يوسف داغر.. المؤلف الموسوعي

  • 6/20/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يوسف أسعد داغر كاتب وأديب يعد دارساً تاريخياً متخصصاً في تراجم الشخصيات الأدبية والمعرفية، العرب في العصر الحديث، مدرجاً الأدباء والشعراء وكُتاب الثقافة والمعرفة والفن والأدب والشعر، كأحمد شوقي وجبران خليل جبران وطه حسين وعباس محمود العقاد ومصطفى لطفي المنفلوطي ومعروف الرصافي وبدوي الجبل وأبي القاسم الشابي وأم كلثوم، وعلى الرغم من ذكره وتراجمه للأعلام في العصر الحديث من خلال موسوعته الكبرى (مصادر الدراسة الأدبية) إلا أن ثمة تفاوتاً في ترجمته لبعض الأدباء والأعلام من العصور القديمة كأكثم صيفي والبحتري وحتى الإمام البخاري نجد له ترجمة من خلال هذا القاموس العظيم الذي يشكل منهلاً تراثياً لكل باحث يود معرفة أو معلومة أو فكرة عن علم من الأعلام أو أديب من الأدباء أو مفكر من المفكرين أو شاعر من الشعراء. ولقد تناول المؤلف الموسوعي يوسف أسعد داغر في موسوعته هذه سير الأعلام بوصف عام وتناول إجمالي معتمداً على المصادر والمراجع التي تناولهم كما يذكر مؤلفات وآثار هؤلاء الأعلام إلى جانب المعلومات والفواصل والأفكار عنهم، خاصة إذا علمنا أن المؤلف متخصص في علم المكتبات والببليوغرافيا وعلم التوثيق وحاصل على شهادة الماجستير في الأدب والتاريخ من جامعة باريس بفرنسا. وعلى ضوء هذه العلوم والخبرة فيهما سار يوسف داغر في دراساته الأدبية والتأليفية والتاريخية في موسوعته الشاملة للأدباء والعلماء والباحثين والمفكرين وذوي الفن وهذا لعمرك عمل جبار وتفعيل معنوي منير للطرق المؤدية إلى تحصيل المعرفة عن شخصيات الأمة قديمها وحديثها، والكتاب يشتمل على خمسة أجزاء في مجلد واحد كبير نيّف على الألف صفحة، ومفهرس للأعلام الوارد ذكرهم وشامل للمصادر والمراجع في ثنايا هذه الموسوعة الكبرى. وقد عُني المؤلف الداغر بذوي العلوم والآداب والفنون في عرض التاريخ وساحة الأدب ومجال الثقافة بوصفٍ عام، ولقد ولد هذا الرجل المثقف والكاتب البارز في خواتيم القرن التاسع عشر في إحدى قرى لبنان وتوفى سنة 1981م هناك، ويبدو أنه كان في سلوكه العلمي والعملي يمشي ويسير بتؤدة كما كان عالماً وعاملاً بصمت، كل ذلك في مسيرته الأدبية والفكرية ومساره الثقافي الذي يدخل في إطاره المسرحي والأدبي والفني، أعمال ليوسف أسعد داغر الذي يكاد بموسوعته الأدبية أن يتم إماطة اللثام على أعماله المسرحية والفنية وأنا زعيم بأن موسوعة (مصادر الدراسة الأدبية) التي نحن بصددها هي ما تبقى ليوسف أسعد داغر من علوم وآداب وفنون. وقد وفر هذا الموسوعي للباحثين العناء في البحث التراجمي عن الأعلام قدامى وجدد، وهو عمل شاق لوحده وممتع في ذات الوقت، شاقاً في التأليف العلمي والمعرفي وماتع للإحساس والشعور النبيل لأنه يحسس المتلقي بالفوائد العلمية كما يشعر القارئ بأن هذا الموسوعي قد بلغ الغاية في جمع المعلومات والمعارف المسوغة لبناء التراجم الشخصية أدبياً وشخصياً وفكرياً بحيث يؤسس هذا البناء التأسيسي من شغل وعمل في إطار العلم والأدب لذوي الفكر والمعرفة والثقافة. ولقد مر تاريخنا الأدبي والمعرفي على شخصيات ومؤلفين موسوعيين قديماً وحديثاً أمثال: ابن خلكان وابن حجر وابن كثير في الأولين، ومحمد فريد وجدي وخير الدين الزركلي وعمر رضا كحالة وشاكر مصطفى في العصر الحديث، كلهم يؤلفون بأنفسهم لا يشركهم أحد، فسموا بالموسوعيين الوحدويين، هكذا أصفهم لغزارة علمهم فهم فطاحل وعباقرة في التأليف الموسوعي أضف إليهم أحمد عطية الله ومحمد عزة دروزة إلخ.. إن العمل الموسوعي إنجاز للعلم النافع والمعرفة الصائبة والرؤية الثقافية البعيدة المدى، والنظر الثاقب في دنيا الأدب وعالم المعرفة وساحة ومكتبات الكتب. وعلى الرغم من اختصار المعلومات في سيرة كل علم من أعلام هذا القاموس والمعجم التراجميين فحسبه أن إجماله غير مخل واستطالته في بعض سيره غير ممل ولذلك فسيرة كل شخصية ماثلة للقارئ بقامة من المعارف والرؤى أو الرؤية المعلوماتية التي تشكل ثقافة أدبية وفكرة إنسانية عالية، تدرجه نحو تاريخ الأعلام في هذه الأمة البشرية من خلال ما تركوا من العلم والعمل المعنوي والأدبي وبالفعل فنجاحهم وارد وهذا الجهد نافع إذ أنجز يوسف داغر بعمله الموسوعي هذا، إنجازاً بارعاً وعملياً آخر في تاريخية الأدب والأدباء والثقافة والمثقفين وفكر المفكرين، ذلك كله إحصائية لا عدداً فحسب بل عدد معنوية غنية بالعلم وثرية بالمعرفة ويقول ناشر مكتبة لبنان لهذه الموسوعة: (إن المؤلف كان يتتبع المستجدات من المعلومات لأنه نوى إلى توفير موسوعة من الدراسات المستندات والبحوث الموثقة، يستطيع معها دارسو الأدب ومؤرخوه والمتتبعون لشتى مظاهره، ومناحي تياراته الفكرية اعتمادها لما تحفل به من أصول ومصادر ومراجع) إ.ه قول الناشر. وحديث الناشر هذا يلوّح إلى مرمى بعيد ليؤكد المسار العام للمؤلف في هذا المعجم الشخصاني، وأن هذا المسار هو الباعث لتأصيل موسوعته علمياً وثقافياً وأدبياً، وكعادته في ترصد الأعلام قدماء ومحدثين فإن الداغر مستمسك بمنهجه العلمي والأدبي بل التاريخي كذلك، وهذا مؤدّاه الحرص على شمولية النهج والعمل في هذه الموسوعة الغالية معنىً ومبنى، لهذا أقر الرجل بفعله الموسوعي وأنه قد أصر تحميلها أي موسوعته: = مصادر الدراسة الأدبية = أكثر من علمٍ ومعرفة، ومن تاريخ وتسجيل المعلومات والبيانات والمواقف الثقافية التي حشدها فيها. إنّ التأليف الفردي كتأليف الموسوعات أو المعاجم والقواميس شأن ينبغي على صاحبه التؤدة المعنوية والاتساع في المعلومات ومداراة هذا الوسع والتوسيع في الفقرات المؤلفة داخل المعجم، وكذا أنهر الصفحات من خلال الطرح العام لذلك قيّظ الله العليم الخبير للعلم أهله خلفاً عن سلف وكابراً عن كابر، كي ما تقم دنيا العلم هذا وعالم المعرفة وساحة الأدب التاريخي في السبيل إلى الانتفاع بالرأي العام العلمي الذي طرحه معاشر الأدباء والعلماء والمؤرخون والمفكرون على مر العصور والدهور قديماً وحديثاً، في مناهجهم ونظمهم التأريخية والتسجيلية وتدوين الأحداث بالتاريخ. ولكن للموسوعة رجالا حاملي أقلام ولهم في العلم باع ومقام، حيث توجد في أنفسهم همم وعزائم أو كما قال المتنبي: على قدر أهل العزم تأتي العزائم الأمر الحاسم للمشروع المعنوي والعلمي في سبيل التأليف والمصنفات للكتب والدواوين الشعرية والأدبية والمصنفات المعرفية والكتابات الثقافية ونحن نجد الداغر رحمه الله من هؤلاء الموسوعيين الذين حملوا على عواتقهم هل الحمل العلمي وهو يذكر بالمتنبي مرة أخرى وذلك في قوله: إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام ولكنه التعب المريح معنوياً والمشرف قيمياً ولا يقف هدف المؤلف الموسوعي عند حد العلم وحده بل وصل إلى هدف آخر وهو هدف تربوي وهدف أخلاقي وأهداف جمة أخرى تستند على تربية العقول والعلوم في الصدور من وراء موسوعته وذلك من شيم العلماء وقيم الفضلاء في حب العلم وأهله -لعمرك- في سبيل وطريق مستقيمين يدخل في هذه المجالات الأدب العربي، والفكر الديني والثقافة العامة الإنسانية منها والاجتماعية إنه ود العلم وأهله، ورجاء المعرفة ومعشرها ولله في خلقه شؤون.

مشاركة :