ياسر عبيدو يكتب: الناس شرهم الفقير

  • 4/21/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هناك كلمات خلدها الموقف والسياق ,وهناك كلمات خلدتها كاريزما من قالها وجاذبيته مثل "الغنى فى الغربة وطن، والفقر فى الوطن غربة"وهى مقولة  الإمام على بن أبى طالب,ورغم أنه اشهر من عرف بالزهد وفى عطائه وزهده نزلت آيات محكمات تشير اليه وزوجته السيدة فاطمة الزهراء بنت النبى عليه الصلاة والسلام   حين حرما الطعام ثلاثة ايام متواليات وكانا صائمين واقترض على بعض المال واشترى به قمحا خبزته السيدة فاطمة وزارهم لثلاثة ايام وقت افطارهم مسكين ثم يتيم وفى اليوم الثالث أسير حتى غارت عينا الزهراء وضمر بطنها ومثلها زوجها فربطا بطنيهما من الجوع والله اعلم فزارهما الرسول صلى الله عليه وسلم وبشرهما أن هناك آيات نزلت فى موقفهما من إيثار المحتاجين السائلين علي أنفسهم وما نقص مال من صدقة وهو قوله تعالى"ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا...الى آخر الآيات ,وعلى قدر عطائهما كان الثواب,وفك الله ضائقتهما بعد أن أعطاهما اجرهما وخلد موقفهما الانسانى خاصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان بين ظهرانيهم , وقليلا قليلا يقل الخير ويندر الخيرون فى الخفاء , ومنهم يجرس المحتاج فى وسائل الاعلام مزدريا لهم او ساخرا من فقرهم واحتياجهم بل يصدق كل الشو الاعلامى لمواكب العطاء والجمعيات التى تضم جيشا من المنتفعين ويذهب كثير من الاموال المجنية من الخيرين والمتصدقين فى الشو الاعلانى وعلى النجوم الممثلين الذين لا يتصدقون احيانا كثيرة بأجورهم فى تصوير اعلاناتها او فى وجودهم بها وان كانوا بعضهم وليس الكل لكن افرزت ظاهرة من مشوهى النفوس,فيعيرون الفقراء بفقرهم منها الممثلة السكيرة التى توعدتهم واغرت بهم بضربهم بالشبشب ومنهم من يتباهى بسياراته الفارهة وسياراته وعير الفقراء وجرسهم مثله ذلك الغنى الذى عير الفقير وقال له متباهيا فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا "وتلك والله أمنية الفاجر: كثرة المال، وعزّة النفر.وبرز هذه الايام الشديدة صنف من فجرهم يسرقون اموال ودعم الغلابة يستحلون المال العام بل وروجت له بعض افلام المقاولات بل وتصور حصولهم على الثراء الفاحش دون جهد أو التجارة فى وسائل الكيف والمزاج واغرى زباينتهم العاطلين بجنة الادمان المزعومة مما حول بعض الاسر الفقيرة وبيئتهم الى جحيم وبلطجة واستعمال السلاح لفرض السيطرة وكأن الفقير ليس له اهل او فاقد الاهلية يتعاوره السفهاء ويتسلطون عليه بعصابات البلطجية والمسحورين بالافلام والمسلسلات والتياترو التى تستحسن التعاطى واستخدام السلاح الابيض وتجار الجنس ,طبعا ليست هذه الظاهرة جديدة فقد اشتهر من العصر الجاهلى عصابات واستطالة على الفقراء وخلده الشعراء اعلاميو ذلك العصرومنه ابيات للشاعر الشاعر الجاهلي الصعلوك عروة بن الورد  بقوله الفصيح يأمر زوجته بأن تتنحى عنه ليتكالب على الثراء لأن الناس تزدرى الفقير وتصمه,حتى وان اخطأ وسرق فسيغفر له ذوو السلطة والمنعة والسيادة ويبعده الكرماء والذين يغدقون على الندماء والبهاليل ويطردونه من مجالسهم وبذخهم وحفلاتهم الماجنة والمضحكين,فهو يجد ان زوجة الفقير تزدريه وان سرق رغيف يعاقب فى حين اختلاس الثروات ونهب المال والحظوة مشروعة لها من يغفرونها له فيقول:ذريني للغنى أسعى فإني ... رأيت الناس شرهم الفقير.وأبعدهم وأهونهم عليهم ... وإن أمسى له حسب وخير.ويقصيه الندى وتزدريه ... حليلته وينهره الصغير.ويلفى ذو الغنى وله جلال ... يكاد فؤاد صاحبة يطير.قليل ذنبه والذنب جم ... ولكن للغنى رب غفورفهو يرى أن الغنى مصدق ولو تبين للعيان كذبه ,ومبرأ ولو اتضحت سرقاته,وحديثا اغضب الشاعر الرقيق سعيد شحاتة توعد الممثلة التى تلفها الاتهامات والادانات بالجرائم كانت ضيفة وغيرها على صفحات الحوادث والفضائح وهى تتنمر على من تقطعت بهم الاسباب واحوجتهم آثار الكورونا الى مبلغ الخمسمئة جنيها تسد بها جوعهم تكافل اجتماعى من الدولة كحق لهم ,بدلا من دفعها وغيرها الزكاة أو تحويل أموال المسلسلات والافلام طبقا لفقه النوازل وهو الاولى والاثوب والاصوب فيصبح اطعام فى يوم ذى مسغبة, الى فك كرب هؤلاء وكثيرين لم يستطيعوا تسجيل اسمائهم او ادراجهم بكشوف الجنيهات بدل الستر ,راحت وغيرها تتبجح وتتطاول على مصائب الناس وآلامهم تغرى بهم السفهاء بدعوى انهم كاذبون او من ينزل مضطرا من عمال اليومية الذين يعولون كوم لحم تقطعت بهم الاسباب منهم من ادركته شهامة فاعلن تكفله بخمسين او اكثر من الاسر , وان كنت اشك فى ان تذهب لمستحقيها ان حدثت , نعم هناك مدعون ولكن تنقيتهم مسئولية مؤسسات منوطة بحصرهم وزيارتهم وتوصيل حقوقهم اليهم بدلالشو الاعلامى بمواكب العطاء وكثير منها مفرغ من مضمونه وقليل منهم الصادقون رغم ضيق الرزق وأثر الكورونا والحجر خاصة على عمال اليومية وبذلك تأثر شاعر الغلابة سعيد شحاتة فأنشد يقول بالعامية" يا أكل عيش الغلابه وجعاني قرصة ضميريالدنيا مايله بكآبهخرمتلي جيب الصديريالجوع ملك مش كتابهوالخوف محدد مصيرييا ديابها لمّ الزغابهوافرد لي في الليل حصيرييا وحوش بترمح في غابهشاربين دمايا وعصيريأمشير سبق شهر بابهوكياك ما سوّاش فطيريبا نخل من الليل صبابَهواطحن عضامي ف شعيريغلبان وماشي برتابهبرعى فكلابي وحميريهشّيت أفاعي وديابهطلعت لي داليا البحيري"لذا صدق على بن ابى طالب من 14 قرنا وظلت سارية لم تفقد أثرها وصلاحيتهاالغنى فى الغربة وطن، والفقر فى الوطن غربة. إن الامام علي (عليه السلام) يقول: "الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة".الامام علي  رضى الله عنه بهذه المقولة يُقدم صورة تمثيلية لمفهوم الوطن،  وهو الغنى والفقر فحيث يتحقق الغنى يتحقق الوطن وحيث يعم الفقر فلا وطن للانسان.فإنّ الغريب الذي يملك المال يعد بمثابة المواطن و إن كان غريبا أو مسافرا، والفقير في وطنه يُعد غريبًا عنه حتى و إن كان مواطنا لأنه لايملك مالًا يسد حاجته او حتى يرشى به بعض الفاسدين الذين يجعلون الرشوة طريق حصوله على حقه .فتكون هي الغربة الاقسى والأشد من غربة المغترب عن وطنه،  وهذا مما يحكيه بعض الاصدقاء والذين ألجأهم الرزق الى الارتحال والسفر,فيقول كنت غريبا في وطني، فقررت الهجرة إلى بلد آخر هربًا من الفقر,أما الآن وأنا مغترب لم أشعر بالغربة لوجود المال والسكن

مشاركة :