استؤنفت المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حول العلاقة المستقبلية في مرحلة ما بعد "بريكست" أمس، عبر الفيديو بعد توقف طويل بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي يجعل آفاق التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية كانون الأول (ديسمبر) غير أكيدة. وبحسب "الفرنسية"، بعد جولة محادثات أولى في مطلع آذار (مارس)، علقت هذه المفاوضات على مدى ستة أسابيع، فيما يقترب استحقاق حزيران (يونيو)، الذي حددته لندن لتقييم فرص التوصل إلى اتفاق بسرعة كبيرة. وعبر مصدر أوروبي قريب من المحادثات عن قلقه قائلا: إن "بريكست" على طريقة جونسون، هو "بريكست" دون اتفاق يهز الاقتصاد. ومع "كورونا" سيشكل ذلك صدمة مزدوجة للشركات. تضاف صدمة الوباء إلى عملية صعبة أساسا لم يتمكن خلالها الطرفان من تبديد خلافاتهما حول العلاقات المستقبلية في ختام جولة أولى من المحادثات. ويبدأ ذلك بالشكل، الذي ستتخذه، إذ يرغب البريطانيون في عدة اتفاقات (العلاقات التجارية، الصيد ...) في حين يريد الاتحاد الأوروبي اتفاقا شاملا، لكي يتم التقدم في كل المواضيع في الوقت نفسه. وبالنسبة لبروكسل، لن تكون هناك شراكة في حال لم تتم تسوية موضوع صيد الأسماك المتفجر في شكل متوازن، علما أنه يعد أساسيا لعدة دول أعضاء في مقدمتها فرنسا والدنمارك خصوصا. والمسألة الأخرى موضع الخلاف هي شروط المنافسة، التي يريدها الاتحاد الأوروبي شفافة وعادلة لمنع ظهور اقتصاد غير منظم على أبوابه. ومثل هذه الشروط تتطلب احترام المعايير المشتركة في مجالات الاقتصاد والعمل والبيئة والضرائب خصوصا، وهو ما ترفضه لندن معتبرة أنه يشكل سيطرة على قوانينها الخاصة. وألقى فيروس كورونا المستجد بثقله على مجريات المحادثات، فأصاب أولا كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه، ما أرغم الفريق الأوروبي المؤلف من نحو 100 شخص على الالتزام بحجر صحي ثم أصاب نظيره البريطاني ديفيد فروست. كما أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أصيب بدوره بالفيروس ويتعافى حاليا بعد دخول العناية المركزة لأيام. ورغم هذه الظروف، التي تسبب فيها الوباء، فإن بريطانيا، التي خرجت من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني (يناير) ترفض أي تمديد للفترة الانتقالية إلى ما بعد نهاية كانون الأول (ديسمبر)، ما يزيد مخاطر عدم التوصل إلى اتفاق حول العلاقة المستقبلية بين الطرفين. في هذا الحال، تطبق قوانين منظمة التجارة العالمية مع حقوق جمركية مختلفة وحواجز جمركية بين أوروبا وبريطانيا. ودعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا إلى تمديد المهلة قائلة: إنه يجب عدم "زيادة عدم اليقين"، الذي أحدثته الأزمة الصحية. ورغم أن بريطانيا تواجه تهديدا بركود تاريخي بحسب الهيئة العامة "أو بي آر" مع احتمال تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 13 في المائة في 2020، إلا أن لندن لم تستجب لهذه الدعوة. ويؤكد فابيان زوليج من مركز السياسة الأوروبية أن القيود "الفنية" للمفاوضات، التي تتم عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة و"الانعكاسات الاقتصادية المحتملة لعدم التوصل إلى اتفاق ترجح الكفة بقوة إلى التمديد، ولا سيما أن الفشل سيؤدي، كما يبدو إلى الأمر الأقسى أي البقاء دون اتفاق". وأضاف هذا الخبير "في الوقت نفسه، حتى الآن، لم يعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الخيار الاقتصادي الأفضل على الإطلاق. وسيكون ذلك رهنا إلى حد كبير بالثمن، الذي سيكون بوريس جونسون مستعدا لدفعه مقابل ما يعد في بريطانيا سيادة واستقلالية" البلاد. لكن هل يمكن أن يغير الوباء المعطيات؟ يقول إريك موريس من مؤسسة شومان "لا نعلم بعد أي اتجاه سيسلكه الأوروبيون أو البريطانيون. كل الأمور تغيرت ولا نعلم ما إذا كان سيتم التزام مهلة نهاية حزيران (يونيو)، وأي طريق تسوية محتملة يبدو الطرفان على استعداد للقيام بها". ستمتد محادثات أمس طوال الأسبوع، وسيعرض بارنييه وفروست وضع المحادثات قبل أن يبدأ الفريقان ببحث صلب الموضوع اليوم على أن تختتم الجمعة كما قال مصدر أوروبي.
مشاركة :