ترك شهر رمضان علامات بارزة في نفوس العديد من الكتاب والمبدعين، ومنهم من كان الشهر ملهم لهم في العديد من أعمالهم، لما يتمتع به الشهر الكريم من طقوس، وعادات، يفعلها المصريون في ذلك الشهر، ومن هؤلاء الأدباء الكاتب الكبير يوسف إدريس. ويقول يوسف إدريس عن شهر رمضان: "تستعد الناس في الريف والأحياء الشعبية لشهر رمضان بتنظيف الطرقات أمام البيوت وشراء فوانيس للصغار وتوفير البن والسكر والشاي وغيرها من لوازم رمضان وتمتلئ الأجولة أمام الدكاكين بالياميش وتنشغل الأسر في الأيام السابقة لرمضان بتهيئة المطبخ وتبييض الأواني وتخزين ما تيسر من النقل والسكر والبصل والتوابل". يتناول الكاتب شهر رمضان قصته "جمهورية فرحات" التي تدور حول الصول فرحات وأفكاره عن عالم الشرطة والإجرام، القصة تم نشرها كمسرحية وقصة فى آن واحد؛ حيث كانت قصة فى البداية ثم أجرى عليها الكاتب بعض التعديلات التى تسوغ أن تكون مسرحية جديرة بهذا الاسم. وصف "إدريس" الصلاة فى الجوامع فى شهر رمضان فى هذه الرواية قائلا: "إن الجامع قد امتلأ روعة وأحاسيس رنانة فيها دمدمات موسيقية ضخمة، يكح المصلى من هؤلاء فيكح فراغ الجامع الهائل". وتابع: "إذا قيلت «بسم الله الرحمن الرحيم» فسرعان ما تتضخم وتتضخم وترن وترن وتكبر وتكبر وتموج وتلد بسملات أخريات تتصادم وتتكسر عند الجدران العالية والملساء، والأروع حين يسجد المصلون باركين على الأرض فمئات الظهور المنحنية كلها متشابهة، وإن اختلفت فى ألوان ملابسها صانعين بهذا سجادة عالية محببة مزخرفة بكل الألوان تفرش المسجد من الحائط للحائط". وعن رمضان يذكر إدريس خلال القصة أن هذا الشهر سيعرف لأنه يرى الناس ولا يرونه ويعرف إن كانوا يفطرون أو لا يفطرون، وقد ارتسم رمضان فى عقل بطل الرواية كأنه فى حجم الدنيا كلها يجلس على عرش من ذهب وألماظ بعيدا بعيدا خلف الشمس، ووراء كل النجوم والسحب، ويعرف دون أن ينظر من الفاطر ومن الصائم ويبطح الفاطر ويلقى عليه حجرا يصيب منتصف جبهته ويسيل الدم.
مشاركة :