كتبتُ الكثير من المقالات عن الزراعة، وضرورة تقليص المساحات الزراعية لدينا؛ لأننا بلد لا يمتلك الكثير من الموارد المائية؛ ولذلك لا بأس من تقليص الرقعة الزراعية، والاعتماد على الاستيراد من الخارج؛ فنحن محاطون بالكثير من الدول التي تتمنى أن نستورد محاصيلها الزراعية بأسعار منافسة جدًّا. بعد جائحة كورونا، وما أُثير عن تأثُّر خطوط الإمداد الغذائي البحري والجوي والبري، وكذلك ما لوحت به بعض الدول من منع أو تقليص صادراتها الغذائية، بدأتُ أفكر جديًّا في موضوع الأمن الغذائي من زاوية أخرى، وأهمية الاعتماد بشكل كبير على إنتاجنا الزراعي؛ لنصل إلى درجة الاكتفاء الذاتي. وهي مسألة ليست صعبة من أوجه عدة، منها: أننا نمتلك مساحة كبيرة -ولله الحمد- مختلفة التضاريس والمناخ، نستطيع من خلالها زراعة أنواع المحاصيل كافة، من فواكه وخضراوات وحبوب.. وخلافه. وأيضًا توافُر المياه من خلال تساقُط كميات كبيرة من الأمطار، وبخاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة بسبب تغيُّر المناخ، وحركة القشرة الأرضية التي ستزداد في قادم الأعوام بإذن الله، الذي يؤكده حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيما معناه أن جزيرة العرب ستعود كما كانت مروجًا وأنهارًا. وكذلك توافُر المعدات والتقنيات اللازمة التي تساعد على إنتاج زراعي كبير بجودة عالية. ولكي نصل إلى الاكتفاء الذاتي يفترض: أولاً: دعم القطاع الزراعي، وتشجيع المزارعين على الإنتاج المتنوع، وعدم ترك محاصيلهم في أيدي (الشريطية) الذين يبيعونها بأرخص الأثمان؛ وهو ما يعرِّض المُزارع لخسائر كبيرة، والأرباح تتجه لأيدي العمالة المتحكمة في السوق. ثانيًا: عدم التركيز على محصول واحد فقط، بمعنى أن في كل منطقة نجد مَزارع كبيرة تزرع محصولاً واحدًا بشكل كبير، مثل المنطقة الشمالية يتم التركيز فيها على الزيتون بشكل واسع، والمنطقة الوسطى يتم زراعة النخيل على الأغلب، ومنطقة جازان المانجو.. وهكذا. والمفترض أن يتم زراعة محاصيل متنوعة؛ لنحقق الاكتفاء الذاتي. ثالثًا: دعم المزارعين بالخبرات والدراسات الحديثة، والتقنيات التي تساعد على زيادة الإنتاج، مع توفير المياه. ولا مانع من التركيز على الزراعة المائية التي توفر المساحة والمياه في وقت واحد. وباء كورونا أعاد ترتيب الأولويات لدينا. وكما يقول المثل "رُبَّ ضارة نافعة". ويجب المبادرة بشكل سريع؛ لنحقق أمننا الغذائي بحول الله، وعدم الاعتماد على أحد.
مشاركة :