تحاط الملكة في خلايا النحل بالعديد من الإناث والذكور، وذلك لأن لها دوراً رئيسياً في حياة الخلية، وهو الأمر الذي يشعرها أنها أكبر وأكثر تميزاً ممن يحيطون بها، وهذا الشعور يصيب بعض النساء، ويترتب عليه أن تتعالى على الأخريات من حولها.ويطلق الباحثون والأخصائيون النفسيون على هذه الحالة والشعور مسمى متلازمة ملكة النحل، والذي يقصد به فرض السيطرة على الآخرين مع إظهار ما لديهم من عيوب ومنافستهم.ترجع هذه المشكلة في الغالب إلى شعور السيدة أو البنت المصابة بالفوقية وتعزيز الأنا لديها، مع حرصها على أن تظهر أي إنجازات، حتى لو كانت بسيطة.ونتناول في هذا الموضوع مرض متلازمة ملكة النحل بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه المشكلة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، وطرق الوقاية الممكنة التي ينصح بها الباحثون، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة. أول تعريف ظهر مصطلح متلازمة ملكة النحل عام 1973 لأول مرة، وذلك عندما عرفه كل من جل ستينس وتي جاياراتن وسي تافريس علماء من جامعة ميتشيجان.وتصف المتلازمة مجموعة من السلوكيات التي تظهر على المرأة، وخاصة لدى بعض اللاتي يشغلن منصباً قيادياً عند تعاملها مع مرؤوسيها من النساء، فتكون معاملتها لهن أسوأ من الرجال، كما تنظر لهن نظرة دونية.ويعني هذا التعريف أن المرأة التي تتميز في فعل ما أو تنجز عملاً معيناً، لا تريد أن تنجح باقي النساء مثلها، ويؤدي هذا الأمر إلى أن تتعامل معهن بقسوة، مع توجيه الانتقادات اللاذعة لهن.ويصف تعريف آخر هذه المتلازمة بأنها المرأة التي حققت نجاحاً في مجال عملها، إلا أنها رافضة في الوقت نفسها أن تساعد غيرها من النساء في تحقيق ما حققته هي. فكرتان متناقضتان توجد فكرتان منتشرتان في الأوساط العلمية والاجتماعية عما تلعبه النساء من دور في حياة بعضهن البعض، وتبدو كلتا الفكرتين مناقضة للأخرى، حيث هناك المرأة الصالحة التي تدعم غيرها من النساء عند تقدمها في العمل، وفي المقابل هناك ملكة النحل.ونعني بمصطلح ملكة النحل السيدة التي نجحت في وظيفتها بشكل كبير، إلا أنها ترفض مساعدة غيرها من النساء حتى يحققن ما وصلت إليه من منزلة مرموقة.ويرجع بعض الباحثين سبب ذلك أن من تشغل المناصب القيادية من النساء ربما يشعرن أنه من الواجب على غيرها من النساء سلوك نفس الطريق الصعب الذي سلكته هي من قبل، أو في تعبير آخر يعتقدن أن على غيرهن أن يعانين نفس المعاناة التي رأتها في بداية الرحلة حتى بلغت هذا النجاح المميز. إهدار الوقت تهدر المرأة كثيراً من الوقت في التنافس مع الأخريات، كان هذا ما وصلت إليه دراسة حديثة في إحدى الجامعات الأمريكية، وذلك عندما طلب القائمون على الدراسة من المبحوثين اقتسام ما لديهم من أموال مع شريك وهمي من نفس الجنس، مع حق القائد في الاحتفاظ بأي قدر من المال.ووجد القائمون على الدراسة أن الرجال كان لديهم استعداد أكبر لمكافأة زملائهم في المراتب الدنيا، وذلك أكثر مما فعلت السيدات القياديات.وذكرت دراسة أخرى أن النساء أكثر عرضة للتنمر من قبل بنات جنسهن أثناء العمل، وبحسب المبحوثين في الدراسة فإن حوالي 80% من النساء التنفيذيات ذكرن هذا الأمر، وهو ما كان سبباً في توقف تقدمهن المهني. المعاناة من التنمر عانت الإناث من التنمر في بيئة العمل بشكل أكبر، وذلك ما أظهرته بعض الأبحاث، حيث ذكرت أن 58% ممن تعرضن للتنمر إناث، كما أن هؤلاء يخترن غيرهن من النساء ضحايا لهن.ويعتبر سلوك ملكة النحل - بحسب الدراسة - أكبر عائق أمام تقدم المرأة في العمل، ومن الممكن أن يسبب آثاراً سلبية دائمة في الوظائف الفردية، بل يمتد الأثر السلبي لمؤسسات بأكملها، وفي الغالب يتسبب الخوف من سيطرة متلازمة ملكة النحل في منع المرأة الموهوبة من التقدم في العمل.وتكون نتائج حدوث نزاع بين زميلات العمل سلبية وطويلة الأمد، وعلى الجانب المقابل فإن نفس النزاع لو حدث بين رجلين أو رجل وامرأة فإن إمكانية إصلاح العلاقة يكون أسهل بكثير. عدم الأمان تكشف الدراسات العلمية الخاصة بعلم النفس أن متلازمة ملكة النحل يتسبب فيها إحساس المرأة بعدم الأمان، وينعكس شعورها هذا على الأخريات.ويعرف هذا الأمر بالإسقاط النفسي، وتعمل على أن تتخلص منه عبر أسلوب تعاملها السيئ مع بنات جنسها، وفي العادة فإنهن يبتعدن عنها.ويمكن أن ترجع الإصابة بهذه المتلازمة إلى الكثير من الضغوط الاجتماعية التي تتعامل معها، وكذلك معايير الجمال المستحيلة.ويؤدي إلى هذه المتلازمة بعض السلوكيات، كالقيام بكل شيء بصورة صحيحة، ويتم تعليمها أيضاً أن النساء الأخريات هن منافسات لها.وتشمل هذه السلوكيات التي تتعلمها المرأة نقد النساء الأخريات والحكم عليهن والرغبة في التحسن، وتتسبب كل هذه السلوكيات في الإصابة بمتلازمة ملكة النحل. التباهي والعدوانية تظهر بعض الأعراض التي تشير إلى الإصابة بمتلازمة ملكة النحل، ومنها الحرص على الظهور، ولفت النظر بصورة مبالغ فيها، سواء في ملابسها أو الإكسسوارات التي ترتديها، مع التباهي ووضع نفسها قبل غيرها.وتوجه المصابة بهذه المتلازمة دائماً النقد للأخريات، فتتحدث عنهن بسوء، وتطلق على كل أقوالهن أو أفعالهن الأحكام السلبية، مع حرصها على أن تقلل من أهمية ذلك، وربما وصل الأمر في بعض الأحيان إلى الإهانة أو التحقير.وتشمل الأعراض كذلك إظهار العدائية في التعامل مع الزميلات وإساءة معاملتهن، ولذلك فلا يكون لديها صداقات نسائية، ويكون بناء السلوك لديها سلبياً وعدوانياً ومثيراً للقلق.وتسعى المصابة بهذه المتلازمة إلى أن تدمر ثقة الأخريات بأنفسهن، وإصابتهن بالإحباط والشعور بالدونية وعدم الرضا عن النفس.ويلاحظ أن من تعاني متلازمة ملكة النحل تكون في حاجة إلى أن تتعلم وتمارس احترام الذات لمن تعتبرهن في منافسة معها، لأن ما تقوم به في الحقيقة يرجع إلى فقدانها الثقة في نفسها. سلوكي ومعرفي يعد علاج متلازمة ملكة النحل صعباً، لأن الكثير من المصابات بها إما يرفضن فكرة أنهن يعانين مشكلة تحتاج إلى علاج، أو أنهن لا ينتبهن إلى الأعراض التي تظهر عليهن.ويعتمد العلاج بشكل أساسي على أساليب العلاج السلوكي المعرفي، والتي تهدف إلى تغيير فكرة المصابة عن التعامل مع زميلاتها الإناث، وذلك من خلال تعليمها احترام الذات لمن يمكن أن يكون في منافسة معها، مع ممارسة هذا الأمر بصورة تدريجية.ويجب أيضاً أن تتخلص المصابة من الشعور بعدم الأمان، والذي من الممكن أن يكون سبباً رئيسياً في تصرفاتها تجاه زميلاتها، كما يمكن أن تساعد أساليب الاسترخاء في التغلب على الضغوط الاجتماعية، وكذلك معايير الجمال المستحيلة.وتساعد أيضاً أساليب الاسترخاء في تحسين سلوكيات المصابة مع النساء الأخريات، والتي من الممكن أن تكون سبباً في ابتعاد الأخريات عنها. المرأة الحديدية تعتبر أبرز الشخصيات النسائية التي وصفت بأنها مصابة بمتلازمة ملكة النحل رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجرت تاتشر، والتي عرفت في وقتها بأنها المرأة الحديدية، وذلك لأنها لم تدعم دور المرأة في حكومتها.ووصفت كذلك رئيسة وزراء بريطانيا المستقيلة تيريزا ماي بأنها ملكة نحل، لكونها لم تعزز من الوجود النسائي في حكومتها أيضاً.واستخدمت سالي ديفيز أيضاً نفس المصطلح في عام 2014، حيث كانت أول امرأة تترأس قسماً طبياً في إنجلترا، ووصفت تجربتها بقولها إن ملكة النحل تستمع بأنها المرأة الوحيدة في مكان العمل.وينصح في العادة للتغلب على هذه المشكلة بأن تشكل لجان التوظيف من كفاءات ذكورية وأنثوية، حتى يمكن أن تتوفر المهنية والموضوعية في انتقاء أفضل المرشحين للوظيفة. ويجب أن تؤخذ هذه اللجان على محمل الجد، لأن تعيين مدير أو مديرة سيئة من الممكن أن يفسد أجواء قطاع كبير بأسره، وربما كان سبباً في هروب الكفاءات إلى أماكن أخرى، ويسبب ذلك انهيار العمل في هذا المكان.
مشاركة :