مصادر التلوثأوضح الرئيس التنفيذي للمدار البيئي د. أحمد الحازمي، أن مصادر التلوث تنقسم إلى طبيعية وإنسانية، والنشاط الإنساني يساهم في تلوث الهواء، لاسيما حركة المركبات على اختلاف أنوعها، مضيفًا إنه عندما خلت الشوارع في المدن الكبيرة من الحركة المرورية بسبب الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا انخفضت نسب التلوث بشكل ملحوظ.نسبة الأكسجينوبيّن الحازمي أن نسبة الأكسجين في الجو تُقدر بحوالي 21٪، ونسبة غاز النيتروجين حوالي 78٪، وتبقى نسبة 1٪ للغازات الأخرى، محذرًا من أن خفض نسبة الأكسجين في الهواء كثيرًا عن هذه النسبة السابقة يؤدي حتمًا لاعتلالات صحية، ويلاحظ ذلك عندما تزداد الملوثات في المناطق المزدحمة.انخفاض عالميوكشف عن انخفاض نسب التلوث عالميًا بشكل ملحوظ مؤخرًا، ووصلت نسبته في بعض المدن العالمية إلى أكثر من 50٪، وفي بعض مدن المملكة التي تم رصد مستوى الانبعاثات فيها، وسجلت محطات رصد جودة الهواء لمدينة الرياض انخفاضًا ملحوظًا في مستوى الملوثاث، التي وصلت إلى أكثر من 60٪ عن الوضع السابق، كما سجلت محطات رصد جودة الهواء لمكة المكرمة انخفاضًا ملحوظًا، ويعود ذلك إلى شبه توقف النشاط الإنساني سواء ما يخص حركة السيارات أو توقف بعض المنشآت الصناعية.وضع أولوياتوأكد الحازمي الحاجة إلى دراسة علمية كاملة للاستفادة من المرحلة الحالية بيئيًا، من خلال تحديد نسبة مصادر التلوث لكل قطاع، وهذه الدراسة سوف تساعدنا على وضع الأوليات عندما نطور برنامج استدامة المدن، كما يساعد إدارات التخطيط الحضري والتابع للأمانات والبلديات، على دراسة ما يسمى الحمولات البيئية للشوارع حتى نتمكّن من وضع إرشادات عامة لمستخدمي الشوارع، وأيضًا التخطيط الشامل مثل وضع المدارس والمرافق الأخرى.ترميم بيئيوذكر الناشط البيئي الوليد الناجم أن من أهم التأثيرات الإيجابية للحجر الكلي هو الترميم البيئي، موضحًا أن فترة منع التجول الكلي ساعدت على استعادة الطبيعة الصحراوية من ممارسي هواية الصيد الجائر، بإعطاء فرصة للطيور المهاجرة والمستوطنة والأرنب البري والزواحف المهددة بالانقراض بالتكاثر، كما تساهم الأمطار الصيفية في نمو الشجيرات التي تأثرت بالرعي الجائر.وأضاف إن توقف ممارسي هواية الصيد بالقوارب يعطي فرصة للبيئة البحرية أن تستعيد ما تسبب به الإنسان من تحطيم الشعب المرجانية، وتسرّب الوقود والزيوت وهي من أخطر الملوثات التي تؤثر بالكائنات الحية.ثروة سمكيةوأوضح الصياد يوسف الملا، أن شهري مارس وأبريل هي فترة وضع البيض لكثير من الأسماك، مؤكدًا أنه مع منع التجول، أصبحت الأسماك أكثر أمانًا بوضع البيض والاقتراب من الساحل، لافتًا إلى ازدياد ملحوظ لبعض الأسماك، وظهورها قرب السواحل، ومنها سمكة القرش، وهناك ما يقارب الخمسة أنواع ظهرت في دولة الإمارات قادمة من سلطنة عمان.سلوكيات بديلةوقالت الناشطة البيئية بثينة عوض، إن هناك تأثرا كبيرا ملحوظا بدرجة الحرارة هذا العام بالمقارنة مع درجات الحرارة للأعوام السابقة، خاصة في أطراف المدن التي تطبق منع التجول، مؤكدة وجود العديد من الآثار الإيجابية العائدة على البيئة في المملكة في ظل تطبيق الإجراءات الاحترازية، واستبدال الأنشطة الخارجية بأخرى داخلية معتمدة على مكونات أولية ومنزلية بسيطة، وإقبال كل شخص دون أن يعلم على اختيار أساليب وسلوكيات بديلة لتخطي المرحلة بمهارات جديدة.وأشارت إلى تعزيز السلوكيات السليمة في النشء بمهارات متنوعة كصناعة بيئة متوازنة متكاملة في المنزل، واستغلال بعض الزوايا بزراعة الشتلات، مؤكدة أن التقارب مع الطبيعة يعزز مناعة الإنسان ويحمي من التلوث وينقي الهواء، إضافة إلى الاستفادة القصوى من المواد الاستهلاكية واستبدالها بالمواد صديقة للبيئة.مستقبل آمنوأكدت أن الإنسان باختياراته وسلوكه يتجه لصناعة تاريخ ومستقبل بيئي مزدهر وآمن، عبر تخفيف الضغط على الكرة الأرضية وتقليل هدر الطاقة والحفاظ على مكونات وموارد الطبيعة، بالإضافة إلى إعادة التدوير التي هي أحد الاستثمارات الفعّالة في العالم التي تعتمد على تخفيف الأضرار البيئية وتقليل النفايات الصلبة، واللجوء إلى الاستخدام الأمثل للمنتجات.صيد جائروأوضح المستشار بالهيئة السعودية للحياة الفطرية، د. محمد شبراق، أن نقص أعداد الصيادين نتيجة الحجر المطبق في معظم دول العالم، سوف يعطي فرصة للحيوانات للتناسل والطيور المهاجرة للعودة إلى مناطق تناسلها لتبني حياتها مرة أخرى، محذرًا في الوقت ذاته من وجود احتمالية أن تلعب الحيوانات والطيور البرية والمستأنسة دورًا في انتشار بعض مسببات الأمراض ونقل بعضها للإنسان. ولفت إلى دراستين عن الصيد الجائر، إحداهما بالجزيرة العربية وإيران والعراق، والتي كشفت عن اصطياد حوالي 3.2 مليون طائر سنويًا، وكانت المملكة من أعلى المناطق التي يحدث فيها الصيد مقارنة بالدول التي تضمنتها الدراسة، بما يقدر بحوالي 1.7 مليون طائر يصاد فقط من النصف الشمالي للمملكة. فيما بيّنت الدراسة الثانية حجم الصيد بدول حول حوض الأبيض المتوسط بحوالي 25 مليون طائر.زورق نجاةوأوضح أن الكائنات الحية سخّرها الله لتكمل النظام البيئي وتقدم لنا خدمات مجانية لسلامتنا، وهذه الخدمات يمكن أن تكلف البشرية مبالغ كبيرة، وهو ما أكده تحليل حسابي لحوالي 17 نظامًا بيئيًا منتشرا في 16 من الأقاليم الأحيائية بالعالم في عام 1997م وقدّرت تكلفتهم بحوالي 33 تريليون دولار، مضيفًا إن الدروس المستفادة من الفترة الحالية تؤكد أهمية المعرفة العلمية كزورق نجاة البشرية، كما أن سلامة البيئة ضرورة للحفاظ على الاقتصاد ورفاهية البشرية.تهديد بالانقراضوقال المهندس البيئي عبدالعزيز البرجس، إنه منذ الثورة الصناعية زادت التأثيرات السلبية على البيئة من ملوثات هواء وغيرها من النشاط البشري، وأن الأوضاع الحالية ومنع التجول بالمملكة ساهمت في انخفاض غازات كثيرة من ضمنها ثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكربون، وارتفع مؤشر جودة الهواء وهذه كلها تأثيرات إيجابية على البيئة. وأضاف إنه في السنوات الأخيرة تسبب الإنسان في أضرار سلبية عديدة على البيئة، وقد أدت هذه الأضرار في المملكة إلى تدهور وضع الحياة الفطرية، بسبب تدهور الغطاء النباتي والنفايات السائلة والصلبة والممارسات الخاطئة في الزراعة والرعي الجائر والاحتطاب والصيد الجائر، وتسببت هذه الأضرار في تهديد حيوانات بالانقراض من ضمنها «المها العربي، الوعل، والضب».تنوع أحيائيوأكد أن جهود الجهات المعنية في المملكة أثمر تنوعًا أحيائيًا وفريدًا شمل «97 نوعًا من الثديات، 99 من الزواحف، 432 من الطيور، 3099 من اللافقاريات، 1280 نوعًا من الأسماك، 44 من القشريات، 317 من المرجان، 133 من الطيور البحرية، 2000 من الرخويات». مضيفًا إن منع التجول ساهم في انخفاض انبعاث الغازات وارتفاع مؤشر جودة الهواء ما يساهم في الحد من ارتفاع منسوب المياه، مبينًا أنه بحسب الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة في المملكة فقد تم انخفاض ثاني أكسيد النيتروجين الناتج عن المصانع والسيارات خلال شهر في جدة بنسبة 4.4٪، والرياض بنسبة 3.4٪، ومكة المكرمة بنسبة 3.3٪.أكد مختصون أن من أهم التأثيرات الإيجابية للحجر ومنع التجول في العالم والمملكة خاصة هو الترميم البيئي، وانخفاض نسب التلوث في الهواء، ووجود تأثر كبير ملحوظ بدرجة الحرارة هذا العام مقارنة مع الأعوام السابقة.وأجمعوا في تصريحات لـ«اليوم»، على أن غياب المؤثر وهو الإنسان كان له الأثر الأكبر في التغيرات المناخية وحتى البيئية، وظهور آثار إيجابية على الحياة البحرية والفطرية، خاصة في ظل انخفاض الصيد الجائر للحيوانات أو الطيور، وأيضا القطع الجائر للأشجار والنباتات.
مشاركة :