«غاز شرق المتوسط».. صراعات واتفاقات

  • 4/19/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد منطقة الشرق الأوسط أجواء ساخنة متوترة منذ الإعلان عن الاتفاق العسكري والبحري بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج في نهاية العام الماضي، فالاتفاق بدا أشبه بصب الزيت على النار، ومحاولة إعادة شبح الإمبراطورية العثمانية إلى المنطقة، وتحدي القوى الإقليمية والعالمية والقانون الدولي. وفي هذا الإطار، أكد خبراء قانون وسياسيون أن اللجوء إلى التحكيم الدولي في حل النزاع حول غاز شرق المتوسط يتطلب توافقاً وتراضي جميع الدول المتنازعة، وشددوا على أن أي قرارات تصدر بعد ذلك تكون ملزمة لجميع الأطراف، أولها التحكيم بعدم قانونية الاتفاق التركي الليبي، غير المعترف به في الأمم المتحدة. والتحكيم الدولي المقصود به نظر نزاع بين طرفين، على أن يتفقا على الجهة التي سيلجآ إليها ويطبقا القانون المعمول به، ويقوم على مبدأ سلطان الإرادة، أي لا بد من وجود إرادة لدى المتنازعين للجوء إليه. سيناريوهات مطروحة تقول الدكتورة هايدي فاروق، مستشار قضايا الحدود والسيادة الدولية والثروات العابرة للحدود، إن هناك سيناريوهات عدة ممكن أن تحدث في حال اتفاق الدول على اللجوء إلى التحكيم الدولي في شرق المتوسط. وأوضحت لـ «الاتحاد» أن النتيجة الأولى هي أن التحكيم سيصل إلى عدم قانونية الاتفاق التركي الليبي وعدم وجود أساس قانوني له، كما يؤكد أن لمصر حقوقاً أبعد من التي حصلت عليها الآن. ويمس اتفاق أردوغان- السراج بشكل رئيس الحدود البحرية بين دول شرق المتوسط التي تضم اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل وفلسطين وليبيا. ومن جانبه ، قال الدكتور محمد الزبيدي أستاذ القانون الدولي الليبي إن رفع أزمة دول شرق المتوسط يتطلب اتفاق جميع الأطراف كشرط أساس للتحكيم الدولي في الأمم المتحدة، لافتا إلى أن توافق كل الأطراف أمر غير مضمون. وشدد لـ «الاتحاد» على أن الدول المتضررة من التصرفات التركية، يمكن أن تلجأ إلى محكمة العدل الدولية لطلب حكم تحفظي من استمرار الوضع الذي تم الاتفاق عليه بأنه قد يؤدي إلى إجراءات وعواقب وخيمة. وأشار أستاذ القانون الدولي الليبي إلى أنه على سبيل المثال يمكن لجوء قبرص إلى محكمة العدل الدولية لطلب حكم تحفظي على اتفاقية تركيا مع حكومة السراج باعتبارها تؤدي إلى عواقب لا يمكن تداركها في المستقبل، موضحاً أنه بناء على هذا الطلب تصدر المحكمة حكماً بوقف الاتفاقية. كما أكد الدكتور سراج حسين أستاذ القانون الدولي المصري مجدداً على أن اللجوء إلى التحكيم الدولي يشترط اتفاق الدول المتنازعة، وأشار لـ«الاتحاد» إلى أنه في حال الاتفاق على اللجوء للتحكيم يصبح الحكم الصادر ملزماً، وينفذ ويحترم من قبل الدول الأطراف. خلافات متعددة وأكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة أن هناك العديد من السيناريوهات لحل الخلافات ونزاعات شرق المتوسط، منها اللجوء للقضاء الدولي أو التحكيم الدولي أو محكمة العدل الدولية وهو ما يصعب لاشتراط اتفاق جميع الأطراف المتنازعة على ذلك. وأوضح لـ«الاتحاد» أن هناك الحالة اللبنانية - الإسرائيلية وصراع على ما يعرف بـ«بلوك 9»، والخلاف الإسرائيلي- الفلسطيني على حقل مارين والحقول المجاورة، وصراع قبرص اليونانية وقبرص التركية، وأيضا قبرص التركية وإسرائيل وما بين سوريا وإسرائيل وما بين تركيا واليونان. وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن هذه الصراعات ثنائية وثلاثية ولابد من توافق الأطراف كافة على التحكيم، موضحا أن أي خلافات من الممكن أن يتم حلها من خلال منتدى غاز المتوسط الذي تم إنشاؤه بين الدول المعنية بصفته منتدى يضم هذه الدول ويدخل في حل النزاعات على مستوى إقليمي أو دولي، لكنه أشار إلى ضرورة ترسيم الحدود الدولية بين الدول قبل ذلك. تركيا تخسر وقال حسين خضر نائب رئيس الأمانة العامة للاندماج بالحزب الاشتراكي الألماني، إن التحكيم الدولي لن يكون لصالح تركيا وأيضا سيحجم من وجود حل عسكري لأزمة شرق المتوسط. وشدد في تصريحات لـ«الاتحاد» على أن الجميع متفق على أن تركيا ليس لها حق في شرق المتوسط، لكنها تحاول بأي طريقة أن تستولي على احتياطي غاز ومكتسبات دول محيطة في المنطقة. وأوضح خضر أنه تم تحذير تركيا مرارا وتكرار من دول أوروبية عدة من استيلائها على مقدرات دول أخرى، بالمخالفة لقواعد القانون البحري ولعدم وجود حدود بينها وبين ليبيا وأيضا تعدت على الجرف القاري لجزيرة كريت اليونانية. ولفت إلى أن تركيا تهدف من خلال ممارساتها إلى أن تكون لها أي حصة في غاز المتوسط، وأصبح موقفها صعبا بعد ثبوت نقلها لمرتزقة من سوريا إلى ليبيا لاستمرار النزاع. وأكد أنه في حال اللجوء للتحكيم الدولي سيتم الرجوع لصور الأقمار الاصطناعية وسيكون من الواضح أيضا أن الأجزاء المتعدى عليها غنية بالغاز وتعود ملكيتها لدول أخرى، وأن تركيا قامت بالاستيلاء والتعدي على أراضي وسرقة حقوق دول أخرى. قبرص وتركيا تسيطر حكومة جمهورية قبرص على ثلثي الجزيرة الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، ويسيطر على الثلث الشمالي منها إدارة انفصالية مدعومة من تركيا. وتجري قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، عمليات تطوير لحقول الغاز البحرية ووقعت في الأعوام الأخيرة، صفقات مع شركات الطاقة العملاقة (إيني، وتوتال، وإكسون موبيل)، لإجراء أعمال الحفر الاستكشافية. لكن أنقرة تقول إن أعمال الحفر هذه تحرم الأقلية القبرصية التركية من الاستفادة من الموارد الطبيعية التي تحيط بالجزيرة، وردت قبرص على مزاعم تركيا ووصفتها بالاستفزاز الذي يشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق السيادية لها. منتدى غاز شرق المتوسط في يناير 2018، اتفقت مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية، على إنشاء «منتدى غاز شرق المتوسط»، مقره القاهرة، وهو ما عكس أول نواة لتشكيل إطار جماعي للتعاون فيما يتعلق بملف الغاز. وبحسب وزارة البترول المصرية، فإن المنتدى يهدف إلى تقديم أسعار تنافسية، ويدشن أولى الخطوات العملية تجاه التعاون بين دول غاز شرق المتوسط. إلا أنه بالنسبة لأنقرة، تم وصفه بأنه تهديد واضح للمصالح والحقوق التركية في استكشافات الغاز في المنطقة.

مشاركة :