فرض فشل مشاورات جنيف بين الحكومة اليمنية والمتمردين خيار الحسم العسكري مجدداً كتسوية اضطرارية للأوضاع المتصاعدة في اليمن، خاصة بعد أن تسببت ممارسة ممثلي الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي صالح وتسويفهم في الدخول في مشاورات جادة بجنيف، في تعزيز الاعتقاد بأن التسوية السياسية للأزمة اليمنية المتفاقمة باتت مساراً يصب في مصلحة مساعي المتمردين لتعزيز سيطرتهم على الأرض. واعتبر الأكاديمي اليمني المتخصص في إدارة الأزمات عبد العزيز أحمد علي السقاف في تصريح لالخليج، أن المتمردين حرصوا على المشاركة في مشاورات جنيف ليس بهدف التوصل لتسوية للأوضاع الكارثية المتفاقمة في اليمن، ولكن لتحقيق مكاسب سياسية مغايرة تتمثل في فرض شرعية الانقلاب في مقابل الشرعية الدستورية، مشيراً إلى أن ذهاب الوفد الحكومي اليمني إلى جنيف كان خطأ وتسبب في منح المتمردين فرصة للظهور كمكون سياسي، في حين أنهم ليسوا سوى ميليشيات متمردة استخدمت السلاح لفرض سيطرتها القسرية على المدن ومؤسسات الدولة اليمنية. من جهته، اعتبر وزير حقوق الإنسان اليمني عز الدين الأصبحي في تصريح لالخليج أن الوفد الحكومي المشارك في مشاورات جنيف نجح في حشد المزيد من الدعم والمساندة الإقليمية والدولية للشرعية الدستورية اليمنية في مواجهة انقلاب المتمردين، وأن ممارسات ممثلي الحوثيين وحزب الرئيس السابق صالح وعدم التزامهم بالحد الأدنى من ضوابط المشاركة في مشاورات سياسية تعقد برعاية أممية رسخت الانطباعات بأن الانقلابيين ليس لديهم أي نوايا أو توجهات للدفع بالأوضاع في اليمن صوب التهدئة والاستقرار، وأنهم يتعاملون باستخفاف مع كل المساعي الهادفة إلى تعزيز فرص الحل السياسي للأزمة اليمنية، مؤكداً أن التسوية السياسية للأوضاع في اليمن لن تكون إلا عبر تنفيذ القرار رقم "2216". من ناحيته، أشار الأكاديمي اليمني المتخصص في علم الاجتماع السياسي عبد الرحمن أحمد المقرمي في تصريح لالخليج إلى أن فشل مشاورات جنيف كان مرجحاً جراء ترسخ القناعات الشعبية في اليمن بأن المتمردين لا يريدون إتاحة المجال للحل السياسي، وإنما شاركوا في مشاورات جنيف من قبيل تسجيل الحضور فقط دون تقديم أي تنازلات أو مبادرات من شأنها الدفع بالتسوية السياسية المنشودة التي من شأنها إنهاء الحرب والبدء بترتيب وتطبيع الأوضاع في البلاد تمهيداً لاستئناف عملية سياسية انتقالية توافقية. واعتبر مصدر حكومي مطلع فضل عدم الكشف عن هويته في تصريح لالخليج أن فشل مشاورات جنيف قلص الفرص المتاحة للحل السياسي وأن اللجوء لخيار الحسم العسكري بات مطروحاً بقوة وسيبدأ بإنشاء منطقة آمنة تمهد لعودة الرئاسة والحكومة لممارسة مهامها انطلاقاً منها. وأشار المصدر إلى أن الأطراف التي أشرفت على الترتيب لانعقاد مشاورات جنيف وصلت إلى قناعة بأنه لا يمكن استعادة مسار العملية السياسية السلمية في اليمن إلا بتغيير المعادلة على الأرض وإجبار الحوثيين وقوات صالح على الاستسلام والرضوخ للقرارات الدولية وإرادة الشعب اليمني الطامح في الاستقرار والمنهك من دوائر العنف المتجددة ونزف الدماء الذي يتسبب به الحوثيون كل يوم.
مشاركة :