تراجع سعر برميل النفط الفنزويلي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من 20 عاما، ما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، بينما يشهد هذا البلد انتشارا لوباء فيروس كورونا المستجد. وبحسب "الفرنسية"، أعلنت وزارة النفط الفنزويلية أن سعر برميل النفط الفنزويلي هبط بين الإثنين والجمعة إلى أقل من عشرة دولارات. وقالت الوزارة التي تعتمد في أرقام إنتاجها النفطي العملة الصينية (اليوان) احتجاجا على العقوبات الأمريكية المفروضة عليها إن سعر البرميل الواحد من نفطها بلغ 70,62 يوان (9.9 دولار) بين الإثنين والجمعة، في سابقة منذ 1998 عندما بلغ سعر البرميل 9.38 دولارات، وقد خسر بذلك 23.2 في المائة من قيمته، مقارنة بالأسبوع الذي سبق. وكانت أسعار النفط قد انهارت في الأشهر الأخيرة في الأسواق الدولية، خصوصا خلال الأسبوع الجاري، الذي بلغ فيه سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط ناقص 37.36 دولار الإثنين، بسبب انخفاض الطلب مع إجراءات العزل المفروضة على نصف سكان العالم لوقف انتشار الوباء. ورأى خبير أن هذا الوضع يمكن أن يشكل كابوسا لفنزويلا، التي تعتمد إلى حد كبير على صادراتها من الذهب الأسود، وقال فرنسيسكو مونالدي الخبير في النفط في رابطة الصحافة الأجنبية في فنزويلا "إنه وضع بالغ الصعوبة"، مشيرا إلى أن فنزويلا "تحتاج في الأوضاع العادية إلى أسعار تتجاوز الـ30 دولارا للبرميل لكي تجدي مواصلة الحفر ودفع رسوم الامتياز". ويقدر الخبراء تكلفة إنتاج برميل النفط الفنزويلي الواحد بنحو 18 دولارا، لكن الأسعار الأسبوعية تراجعت هذا الأسبوع إلى أقل بكثير من المعدل السنوي لعام 2019 الذي كان 56,70 دولار، ولعام 2018 كان 61.41 دولارا. وأدى استمرار انخفاض أسعار النفط منذ 2014 إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في فنزويلا، ودفع نحو 4,9 مليون شخص إلى مغادرة البلاد منذ 2015 بحسب الأمم المتحدة. وخلال ستة أعوام، تراجع اقتصاد فنزويلا بمقدار النصف. ويشكل هذا السعر المتدني جدا ضربة إضافية لاقتصاد مستنزف أساسا يعاني تضخما مفرطا (تسعة آلاف في المائة في 2019) وستة أعوام من الركود، بينما أدت العقوبات الأمريكية القاسية إلى تجفيف مصادر التمويل. ويملك هذا البلد الواقع في أمريكا الجنوبية أكبر احتياطيات نفطية في العالم. لكن هذا القطاع يعاني الفساد ونقص الاستثمارات، كما يقول محللون والمعارضة الفنزويلية. وتفيد أرقام قدمتها شركة النفطة الوطنية الفنزويلية (بيديفيسا) إلى منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، أن الإنتاج تراجع من 3.2 مليون برميل يوميا في 2008 إلى 865 ألفا في فبراير. وقد عاد إلى المستويات التي كان عليها في أربعينيات القرن الماضي. ونتيجة لذلك تتراجع السيولة بشكل كبير، وذكرت الشركة الاستشارية "إيكو-أناليتيكا" أن 80 في المائة من عائدات البلاد كان مصدرها النفط في 2019. وصرح الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أخيرا في كلمة متلفزة "في فنزويلا ليس لدينا نفط بعشرة دولارات ولا بأقل من عشرة دولارات". ويرى خوسيه مانويل بوينتي الخبير الاقتصادي أن "هامش المناورة الذي يملكه محدود جدا"، وتفاقم النقص في المحروقات في الأسابيع ألأخيرة في فنزويلا، حيث تتشكل صفوف طويلة من السيارات أمام محطات الوقود في العاصمة كاراكاس، وكانت هذه المشكلات لا تؤثر منذ أعوام سوى في المناطق الداخلية في البلاد. وكانت عائدات فنزويلا من صادرات النفط قد بلغت 750 مليار دولار بين 2004 و2015. ووصل سعر البرميل الواحد في 2011 و2012 إلى الذروة عندما بلغ 101,06 دولار و103.42 دولار على التوالي. ودون هذه السيولة تقوم الحكومة بصك العملة لسد العجز في الميزانية، ما يؤدي إلى تفاقم سريع للتضخم عدا عن النقص في السلع الأساسية والأدوية.
مشاركة :