تعليم المستقبل: الجوانب المشرقة لجائحة كورونا في التعليم

  • 4/26/2020
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قالوا: «لكل سحابة قاتمة جانب مشرق». ونقول نحن التربويين: رغم قسوة جائحة كورونا على البشرية فإن لها في التعليم بعض الجوانب المشرقة. نستعرض فيما يأتي جانباً من أهم هذه الجوانب بشيء من التفصيل. لقد علمتنا الجائحة أهمية التركيز على التعلم المرن (Flexible Learning). وما التعلم الإلكتروني (e-Learning) والتعلم عن بعد (Distance Learning) والتعلم المفتوح (Open Learning) إلا أمثلة مختلفة من التعلم المرن، الذي يتسم في أبسط أشكاله بالمرونة في اختيار المكان والزمان ووتيرة (سرعة) التعلم من قبل المتعلم.أما المرونة في اختيار المكان فقد أتاحت للطلاب فرصة الدراسة من البيت، حيث يتم نقل الدروس والحصص والمواد التعليمية إليهم عن بعد باستخدام التقنيات المختلفة مثل الإنترنت والتلفاز وأجهزة الهواتف الذكية وغيرها. وتتيح بعض هذه التقنيات التفاعل المباشر بأشكاله المختلفة: بين الطالب والمعلم، وبين الطالب والمواد التعليمية، وبين الطلبة أنفسهم، مما يجعل عملية التعليم والتعلم أكثر فاعلية. وتشير الكثير من البحوث التربوية إلى أن هذا التفاعل (عن بعد) يشجع الطلاب الخجولين الذين لا يفضلون الحديث أمام زملائهم ويميلون إلى المشاركة والتعبير عن أنفسهم عن طريق الكتابة.وأما المرونة في اختيار الزمان فقد مكنت الطلاب من تحديد الأوقات المفضلة لديهم للقيام بعملية التعلم. فمنهم من فضل الدراسة في الصباح الباكر حيث يكون النشاط في أوجه، ومنهم من اختار المساء لهدوئه، ومنهم من وجد في الليل السكينة والطمأنينة، ومنهم أيضاً من قسم أوقات الدراسة صباحاً ومساء وليلاً. ولعل المرونة في اختيار وتيرة (سرعة) التعلم هي من أهم ما يمتاز به التعلم المرن، حيث يستطيع الطالب دراسة المواد التعليمية بناء على قدراته ومهاراته الدراسية وخبراته السابقة. بمعنى أن يحدد الطالب السرعة المناسبة له لفهم الدروس وتحقيق الأهداف التعليمية، والذي ينعكس بدوره على الوقت الذي يبذله في التعلم. وهذا بالطبع يختلف من طالب إلى آخر، حيث يحتاج بعض الطلاب إلى وقت أطول لتحقيق الفهم مقارنة بزملائهم، وعادة يضطرون إلى الإعادة والتكرار للوصول إلى نفس المستوى من الاستيعاب الذي حققه زملاؤهم في وقت أقل. والجدير بالذكر أن الحصص المدرسية في التدريس التقليدي (وجها لوجه) لا تسمح لجميع الطلاب باختيار الوتيرة المناسبة للتعلم بسبب محدودية وقتها.ولعل من البديهي أن يسأل البعض: كيف نوظف التعلم المرن بعد انتهاء جائحة كورونا ورجوع الطلاب إلى مدارسهم؟ بصيغة أخرى: هل يمكن أن نستخدم التعلم المرن بجانب التعلم التقليدي؟ في الواقع، إن الإجابة عن هذا السؤال هي المغزى من هذا المقال.إن ما نقوم به اليوم كطلبة وأولياء أمور ومعلمين وقادة تربويين هو في الأساس تعلم مرن بأبسط أشكاله. وكلنا بالمناسبة بدأنا نكتسب خبرة في هذا النوع من التعلم من دون إدراكنا لذلك، وكل يوم تزداد تلك الخبرة شيئاً فشيئاً. فماذا نحن صانعون بهذه الخبرة التي لا يستهان بها بعد انتهاء جائحة كورونا؟ إن لم نتابع هذا النوع من التعلم فستنتهي خبرتنا إلى جزء من الذاكرة ننساه بعد صيف أو اثنين. يشير عدد من التربويين إلى أن الطريقة المثلى للاستفادة من التعلم المرن في عصرنا الحالي تتمثل في دمجه بالتعليم التقليدي. ويكون ذلك بتوزيع الحصص المدرسية إلى حصص يتم تنفيذها في المدرسة بالطريقة التقليدية وأخرى يتم عرضها في البيت بطريقة التعلم المرن. أما نسبة التوزيع، فبالإمكان البدء بثلثي الحصص لتكون تقليدية وثلثها الآخر تعلماً مرناً، مع متابعة كثيفة من المدرسة لهذا الثلث. وربما تتغير النسبة تدريجياً مع مرور الزمن بتغير متطلبات العصر وتقدم تقنيات التعليم، حيث يرى الكثير من التربويين أن مستقبل التعليم سيكون كله «مرناً».

مشاركة :