إذا كان العالم برمته آخذ في عدو لا يكف عنه، وإن كان عُرضة لتغيرات وتطورات جذرية ومحورية، فليس من الغريب أن تكون ريادة الأعمال هي نفسها كذلك، فعلى سبيل المثال يرى Bernhard Schroeder في كتابه اللافت: Fail Fast or Win Big أن العامل المحوري وراء نجاح رواد الأعمال هو السرعة، والقدرة على متابعة السوق وملاحقته. ناهيك عن أن ثمة تيار عام وعريض الآن _وBernhard Schroeder واحد من ممثليه على أي حال_ يرى أن خطة العمل ليست مجدية ولا ضرورية، لكنه، وعلى الجهة المقابلة، يطالب بحتمية الاهتمام بنموذج الأعمال بدلًا من الإفراط في الاهتمام بخطة عمل ما لن نكف عن تعديلها وتطويرها. اقرأ أيضًا: فرضية المبدع.. دفاعٌ عن الأفكار السريعة والرخيصةالسرعة كعامل أساسي تتمثل الفكرة الأساسية التي يوصي بها Bernhard Schroeder في هذا الكتاب في أن السرعة عنصر حاسم في نجاح رواد الأعمال بل إنه لا يوصي بها فحسب، وإنما يعتبرها جوهر السوق الحقيقي، يلخص فكرته قائلًا: “السرعة في السوق هي الوضع الطبيعي الجديد”. ولكي يتمكن رواد الأعمال من اللحاق بركب السوق، ومتابعة تطوراته المتلاحقة، فمن الواجب عليهم، إن طرقت أذهانهم فكرة ما وثبتت جدواها المبدئية، تحويلها إلى منتج في الحال، صحيح أن المنتج الأوليّ سيحتاج إلى تعديل وتطوير، لا مانع من إجراء ذلك، لكن بناءً على رغبة العملاء واستجابة لتعليقاتهم وتوصياتهم المختلفة. وللاعتماد على نموذج الأعمال والمنتج الأوليّ ميزة كبرى، وهي تلك المتمثلة في زيادة معدلات المبيعات؛ فإن التعجل بطرح المنتج في السوق سيضمن لك عدم قيام أحد بتنفيذ فكرتك قبلك، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، سيمنحك الفرصة على الإطلاع على آراء العملاء واقتراحاتهم بتعديله وتطويره، ومن ثم سينعكس ذلك إيحابيًا على معدلات مبيعاتك. اقرأ أيضًا: الابتكارات الطبية كمهمة إنسانية نموذج العمل الرشيق إن الشركات البطيئة هي أكثر الشركات فشلًا؛ ولذلك يذهب Bernhard Schroeder إلى أن استراتيجية نموذج العمل الرشيق “Lean Model Framework” هي الحل الناجع لضمان النجاح وانتشال الشركات من وهدة الفشل، وعلى هذا، يمكن القول، واعتمادًا على هذا الطرح، إن ريادة الأعمال أمر سهل يقول صاحب كتاب: Fail Fast or Win Big: “إذا كنت ترغب في بيع منتج ما، فقط اصنعه. إذا كنت تريد بيع خدمة، ما عليك سوى توصيلها. إذا كنت ترغب في إنشاء شركة، فقط أنشئ شركة”. لكن هذا الطرح يعني، وفي الوقت ذاته، حتمية الالتزام بالتطوير، والعمل الدائم على تحسين المنتج/ الخدمة وتجويده، والإنصات إلى ما يقوله العملاء. ولأن ريادة الأعمال أمر بسيط _بالمعنى العميق للكلمة_ ولأن نجاح رواد الأعمال أمر ممكن؛ فإن من الواجب عليهم، في حال رغبوا في اتباع استراتيجية نموذج العمل الرشيق Lean Model Framework، أن يستخدموا كل الموارد والمصادر التي تحت أيديهم؛ رغبة في تقليل التكلفة قدر الإمكان. إن هذه الفكرة تقودنا إلى القول بأن نجاح رواد الأعمال متوقف في جزء كبير منه على المنتجات الأولية السريعة؛ فهي بمثابة بالون اختبار للسوق، أو على الأقل للقطاع الذي تنوي العمل فيه، واستطلاع رأي العملاء المحتملين والمستهدفين على حد سواء حول هذه المنتجات، والاستفادة منها في تطوير المنتج قبل طرحه النهائي في السوق. يقول Bernhard Schroeder: “إذا كنت تستمع إلى عملائك، فسوف تحسن منتجك وخدماتك، بناءً على ملاحظاتهم الجماعية. إذا تجاهلت ملاحظاتهم، فلا داعي للقلق بشأن تحسين منتجاتك أو خدماتك، لأنك لن تحصل على أي مبيعات”. اقرأ أيضًا: المدن الذكية.. حين يصمت الإنسان وتتحدث الآلة! القليل كثير جدًا “Less is more” أو ” القليل كثير” تلك واحدة من الاستبصارات القيمة التي يطرحها هذا الكتاب، فمؤلفه يذهب إلى أن القليل من الموارد التي بحوزة رائد الأعمال كثيرة جدًا، وذات مردود وأثر هائل، لكن بشرط أن يحسن استخدامها، وأن يتمكن من جلب الكثير من الفرص والمنافع عبر استخدامها. عليك، كرائد أعمال، اعتمادًا على هذا الطرح، ألا تقلق كثيرًا بشأن الموارد أو تكلفة الإنتاج الأولية، وإنما عليك أن تعرف ما هو بحوزتك فعلًا، وأن تحسن استخدامه. ونجاح رواد الأعمال مرهون بهذه النقطة أيضًا؛ إذ إنها ستعفيهم من المخاطرة برأس مال كبير في البداية، وإنما ستجعلهم ينمون بسرعة اعتمادًا على آراء العملاء واقتراحاتهم. إن ريادة الأعمال أمر سهل طالما التزمنا بالتطوير والتجويد الدائم، بل إن القول بخطورة ريادة الأعمال لن يؤدي في النهاية سوى إلى صد الناس عنها على الرغم من أن العالم الآن أحوج ما يكون إليها. اقرأ أيضًا: أوهام ريادة الأعمال.. ما هو ثمن النجاح؟ العمل في زمن ريادة الأعمال.. تأملات فيما بعد الكورونا ما وراء خطة العمل.. مهارات يحتاجها رواد الأعمال حقًا
مشاركة :