«محور المقاومة» ... أفضل أم أسوأ بعد اغتيال سليماني؟

  • 2/16/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أكثر من 40 يوماً اغتالتْ الطائرات الأميركية المسيّرة في مطار بغداد، قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني... فكيف تَأثّر «محور المقاومة» باغتيال قائده؟ وهل ظَهَرَ الضعفُ على أطرافه؟ وماذا حقّق لغاية اليوم؟بحسب قراءةٍ لدوائر في هذا المحور، فإنه على المحور السوري حقّق الجيش ولواء ذو الفقار الإيراني (مع حلفائه) قفزةً نوعية في مسار تحرير كامل طريق دمشق - حلب الذي سيطر عليه الجهاديون منذ العام 2012. وسقطت مدينة سراقب الإستراتيجية وتل العيس التي لطالما أراد سليماني تحريرها، وجرى استعادة جثامين 23 ضابطاً من «حزب الله» قُتلوا قبل عامين على أرض هذا التل الإستراتيجي.وها هو الجيش السوري ومعه الدعم الجوي الروسي «يجلس» مع محور المقاومة في غرفة عمليات موحدة في مدينة حلب وغرف عمليات أخرى في حميميم ودمشق لتنسيق المعلومات الاستخباراتية في إطار الاندفاعة التي تمت لغاية اليوم بنجاح كبير. فالقوات السورية تؤمّن منطقة كبيرة لضمان سلامة الطريق المعروفة بـM5 الواصلة إلى حلب والتي لطالما وعدت تركيا بإخلائها من الجهاديين. ويُعتبر هذا التقدم نوعياً ويدلّ على الإستراتيجية البعيدة الأفق التي لا تعتمد على القادة بل على مسار لا يتوقف، مرسوم له الاستمرار لدعم الحليف السوري وتحرير كل أراضيه، في الوقت الذي تتدخل إيران وروسيا لدى تركيا للإبقاء على خط الحوار، رغم الاختلافات على الأرض، وتالياً فإن فقدان سليماني لم يغيّر في المعادلة شيئاً لأن المنظومة لم تتبدّل والأهداف بقيت كما هي.وفي العراق، رأت هذه الدوائر أن سليماني لم يكن يحلم بقرار برلماني يطلب من القوات الأميركية الخروج، وهو قرار مهم جداً لأنه يعطي شرعية للقوات العراقية لضرْب القوات الأميركية التي تُعتبر محتلّةً إذا رفضت الخروج. وقد وافقت الحكومة العراقية على إبقاء قوات حلف «الناتو» كمدرّبين عسكريين على الأسلحة التي اشترتْها الدولة من أعضاء الحلف. إلا أن المشكلة ستبقى لدى القوات الأميركية التي سيُفرض عليها الخروج وجدولة انسحابها حين تتسلم الحكومة العراقية أعمالَها بعد أن تحصل على الثقة المطلوبة.ولم يحصل أبداً أن اتّحدت جميع أطراف المقاومة العراقية الشيعية تحت لواء السيد مقتدى الصدر الذي كان دعا إلى تظاهرة سلمية مليونية وحصل عليها بفضل الوحدة بين تلك الفصائل. لقد كان الصدر مصدر قلق لـ«محور المقاومة» بسبب مواقفه غير الواضحة والمتقلّبة. إلى أن جاء اغتيال سليماني ليعيد العلاقة إلى حرارتها بين الصدر و«المحور»، وهو ما كان صعباً على سليماني تحقيقُه حتى في أيامه الأخيرة.واستطاع هذا المحور، دفْع عجلة المسار السياسي للوصول إلى اختيار محمد علاوي كرئيس للوزراء حتى ولو لم ينجح في تشكيل الحكومة. إلا أن الوحدة هي سيدة الموقف وقد جرى تبني اختيار الصدر لعلاوي من دون منازع حتى ولو كان نوري المالكي والسيد عمار الحكيم يملكان وجهة نظر مختلفة.وفي لبنان، لاحظتْ الدوائر عيْنها أن حكومةً شُكّلت برئاسة حسان دياب واستطاع «محور المقاومة» تدوير الزوايا والوصول إلى مرشح يشكل حكومة تحصل على ثقة البرلمان المطلوبة. وانتهى الصراع الدستوري وفشلت المحاولات لإبقاء لبنان في المجهول. وقد بدأت دول عدة تتصل بالحكومة اللبنانية لتقديم المساعدة وإخراج البلاد من المأزق المالي الذي يتأثّر به جميع اللبنانيين، ما عدا أفراد «حزب الله» الذين لم تنقطع رواتبُهم أو استحقاقاتُهم يوماً.وقبِل دياب بالورقة المقدَّمة له من «المحور» للبيان الوزاري من دون تردد، وهو يتواصل مع «المحور» كلما دعت الحاجة لإزالة العواقب السياسية وليفتح هذا المحور الطريقَ أمامه ليعمل كما يشاء هو، وهذا انتصارٌ لمحور المقاومة الذي فرض حكومتَه بدل الفراغ.وفي فلسطين، اتّحد الشارع الفلسطيني، بحسب تلك الدوائرـ على كلمة واحدة ترفض «صفقة القرن» التي تحاول أميركا فرْضها على الشرق الأوسط. وقد أعلن الرئيس محمود عباس وفاة اتفاق أوسلو وقف أشكال التعاون الأمني مع إسرائيل. ورفض الجميع التخلي عن حق العودة وقضْم إسرائيل المزيد من الأراضي (30 في المئة).أما في أفغانستان، فإن أميركا اعترفت بالنشاط غير العادي لـ«طالبان» منذ بداية السنة. ويقول قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال فرانك ماكنزي، إنه «من الظاهر أن إيران ترى فرصة للاقتصاص منا في أفغانستان من خلال حلفائها، نحن قلقون جداً من هذا الخطر».وقد أسقطت «طالبان» طائرة تابعة للاستخبارات المركزية الأميركية واعترفت الولايات المتحدة بمقتل ضابطين وتكتمت على خسائر أخرى.وفي خلاصة قراءة الدوائر في محور المقاومة، أن قطار هذا المحور لم يتوقف بتوقف خفقان قلب سليماني. وليس أدلّ على ذلك من بروز مقاومة جديدة عفوية في شمال - شرق سورية، في قرية خربة عمو في الحسكة، تقف أمام القافلة الأميركية المسلحة طالبةً من عناصرها مغادرة أراضي سورية. وهذا عنصر إضافي يدل على مسار ثابت لهذا الخط يستمرّ حتى ولو قُتل فيه القادة الذين يَعتبرون أن إقامتهم في هذه الدنيا موقتة بسبب الأخطار التي يواجهونها وتصدّيهم للهيمنة الأميركية وحلفائها... «ويبدو أن وفاة سليماني تحقّق أكثر بكثير من اللواء سليماني».

مشاركة :