ،لذا إذا تأملنا أن يتعهد الإنسان تعهدات جديدة لصالح البيئة ولصالح أخيه الإنسان أولا ،على الأغلب سينسى ما إن يمضي وقت بعد ان تنقضي الجائحة ،إلا أن الزمن لم يعد في صالحنا.فالعقود الأخيرة من حياة الأرض شهدت انفجارات نووية وتسربات لمواد بترولية في مياه المحيطات والبحار ،وارتفاعات في المركبات الضارة في الهواء حولنا ،هذا كله بخلاف الظلم القهر الذي تمارسه السلطات والنظام الرأسمالي الذي يقدس المادة ولا شيء غيرها !إن الولايات المتحدة طوال سنوات مضت كانت تقذف فائض القمح في المياه لتحافظ على سعره في السوق ،وكذا تفعل دول أخرى في مواد غذائية، الآن يبكي الإنسان ويتأثر وهو يرى المحاصيل الزراعية تعدم لضعف الاستهلاك إثر الأزمة ،فهل يعي العالم بعد ذلك قيمة النعم ويكف عن هدرها لأجل المادة .لن تنفعنا المادة بعد ذلك إن الكورونا رسالة لمن يعي، تذكرة للإنسان إن كان له قلب ،تذكير لإعادة النظر في أمور كثيرة ،بل ليسأل كل فرد في هذه الأرض نفسه ،ماذا أفعل وكيف يؤثر فعلي على المجتمع حولي وعلى الحياة في جُل الأرض.تذكر أيها الإنسان ،الخسارة التي سببتها وتسببها وباء الكورونا ،ربما تكون لا شيئ إذا لم نستفد من الدرس ونمحص أفعالنا ونغير سلوكياتنا ،صحيح ان ثمة خسائر كبيرة لحقت بالبشر على اختلافهم ،إلا أنها السنة الكونية لا شيء بلا مقابل أو ثمن ،علينا فقط أن نعي الدرس.الوباء سينتهي ،لكن إن ينتبه البشر ربما لا ينجو حي على هذا الكوكب من كوارث لاحقة سيكون الإنسان هو المتسبب فيها على الأرجح ..

مشاركة :