أنصار نظرية المؤامرة يدمرون أبراج الجيل الخامس

  • 4/22/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نحو الساعة 9:30 من مساء ثاني أيام عيد الفصح، في بلدة ألمير الهولندية الصغيرة بالقرب من أمستردام، تم استدعاء فرقة الإطفاء لإخماد حريق في برج اتصالات كبير - الحريق الثاني من نوعه في تلك الليلة في المنطقة. على الرغم من أنه لم يكن أي برج من أبراج بلدة ألمير مجهزا بأي من أحدث معدات الاتصالات لشبكة الجيل الخامس - في الواقع تم تصميم أحدها للاستخدام من قبل خدمات الطوارئ فقط - إلا أن السلطات سرعان ما استنتجت أن الحريقين نفذهما مخربون يعملون باسم نظرية غير عادية: إن شبكات الجيل الخامس أسهمت في وباء فيروس كورونا. حرائق الأبراج الهولندية ليست سوى التصعيد الأخير في سلسلة من الهجمات المماثلة التي اجتاحت المملكة المتحدة وأوروبا في الأسابيع الأخيرة. بعد أن اكتسبت زخما أول مرة على الإنترنت في أوائل كانون الثاني (يناير)، كانت نظرية مؤامرة شبكة الجيل الخامس - التي تزعم، من بين أمور أخرى، أن فيروس «كوفيد - 19» إما كان بسبب الترددات المستخدمة في التكنولوجيا اللاسلكية الحديثة، وإما أن تلك الإشارات تضعف جهاز المناعة البشري - قد انتشرت بسرعة في العالم غير المتصل بالإنترنت. في المملكة المتحدة، حيث بدأت الهجمات، تم إحراق ما يقارب 60 برجا، بينما تم تخريب برجين الأسبوع الماضي في كو دونيجال في إيرلندا، وهوجم برج آخر في ليماسول في قبرص من قبل 18 شخصا. في هولندا كانت هناك 11 محاولة مسجلة، واحدة كانت مصحوبة بخربشة على الجدران تقول: "تبا لشبكة الجيل الخامس". التصعيد غير المحتمل للنظرية التي بدأت تكتسب في المملكة المتحدة بعض الجاذبية لدى وسائل الإعلام التلفزيونية الرئيسة، أثار خوف السلطات الأوروبية التي تتسابق لتعقب منفذي حرائق الأبراج ومنع مزيد من الهجمات. في الوقت نفسه، أثار أيضا تساؤلات حول أصول المؤامرة ومصدر زخمها. قال روب بونجينار؛ مدير هيئة صناعة الاتصالات الهولندية: "إنه وضع خطير جدا. هؤلاء الأشخاص يهاجمون بنية تحتية حيوية". النظريات التي تربط شبكات الاتصالات بالمشكلات الصحية، مثل السرطان والعقم، كانت موجودة منذ عصر شبكة الجيل الثالث، إلا أن قلة توقعوا أنها قد تحظى بأي اهتمام عام. وفقا لهانا ليندرستال؛ الرئيسة التنفيذية لشركة البيانات السويدية "إيرهارت بزينس بروتكشن آيجنسيي"، التي تتعقب المعلومات المضللة عبر الإنترنت، ظهر أول مقطع فيديو يربط فيروس كورونا مباشرة بشبكة الجيل الخامس على الإنترنت في أوائل كانون الثاني (يناير) على شكل محاضرة كانت تناقش تأثير الاشعاع الكهرومغناطيسي في الأوبئة. قالت: "كان النظر إليه مخيفا جدا. تبدأ في التفكير، هل ينبغي أن أنتقل إلى الريف؟". وسرعان ما بدأت عشرات مقاطع الفيديو تظهر طيورا ميتة، وأسماكا ميتة، وأشخاصا يغمى عليهم في الشوارع - كل هذا، وفقا لمقاطع الفيديو، نتيجة شبكة الجيل الخامس. تعقبت ليندرستال 35 مقطع فيديو من الأكثر شعبية التي ظهرت في كانون الثاني (يناير) ووجدت أنها في غضون أسبوعين شوهدت 12.8 مليون مرة. منذ ذلك الحين اكتسبت النظرية جاذبية بسرعة في العالم غير المتصل بالإنترنت. في المملكة المتحدة، أصدر رئيس شركة فودافون البريطانية بيانا يحذر فيه من أن أرواح الناس تتعرض للخطر من "كذبة خطيرة" حول شبكة الجيل الخامس، بعد تخريب برج اتصالات بالقرب من مستشفى نايتينجيل لمعالجة فيروس كورونا تابع لخدمة الصحة الوطنية في بيرمنجهام خلال عطلة نهاية أسبوع عيد الفصح. في الوقت نفسه، وصفت السلطات في هولندا مرتكبي الهجمات على الأبراج بأنهم مثيرو شغب يشاركون في "بطولة أوروبية لحرق أبراج الاتصالات". قال ماتس جرانريد؛ الرئيس التنفيذي لهيئة التجارة GSMA: "هذا ليس مجرد مصدر إزعاج، إنه أكثر خطورة من ذلك بكثير. لا يمكننا ترك المخربين يدمرون ما بنيناه". في محاولة للحد من آثار المؤامرة، اضطرت السلطات إلى التدخل للقضاء عليها علنا. نفت منظمة الصحة العالمية هذا الشهر أي صلة بين انتشار فيروس كورونا وشبكة الجيل الخامس، بينما قالت اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع غير المؤين إن إشارات شبكة الجيل الخامس لا تشكل خطرا على صحة الإنسان. بيرس كوربين؛ شقيق زعيم حزب العمال السابق، جيرمي كوربين، وهو ناشط بارز ضد شبكة الجيل الخامس في المملكة المتحدة، رفض نقاط منظمة الصحة العالمية، بحجة أن استخدام الترددات العالية يمكن أن يلحق الضرر بالجسيمات في رئة الإنسان. وقال عن هجمات الأبراج: "أنا أفهم سبب غضب الناس". في المملكة المتحدة، تسربت النظريات إلى قنوات التلفزيون الرئيسة والمذيعين القلقين وهيئة التنظيم "أوفكوم". خلال مقطع حول "الأخبار المزيفة" على برنامج "هذا الصباح" على قناة ITV يوم الإثنين، دافع المضيف البديل، إيمون هولمز؛ عن الذين لم يصدقوا "رواية الدولة" بشأن شبكة الجيل الخامس وفيروس كورونا. هذه الواقعة دفعت منظمة أوفكوم إلى الإعلان على الفور عن تحقيق في البرنامج. استجابة لمؤامرة شبكة الجيل الخامس، أعادت منصات وسائل التواصل الاجتماعي تشكيل سياساتها لاتخاذ إجراءات ضد المعلومات المضللة فيما يتعلق بهذا الموضوع. هذا الشهر أجرت «يوتيوب» تحديثا لسياستها لحظر جميع مقاطع الفيديو التي تشير إلى أن أعراض فيروس كورونا سببها شبكة الجيل الخامس. «فيسبوك»، أيضا، قررت إزالة "الادعاءات الكاذبة التي تربط فيروس كورونا بشبكة الجيل الخامس". مع ذلك، هذه التدابير لم تتخلص من جميع المحتوى المتعلق بالمؤامرة على هذه المنصات - ولم تمنعها من الظهور في أماكن أخرى. على تطبيق تيك توك، الذي قالت ليندرستال إنه يبرز "أداة قوية جدا" لنشطاء نظريات المؤامرة الذين يستهدفون الشباب، لا يزال من الممكن العثور على مقاطع فيديو باستخدام كلمات البحث "شبكة الجيل الخامس" و"فيروس كورونا". أحد مقاطع الفيديو الشهيرة، الذي أزالته المنصة منذ ذلك الحين، أظهر امرأة توبخ عامل بناء حول كيف ستؤدي التكنولوجيا إلى "قتل الجميع"، بينما تصف مستشفى الطوارئ في لندن لمعالجة فيروس كورونا بأنه "معسكر اعتقال". عندما عرضت «فاينانشيال تايمز» مجموعة من مقاطع الفيديو هذه لشركة تطبيق تيك توك، قالت الشركة إنها "لا تسمح بالمعلومات المضللة التي يمكن أن تلحق الضرر بالمجتمع". وأضافت: "نحن نزيل أي مواد ضارة من هذا النوع، وسنستمر في تعزيز تدابيرنا الحمائية أكثر في هذا المجال". في الوقت نفسه، يتسابق الباحثون لتقييم ما إذا كانت الجهود لنشر نظريات المؤامرات منسقة وإلى أي مدى. جوناثان مورجان؛ الرئيس التنفيذي لمجموعة تعقب المعلومات المضللة "ياندر" Yonder، قال إن هناك "جهودا منسقة من قبل مجتمع مكافحة التطعيم" لنشر نظريات مؤامرة شبكة الجيل الخامس. تم دفع النظرية أيضا من خلال ما يسمى نشطاء نظريات المؤامرة QAnon، الذين يعتقدون أن هناك مؤامرة سرية مناهضة لترمب تجرى من قبل "الدولة العميقة". إضافة إلى التساؤلات حول مصدر المؤامرة، لا يزال هناك شيء آخر كبير غير معروف: لماذا تحظى بهذا التأثير العجيب في أوروبا على وجه الخصوص. قالت ليندرستال؛ إن عمليات الإغلاق الصارمة من المحتمل أنها تلعب دورا. "الناس خائفون جدا لكنهم أيضا منخرطون فعلا. في وقت الأزمات، الناس يريدون إجابات، وهي ـ شبكة الجيل الخامس ـ إجابة بسيطة فعلا".

مشاركة :