تدين شهرزاد بطلة حكايات ألف ليلة وليلة، إلى اثنين في منع قتلها بسيف شهريار، الأول ذكاؤها الحاد؛ فقد استطاعت بفطنتها أن تمدّ عمرها ليالي طويلة، وتحول دون قتل شهريار لها، بحكاية لا تكملها، فتثير فضوله، والثاني الشاعر الراحل طاهر أبو فاشا الذي لقنها 800 حكاية أخرى، لترويها كل ليلة لمولاها الملك السعيد، فتنجو بحياتها، وهي الحلقات التي كتبها للإذاعة المصرية على مدار 26 عاماً واشتهر بها. بدأ أبو فاشا حياته شاعراً مجدداً، جذب اهتمام كبار الشعراء له آنذاك، فقدم لديوانه الأشواك الشاعر خليل مطران، وكان قد سبقه بديوانين صورة الشباب والقيثارة السارية، وصدرا في عامي 1928و1932، بعدها توقف عن الشعر فجذبته الإذاعة والكتابة الدرامية، فاستمرّ نحو 35 عاماً، كتب خلالها مسلسله الأشهر ألف ليلة وليلة، وألف يوم ويوم لإذاعة الكويت. سأله الروائي ثروت أباظة عن السبب في انقطاعه عن الشعر، فأجابه بأن المال حال بينه وبين الشعر، فالإذاعة وفرت له المال الذي يكفيه أن يعيش كريماً، أما الشعر فلم يعد عليه بشيء، فردّ أباظة: لعن الله الفقر والغنى جميعاً، فقد حرما العربية من شاعر كان يستطيع أن يقف وراء شوقي. عاد أبو فاشا إلى الشعر مرة ثانية، بعد صدمة تلقاها من التلفزيون المصري، حين شرع بالتعاون مع تلفزيون سلطنة عُمان في إنتاج ضخم لألف ليلة واللية (من بطولة نجلاء فتحي) عام 1981، بعد النجاح النسبي الذي حققه المسلسل اللبناني ليالي شهرزاد (بطولة سلوى قطريب) عام 1980، وكان أبو فاشا المرشّح الأول لكتابة السيناريو والأغاني، إلا أن خلافاً نشب على الأجر المادي له، فميزانية العمل الضخم كانت النسبة الكبرى منها مخصصة لأجور الفنانين والديكور، فتمّ استبعاد أبو فاشا، وكتب المسلسل أحمد بهجت، وجاءت الأغاني لعبد الوهاب محمد. توقف أبو فاشا في هذه الفترة عن الدراما وعاد إلى الشعر ثانية فكتب: راهب الليل 1983، الليالي 1986، دموع لا تجف 1987. كما أصدر خمسة كتب هي: وراء تمثال الحرية، العشق الإلهي، الذين أدركتهم حرفة الأدب، وهزّ القحوف في شرح قصيدة أبي شادوف وتحقيق مقامات بيرم التونسي.
مشاركة :