«محور المقاومة» أكثر تَماسُكاً بعد خسارة سليماني

  • 4/20/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بطلبٍ من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اتّخذ الرئيس دونالد ترامب قراره باغتيال اللواء قاسم سليماني في مطار بغداد، قادماً من سورية. ورفضتْ الدولة العبرية اغتيال سليماني في دمشق حيث أمضى سردار (القائد) سليماني ليلتَه آتياً من لبنان، لأن الردّ كان سيكون مباشرة ضدّها أولاً.وبحسب قادة «محور المقاومة»، فإن أميركا «اعتقدت أن الساحة العراقية أصبحت هشة وضعيفة وانكسرت فيها إيران وحلفاؤها من خلال تَمَرُّد الشعب على الأوضاع المعيشية وحرْق قنصليتين لطهران في كربلاء والنجف». إلا أن هذه القراءة الخاطئة تبدّدت بسرعة بعدما تبيّن أن اغتيال سليماني أعطى «المحور» فرصة ذهبية انقلب فيها الاغتيالُ على ترامب وأهدافه ومخطط إدارته والتمنيات الإسرائيلية.اعتقدتْ أميركا أن منظومة «الحشد الشعبي» ستنهار حين خرَجَ العراقيون إلى الشارع في كل المحافظات الشيعية حصْراً وكذلك في بغداد ضدّ نظام المحاصصة والسياسيين الذين حكموا العراق منذ العام 2003 من دون إقامة بنيةٍ تحتية جيدة ولا إيجاد فرص عمل، وأيضاً ضدّ الفساد. حتى أن المرجع الأعلى السيد علي السيستاني تماشى مع المتظاهرين ليطلب من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي التنحي، وهذا ما حصل.وبدأ فراغٌ دستوري فشل فيه جميع المسؤولين الشيعة بالتوافق على رئيس للوزراء، ما دفع رئيس الجمهورية برهم صالح للوثب فوقهم واختيار رئيس وزراء موالٍ لأميركا ومعادٍ لإيران، عدنان الزرفي.لكن باغتيال سليماني، انسحب المتظاهرون من الشارع لتحلّ مكانهم تظاهرة مليونية توحّد فيها للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات، السيد مقتدى الصدر مع بقية الأحزاب والتنظيمات الشيعية حول موقف موحّد ومرشح واحّد. وذهب البرلمان العراقي للاجتماع والتصويت على إخراج جميع القوات الأجنبية، والمقصود الأميركيون.وفق القادة في «محور المقاومة»، اعتقد ترامب وطاقمه أن اغتيال سليماني سيأخذ «الحشد» والمقاومة على حين غرة ليكسر ظهرها، فإذ به يعطيها جرعة قوة بأن بدأت تظهر تنظيمات مجهولة تحت اسم «عصبة الثائرين» و«المقاومة الإسلامية في العراق - أصحاب الكهف» و«فصائل المقاومة الإسلامية - قبضة الهدى» تُظْهِر تكنولوجيا عالية الدقة، تزْرع عبوات ناسفة لقافلة تحمل آليات أميركية وتصوّر من خلال طائرات من دون طيار أكثر المواقع حساسية مثل السفارة الأميركية في بغداد وقاعدة عين الأسد التي قصفتْها إيران.وبحسب هؤلاء، لم تكن إيران أبداً في أفضل أحوالها في علاقتها مع شيعة العراق. ولم يكن باستطاعة سليماني توحيد الأحزاب الشيعية على مرشح توافقي. فحضر قائد «فيلق القدس» الجديد الجنرال إسماعيل قاآني إلى العراق وأسقط الزرفي وأتى بمرشح، بتوافق عراقي طبعاً، ترضى به إيران ليسجّل أول انتصار لخليفة سليماني في العراق بعد قرار إخراج أميركا وبروز تنظيمات مجهولة تتحضّر للتصعيد ضدّ الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، فقد انسحبت أميركا من 6 قواعد ومراكز عسكرية وستكمل انسحابها من قواعد أخرى في الأيام المقبلة لتتجمع في قواعد محدودة وليس على طول الخريطة العراقية. ولم يعد بمقدور أي جندي أميركي السير على أي طريق عراقي معبّد خوفاً من اصطياده من المقاومة.أما عن المحور الفلسطيني، فقد اجتمع قاآني مع «حماس» و«الجهاد» و«الجبهة الشعبية» وجميع الفصائل العاملة في غزة. وحصل الاجتماع الأول في طهران والثاني في دمشق ليقدّم قاآني الدعمَ الكامل للفلسطينيين من دون قيود أو شروط. وقدّمت الفصائل قائمة احتياجاتها التي وعد قاآني بتلبيتها مؤكداً - بحسب القادة في محور المقاومة - أن «الدعم سيتصاعد ويتعمّق لتنقل الأموال والأسلحة والخبرات».لقد أراد ترامب تغيير قواعد اللعبة فحصد، وفق هؤلاء، انتقالاً من حرب غير مباشرة وعبر الحلفاء إلى حرب مباشرة ومفتوحة من إيران و«محور المقاومة» التي قال زعيمها السيد حسن نصرالله، الأمين العام لـ«حزب الله» لبنان، إن «الرد سيكون بإخراج أميركا من العراق» وتالياً فقد أصبح هذا «المحور» معنياً بالردّ وقد أعلن الحرب على الجنود الأميركيين حيث وجدوا.وفي رأي القادة في محور المقاومة، فإن اغتيال سليماني قَلَبَ الطاولة على رأس ترامب وطاقمه الذي طلب «خروجاً مشرّفاً» من العراق وليس مُذلاً، وأن «محور المقاومة» أخذ بمقتل سليماني ما لم يكن يحلم به في العراق وإيران، بحيث إن الاغتيال أعاد الأمور إلى ما تشتهيه طهران. وبهذا المعنى ثمة مَن يرى أن خسارة سليماني وأبومهدي المهندس كانت قاسية ولكنها ضرورية لإعطاء دفْع جديد وأهداف جديدة لمحورٍ ظهر ضعفه في العراق وبداية تأثّره في الداخل الإيراني. وبحسب القادة في محور المقاومة، لقد تَماسَك «المحور» في لبنان وثبّت أقدامه أكثر من ذي قبل. وفي غزة، أصبح وضع المقاومة أفضل من أي وقت لدرجة أن إسرائيل تعلم أنها ستتضرر أكثر من أي وقت إذا خاضتْ حرباً على غزة. واستعادت سورية أراضي مهمة بعد اغتيال سليماني، واستطاعت إيران إعادة اللحمة بين العراقيين ليتفقوا على مرشح يُناسِب الجميع ويعِد بإخراج القوات الأميركية. وبالتالي فإن إيران لا تحتاج لبذل أي جهود ما دامت تلملم انتصاراتها خلف أخطاء أميركا المميتة.

مشاركة :