إذا ذهب المواطن إلى قسم الطوارئ في أي مستشفى حكومي في مدينة أو محافظة كبرى فإنه يرى أمامه طوابير من المرضى ليس على الأسرة بل في ردهات القسم بين جالس وواقف ومنوم على سرير طوارئ مؤقت، فيما يكون الأطباء يدورون بينهم يحاولون تشخيص أمراضهم وعلاجهم أما إن كان المريض يحتاج لتنويم فإن الجواب الحاضر أن الأسرة ممتلئة عن بكرة أبيها وأمها والانتظار في القسم قد يكون بالساعات وسط قلق مرافقي المريض وهم يرونه يعاني من ارتفاع حرارته أو ما يصاحب ذلك من آلام وقيء ، فإذا أخذ بعضهم مريضه لمستشفى خاص لم يجد الأحوال في عياداته أقل ازدحاما مما وجده في المستشفى الحكومي لأنه سيعطى رقما يفهم منه أن قبله عشرين حالة تزدحم على باب طبيب واحد فلو أن كل حالة تحتاج لعشر دقائق فإن مدة الانتظار حتى مقابلة الطبيب تصل إلى نحو أربع ساعات ولذلك تجد بعض المرضى يأتون في الرابعة عصرا فلا يدخلون على الطبيب في المستشفى الخاص إلا بعد صلاة العشاء وإن احتاج مريض للتنويم في المستشفى نفسه أو في غيره فإنه قد يجد الأسرة مشغولة مع أنه يعالج على حسابه ولكن ذلك هو الواقع حتى باتت بعض المستوصفات المتواضعة السمعة تعاني هي الأخرى من الازدحام في عياداتها المختلفة لاسيما إن بلغ المراجعون لها وجود طبيب «يفك الحرف» في مجاله فتكون عيادته مزدحمة والمواعيد لديه بالأيام وربما بالأسابيع وانتهز بعض الأطباء حاجة المرضى فرفعوا رسوم الكشف إلى ما يزيد على الضعف في سنوات قليلة فكان الاستشاري بمائة ريال فأصبح بمائتين ثم بثلاثمائة ريال حتى أصبح أخيرا بأربعمائة ريال ولم يسلم من مشاعر الاستغلال للمرضى إلا القليل من الأطباء وكذلك بعض المستوصفات التي أبقت رسومها القديمة كما هي أو زادتها بنسبة بسيطة فزاد الإقبال عليها أكثر وحمد لها المرضى عدم جشعها ورقيها الإنساني النادر!. وما ذكر من مآسي الزحام وطول الانتظار في أقسام الطوارئ والعيادات الخارجية وعدم توفر أسرة ظل يتنامى منذ نحو عقد من الزمان عاماً بعد عام وتوالت التحذيرات من وصول الأمر إلى مستوى الأزمة في الأسرة والعلاج، وتقلب على منصب الوزارة نحو ثمانية وزراء وبنيت بعض المستشفيات ولكنها لم تعمل بكامل طاقتها لعدم توفر الكوادر البشرية وسمعنا من يتحدث عن منافسة شديدة على الكوادر المستقدمة وعلى الكوادر المحلية مع أنه لم يثبت أنها كوادر عالمية ولكنها قد تكون مثل الأعور في بلد العمي ومع ذلك فإن الواحد منهم لا تستطيع التفاهم معه لأنه يتكلم من وراء أرنبة أنفه هذا إن تكلم معك!. وتقف وزارة الصحة مثل خراش التي تكاثرت عليها المشكلات فلا تدري خراش ما تصيد!.
مشاركة :