للفن التشكيلى مع أصحابه قصص وحكايات كثيرة، فمثلما ترك الفن بصمته عليهم، هم أيضًا بالتأكيد تركوا بصمة غائرة فيه، فسواء أكان فنانا غائب أم حاضرا، وسواء أكان مشهورا أو لم يلق من المعرفة والأضواء ما يستحق، فبالتأكيد تلقيبه بـ«فنان» قد أخذت منه العديد من السنوات والمعرفة والخبرة والممارسة.. تدور الحلقة الخامسة من سلسلة «بورتريه» في موسمه الثانى، حول فنان يُعد علامة للإبداع في الحركة التشكيلية المصرية، حيث تمتع برؤية خاصة للموضوعات التى عبر عنها في أعماله الفنية طوال مشواره، هو الفنان التشكيلى وأستاذ التصوير حسن سليمان أحمد والمعروف بـ«حسن سليمان».وُلد الفنان حسن سليمان بالقاهرة في عام ١٩٢٨، وبعدما أنهى مراحل تعليمه الأساسية، التحق بكلية الفنون الجميلة وحصل على البكالوريوس منها بقسم التصوير في عام ١٩٥١، ثم اتجه إلى مراسم الأقصر في بعثة بمرسم الفنون الجميلة استمرت منذ ١٩٥٢، حتى ١٩٥٣.عمل «سليمان» لفترة، مدرسًا للرسم بالجامعة الشعبية للهواة، ثم في الثقافة الجماهيرية، حتى اتجه للتدريس الجامعى فعمل مدرسًا بمعهد السينما وكلية الفنون الجميلة منذ عام ١٩٦٤، وحتى ١٩٧٢، وتخللت هذه الفترة سفره لإيطاليا، لاستكمال الدراسات العليا في سيكولوجية البعد الرابع بأكاديمية بريرا في ميلانو، وذلك في عام ١٩٦٦.لم تقتصر دراساته الفنية عند هذا الحد، فاستمر بدراسات في أسس التصميم ومحاضرات حول مساجد القاهرة، حيث جاء من بينها مساجد السلطان حسن، والشيخة صفية، وبعض خصائص العمارة الإسلامية، كما تم تعيينه أستاذًا للدراسات العليا في جامعة بلاكسبورج قسم العمارة، بولاية فيرجينيا في أمريكا.اعتزل «سليمان» الحياة الثقافية في ١٩٨٧، وهو في التاسعة والخمسين من عمره، وظل يُنتج في مرسمه الذى درس به عددا كبيرا من الفنانين، حتى أصبح معظمهم من كبار الفنانين بوقتنا الحالى.قال عنه الفنان عبد القادر رزق: «الفنان المصور حسن سليمان، يتميز بشخصية فنية واضحة ترتكز على الجدية والإخلاص وصدق المشاعر الإنسانية في عمق وهدوء، نبع أسلوبه الخاص من طبيعته ومن رؤيته الخاصة للموضوع الذى يعبر عنه، سواء أكان هذا الموضوع يتشخص في إنسان، أم حيوان، أم طبيعة صامتة، يُعبر عن كل هذا بأسلوبه المميز في اللون المقتصد والتكوين السليم والتجسيم الصلب والإحساس العميق».كما كتب عنه الفنان والناقد صلاح بيصار قائلًا: «حسن سليمان ظاهرة في الإبداع التشكيلى المصرى المعاصر، فلوحاته مع قدرتها التعبيرية وتأثيرها الدرامى تتميز بالتنوع والثراء من مرحلة إلى أخرى، والفن عنده أشبه باليوجا، يرسم بقوة وجدية كمن يتنفس تحت الماء، يرسم بروح عصر النهضة».للفنان «حسن سليمان»، العديد من المؤلفات في الفن التشكيلى، يأتى من بينها كتاب «حرية الفنان» الذى خرج في ١٩٨٠، و«الحركة في الفن والحياة»، و«كيف تقرأ صورة»، و«كتابات في الفن الشعبى»، و«سيكولوجية الحركة»، هذا بالإضافة إلى مجموعة أخرى ومساهمات ثقافية وفنية أخرى تركها الفنان وأثر بها في تاريخ الحركة التشكيلية والثقافة المصرية، حتى رحل عن الحياة في ١٨ أغسطس من عام ٢٠٠٨، وذلك عن عُمر يُناهز ثمانين عامًا.
مشاركة :