بسبب جائحة كورونا (كوفيد- 19)، عانت معظم دول العالم من اضطراب فيما يُعرف بسلاسل الإمداد، نتيجة لشبه التوقف العام في وسائل النقل والشحن الدولية، بما في ذلك توقف عدد من المصانع على مستوى العالم عن الإنتاج. نتيجة للاضطراب الذي أصاب سلاسل الإمدادات على مستوى العالم، عانت معظم دول العالم من نقص وشح ملحوظ في المواد التموينية والاستهلاكية بما في ذلك الغذائية، وبالذات بالنسبة للدول التي ليس لديها استراتيجية غذائية وتموينية، مما انعكس بشح المواد الغذائية والتموينية في الأسواق، وتسبب ذلك في هلع المستهلكين بتلك الدول. في المملكة العربية السعودية، الوضع مختلف تماماً، حيث لم تَشهد الأسواق التجارية شحاً يذكر سواء في المواد الغذائية أو في المواد التموينية، وبالذات المواد الغذائية والتي هي الأهم بطبيعة الحال. ما ساعد على توفر المواد الغذائية في الأسواق السعودية بكميات وفيرة، وجود استراتيجية غذائية للمملكة تم اعتمادها في عام 1439، والتي اشتملت على منظومة تفصيلية للأمن الغذائي في المملكة، والتي ارتكزت على خمسة أهداف استراتيجية، من شأنها تحقيق نظام إنتاج غذائي محلي مستدام للسلع ذات الميز التفضيلية، تحقق تنوع واستقرار لمصادر الغذاء الخارجية، وضمان الحصول على غذاء آمن ومغذ في المملكة. كما واستهدفت الاستراتيجية التشجيع على العادات الغذائية الصحية المتوازنة، بما في ذلك بناء قدرات الجاهزية لمواجهة المخاطر المتعلقة بالأمن الغذائي، وتطوير نموذج عمل مؤسسي على المستوى الوطني لضمان حوكمة واضحة ومسؤولة. وقد تم ترجمة تلك الأهداف إلى 11 برنامجاً استراتيجياً، والتي أسهمت في إيجاد منظومة شاملة للأمن الغذائي في المملكة قادرة على التعامل مع التحديات والمتغيرات في المعروض العالمي من السلع الغذائية الأساسية، التي ترتبط بالعديد من العوامل التي تأتي في مقدمتها عوامل تقلبات الطقس حول العالم. برأيي أن الاستمرار في تحقيق أهداف وبرامج الاستراتيجية السعودية للأمن الغذائي، وبالذات في ظروف جائحة كورونا، يتطلب تعاون المستهلكين في المجتمع السعودي من مواطنين ومقيمين الامتثال لعادات الاستهلاك المرشد للمواد الغذائية وعدم الإفراط في الاستهلاك غير المبرر، وبالذات ونحن نعيش هذه الفترة أيام شهر رمضان المبارك، التي عادة ما تشهد استهلاك جائر للمواد الغذائية، يساوي تقريباً ثلث استهلاك كامل العام الذي يقدر بنحو 80 مليار ريال. ولعلي اختم المقال بحديث متلفز لمعالي المهندس/ عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزارعة، الذي طمأن من خلاله المواطنين والمقيمين، بتوفر المواد الغذائية في الأسواق السعودية بكميات كبيرة جداً، بواقع يومي 200 ألف طن من الخضار يومياً، و7 ملايين لتر حليب، و3 ملايين من الطيور والدواجن، و15 طنا من الحبوب، و500 طن من المنتجات البحرية، مما لا يستدعي للهلع والتخزين وإرباك العادات الاستهلاكية والغذائية. برأيي أن الاستهلاك المرشد للغذاء سيوفر قيمة هدر وفاقد للغذاء في المملكة سنوياً تقدر قيمته بنحو 13 مليار، والذي ينتهي بها الأمر وللأسف الشديد أن تلقى بصناديق النفايات.
مشاركة :