ذكر ابن كثير في كتابه «البداية والنهاية» أثناء الحديث عن وقائع سنة ٧٦٤ للهجرة النبوية، أنه من الغرائب أنه اشتهر بين النساء وكثير من العوام أن رجلا رأى مناما فيه أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم عند شجرة توتة عند مسجد ضرار خارج باب شرقى. فتبادر النساء إلى تخليق تلك التوتة، وأخذوا أوراقها للاستشفاء من الوباء، ولكن لم يظهر صدق ذلك المنام، ولا يصح عمن يرويه.هذه الواقعة التى يعلق عليها ابن كثير أنها غريبة، وأيضا يوضح أن التجربة أثبتت كذبها، تشير إلى دور تحكم الجهل والخرافات في عقول الناس عندما يبحثون عن حلول سهلة بعيدا عن الاجتهاد والأخذ بالأسلوب العلمى الحديث والمناسب لكل عصر.في سنة ٧٦٤ للهجرة، تولى أمر السلطنة في القاهرة السلطان الأشرف زين الدين شعبان بن حسن بن محمد بن قلاوون، وهو أحد سلاطين الدولة المملوكية، وقد وقع في بداية عهده وباء حصد الكثير من أرواح الناس، وقد بدأ الوباء في شعبان واستمر حتى طال شهر رمضان المعظم.وتقول كتب التاريخ إن عام تولية الأشرف شعبان شهد حادثين الأول وقع رعد ومطر كثير، وجرت المزاريب، فصار غدرانا في الطرقات، فتعجب الناس من ذلك، والثانى قد وقع وباء في مصر في أول شعبان.وفى شهر رمضان تفاقم الحال بسبب الطاعون فإنا لله وإنا إليه راجعون، وجمهوره في اليهود لعله قد فقد منهم من مستهل شعبان إلى مستهل رمضان نحو الألف نسمة، كما أخبرنى بذلك القاضى صلاح الدين الصفدى وكيل بيت المال، ثم كثر ذلك فيهم في شهر رمضان جدا.وفى مثل تلك الظروف كان الناس دائما يلجأون إلى الله ضارعين أن يرفع عنهم الوباء والأمراض مستجيرين به من وجيعة المرض وفتكه بهم، كما كانوا يلجأون إلى توزيع الطعام، حتى قيل إن السلطان وزع في زمن الوباء ثمانية وعشرين رغيفًا من الخبز على الفقراء، في حين أن بعض التجار قد يستغلون الموقف ويزيدون في أسعار البضائع أضعافا كثيرة.
مشاركة :