الروبوتات في الخط الأمامي لمعركة «كورونا»

  • 4/27/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كل اختراع جديد يثير الجدل، فالناس بالفطرة تخشى كل جديد يخالف نمطية حياتهم وما اعتادوه، ولا سيما إذا كانت تداعيات استخدام هذا الجديد غير واضحة الملامح. فكرة تولي الروبوتات وظائف كانت حكراً على البشر، واحدة من المسائل الإشكالية والجدلية، وهي تندرج في إطار المسائل التي تثير تحسس البعض من فكرة أي استغناء عن الأيدي العاملة، وما يفضي إليه ذلك من رفع لمنسوب البطالة. ولكن في خضم انتشار فيروس كورونا المستجد، وما أبداه من طبيعة عدائية، برزت الحاجة لدور تلعبه الروبوتات بمعزل عن الجدل. وقد ظهرت وظائف متعددة لها في عدد من الدول، بدءاً بمساعدة الطواقم الطبية في المستشفيات، وليس انتهاء بتوزيع الطعام، مروراً بالتعقيم ولعب دور الشرطي في مراقبة وضبط التباعد الاجتماعي.في الصين الصين أنشأت في 10 مارس 2020 أول «مستشفى ذكي» تديره «روبوتات» لخدمة مرضى «كورونا»، حيث اهتم فريق يتكون من 14 روبوتاً بمرضى مستشفى ميداني في مدينة ووهان، التي انطلق منها الوباء، فيما نشرت عشرات الروبوتات الأخرى في عدد من المستشفيات الأخرى. وأوضح مسؤولون أن كل روبوت مزود خمس كاميرات عالية الدقة وبمقياس حرارة بالأشعة تحت الحمراء. وقد جرت عملية كشف حرارة المرضى، بالاستعانة بأدوات قياس تعمل بتقنية الجيل الخامس عند مدخل المستشفى الميداني، فيما كانت روبوتات أخرى تقدّم لهم الأطعمة والأدوية، وتولى روبوت يحمل اسم «كلاود غينغر» التواصل مع المرضى وقياس ضغط الدم وبيانات حيوية أخرى، والقيام بدوريات، وتطهير المستشفى، وإعطاء معلومات وإرشادات للمرضى، بل ممارسة الرقص أمام المرضى لرفع معنوياتهم ومساعدتهم على التغلّب على الملل. وظهرت روبوتات تابعة للشرطة في المطارات ومراكز التسوق، وهي تذكّر السكان «بارتداء الكمامات، وغسل اليدين، وتجنب التجمع، والتطوع لقياس درجة حرارة الجسم»، وتخبر الشرطة في حال رصدت شخصاً لا يرتدي قناعاً. الروبوت «كلاود غينغر» لديه بخاخ بيروكسيد الهيدروجين على «رأسه» و9 مصابيح فوق بنفسجية في «بطنه»، وهو مزوّد 4 مجموعات من المصابيح لقتل الجراثيم بالأشعة فوق البنفسجية القصيرة و5 فوهات لرش المطهر. وأظهر مقطع فيديو نشر على نطاق واسع روبوتاً في الصين يحمل معقماً للأيدي ويوزعه على المارة في الشوارع وبالقرب من محطات المترو.في أمريكا وفي الولايات المتحدة، وتفادياً للإغلاق وتجنيب عمال التوصيل خطر الإصابة بالفيروس، تستعين متاجر بروبوتات لتوصيل البضائع للزبائن. وفي ظل ملازمة المستهلكين منازلهم وتعريض عمال التوصيل لخطر الإصابة بفيروس كورونا، سجلت شركة «ستارشيب تكنولوجيز» التي تتخذ مقراً لها في سان فرانسيسكو ازدياداً في طلبات التوصيل عبر الروبوتات. عمليات التوصيل بالروبوتات من «ستارشيب» تسلط الضوء على الحاجة المتزايدة في ظل تعليمات التباعد الاجتماعي. وقدّمت شركة بوسطن ديناميكس لصناعة الروبوتات، روبوتاً يحاكى الكلاب، ليساعد الأطقم الطبية في بريغهام ومستشفى النساء بجامعة هارفارد. وذكرت جريدة ديلي ميل البريطانية أن الروبوت ذا الأربع أرجل يعمل لعلاج المرضى عن بُعد للحد من خطر الإصابة بـ«كورونا»> وللحد من الشعور بالوحدة والعزلة بين المسنين في بلجيكا، قام المهندسون بنشر روبوتات في نحو 70 داراً للمسنين. ويعمل الروبوت على زيارة المسنين والتحدث معهم والتحرك حولهم لتسليتهم ومساعدتهم في مهامهم الحياتية اليومية.الروبوت «تومي» إيطاليا التي تحتل المركز الثالث من حيث عدد الإصابات بـ«كورونا» والثاني من حيث عدد الوفيات، بدأت كذلك باستخدام روبوتات لمساعدة الأطباء على علاج المرضى، حيث يستخدم مستشفى سيركولو بمدينة فاريزي، 6 روبوتات، أحدها يدعى «تومي». وهو ينتقل على عجلات إلى الغرف، ويتركه الأطباء إلى جانب أسرّة المرضى، من أجل أن يتسنّى للأطباء معالجة الحالات الخطيرة. ويعد «تومي» ممرضاً يستطيع مراقبة مؤشرات الأجهزة، وإرسالها إلى موظفي المستشفى. كذلك، فإنّ هذه الروبوتات تضمّ شاشة تعمل على اللمس، وتسمح للمرضى بكتابة الرسائل وإرسالها إلى الأطباء.روبوتات تتخرج طلبة خريجون في إحدى الجامعات اليابانية لم يستطيعوا الحضور بأنفسهم إلى حفل التخرج، فوجدت الجامعة طريقة لإجراء حفل تخرج لطلابها بأمان وسط تفشي الوباء. حيث نظّمت الجامعة في أحد فنادق طوكيو حفل تخرج لـ4 طلاب، باستخدام الروبوتات مكانهم، بدلاً من حفل تخرج افتراضي. واستخدمت هذه الروبوتات شاشة تظهر وجوه الطلبة الأربعة مع أذرع لتسلّم الشهادات بالنيابة عن الخريجين. وارتدت الروبوتات عباءات التخرّج وتحركت وفق تحكم الطلاب بها عن بُعد للحصول على شهادات التخرج، فيما شارك بقية الخريجين في الحفل عبر برنامج Zoom.روبوت عربي بعض الدول العربية ليست بعيدة عن التكنولوجيا الروبوتية، فمجمع الملك عبدالله الطبي بمدينة جدة السعودية استخدم التقنية الحديثة من خلال روبوت لخدمة المصابين بـ«كورونا»، حيث تساهم هذه التقنية في الحد من انتشار العدوى بين الطاقم الطبي والتمريضي والمرضى، والتقليل من استهلاك المستلزمات الطبية الوقائية بحسب صحيفة «عكاظ» السعودية. ويتميز الروبوت بإمكاناته المدمجة مثل السماعة الطبية، والكاميرات الخاصة بفحص الأذن والعين والجلد، إضافة إلى الأدوات التي تمكّن الكادر الطبي من تشخيص حالات المرضى، وقراءة البيانات الحيوية، والاطلاع على ملف المريض باستخدام تطبيق على الهواتف الذكية. وفي تونس، نشرت الشرطة أجهزة روبوت للقيام بدوريات تفقدية في العاصمة لضمان الالتزام بقواعد الإغلاق. ورغم ندرة المشاة في شوارع تونس العاصمة، يقترب روبوت الشرطة من المارة ويسألهم عن سبب وجودهم خارج المنزل. وعلى المارة في هذه الحالة إظهار بطاقات الهوية وغيرها من الأوراق أمام كاميرا الروبوت حتى يتسنى للضباط المشغّلين للروبوت الاطلاع عليها. كما ابتكرت أيادٍ سورية واعدة جهاز روبوت بإمكانه فحص حرارة الشخص عن بُعد، وتسجيل بياناته بدقة. وحسب وكالة الأنباء السورية (سانا) فإن الروبوت صممه فريق من نادي جينيوس للروبوت والبرمجة، وهو يوفر الجهد والوقت ويؤمن السلامة للفاحصين في أماكن التجمعات كالمطارات والمعابر.روبوت ماليزي وفي ماليزيا، ابتكر علماء روبوتاً يأملون أن يقوم بجولات على أجنحة المستشفيات لفحص مرضى «كورونا»، ما يقلل من خطر إصابة العاملين الصحيين بالعدوى. وهو روبوت بطول 1.5 متر، مجهز بكاميرا وشاشة يمكن من خلالها للمرضى التواصل عن بعد مع الأطباء. وفي تايلاند، باتت المستشفيات مجهزة بروبوتات مزودة شاشات لإجراء الاستشارات عبر الفيديو من دون الاضطرار للدخول إلى الغرفة.لا بديل هذه التجربة بمقام مؤشر إلى ما قد يكون عليه مستقبل الرعاية الطبية بالمصابين بالأمراض شديدة العدوى. ولكن، لا يمكن للأجهزة المزودة أنظمة ذكاء اصطناعي، أن تحل محل الأطباء ولكنها توفر حماية لهم. في نوفمبر 1831 أشعل عمال الحرير بمدينة ليون بفرنسا أول انتفاضة عمالية للثورة الصناعية. وأتبعوها بعدد من الثورات اللاحقة في عامي 1834 و1848. تلك الثورات كان سببها «المكننة» التي حلّت مكان العديد من العمال الذين صبّوا جام غضبهم على الآلات وحطّموها. كان ذلك الخيار تعبيراً عن ضعف في الوعي، إذ إن الآلة نفسها لا يمكن أن تكون مسؤولة عن معاناتهم. اليوم، يتمتع الناس بوعي أعلى، ويدركون أن التكنولوجيا لا يمكن أن تحل مكانهم، لأنهم هم من يديرونها، ولأن الإنسان يبقى سيّدها ومبرمجها ومحرّكها. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App

مشاركة :