تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ودورها في مكافحة فيروس «كوفيد 19»

  • 4/27/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مع تفشي فيروس كورونا في عدد من دول العالم ووصفه بوباء عالمي من قبل منظمة الصحة العالمية، بدأت بعض الدول بأخذ عدد من التدابير التي تساعد في السيطرة على الوضع. خير مثال على ذلك ما قامت به مملكة البحرين من جهود جبّارة من خلال الحملة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، إذ تم اتخاذ العديد من الإجراءات من بينها فرض قيود للسفر، واتباع تدابير التباعد الاجتماعي، وتفعيل سياسة العمل من المنزل، وتدشين تطبيق «مجتمع واعي»، وتثقيف المجتمع بأهمية النظافة للتصدي لفيروس كورونا.من منطلق مساعدة الناس في أزمة فيروس كورونا، بدأ عدد من مقدمي خدمات الطباعة ثلاثية الأبعاد والمصممين حول العالم في التطوع لتصميم وصناعة منتجات يتم طباعتها محليًا، وتساعد في مكافحة ومنع انتشار فيروس كورونا.جدير بالذكر أن الطباعة ثلاثية الأبعاد ليست بتقنية جديدة، إذ تم تسويقها لأول مرة في الثمانينات. لكن في الآونة الأخيرة مع تطور التكنولوجيا وانخفاض التكلفة، أصبحت ذات دور أكثر أهمية في عملية التصنيع. الطباعة ثلاثية الأبعاد هي تقنية تعتمد على أخذ بيانات من نموذج ثلاثي الأبعاد، تم رسمه بالحاسوب ومن ثم إضافة طبقات من المواد فوق بعضها بعضًا لإنتاج نموذج أو منتج معيّن. أهمية الطباعة ثلاثية الأبعاد تكمن في إمكاناتها على إنتاج منتجات معقدة ومخصصة مع قدرتها على طباعة كميات صغيرة من المنتجات بتكاليف منخفضة نسبيًا، والطباعة محليًا عند الطلب، ما يوفر تكاليف النقل والخدمات اللوجستية ويسرع العملية ويسمح بمزيد من مراقبة جودة المنتج. علمًا بأن تطبيقات هذه التقنية تشمل صناعة السيارات، الطائرات، الرعاية الصحية، الأدوات والمعدات الطبية، الإلكترونيات، الأزياء، الطعام، العمارة والبناء، وغيرها. الطباعة ثلاثية الأبعاد متوافرة في بعض المؤسسات التعليمية في مملكة البحرين، كبعض المدارس الخاصة وجامعة البحرين التي توفر ورشة التصنيع الرقمي (Fabri Tech) وتساعد الطلاب في تحويل أفكارهم الإبداعية إلى نماذج واقعية من خلال توفير 11 طابعة ثلاثية الأبعاد وجهاز القطع بتقنية الليزر. كما تقوم بعض المؤسسات مثل KBProto، Aim 3D، وMANDA 3D Printing في مملكة البحرين بتقديم خدمات الطباعة ثلاثية الأبعاد محلياً لعامة الناس والشركات.في الأشهر القليلة السابقة قام عدد من المؤسسات والشركات حول العالم بالتسابق في انتاج معدات تساعد على محاربة فيروس كورونا، وأهمية وجود المصانع الرقمية المجهزة بالطابعات ثلاثية الأبعاد زادت خلال هذه الأزمة؛ لأنها تساعد في تصنيع المنتج محليًا لتلبية الاحتياجات الفورية، خصوصًا أن سلسلة التوريد العالمية للمنتجات الطبية تعاني من مشاكل في ظل انتشار الوباء. فعلى سبيل المثال، قام عدد من الشركات والجامعات مثل جامعة ستانفورد وجامعة جنوب فلوريدا وجامعة واشنطن وجيش الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون علنًا لنشر إرشادات عامة لإنتاج مسحات اختبار فيروس كورونا عن طريق الأنف باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، بالتشاور مع الإدارة الأمريكية للأغذية والعقاقير. في إيطاليا مثلاً كان هناك نقص في الصمام المستخدم لأجهزة التنفس الصناعي في بعض المستشفيات، والمورد لم يكن لديه أي صمامات إضافية. لحل هذه المشكلة قام فريق بتصميم وتصنيع الصمام باستخدام الطابعة ثلاثية الأبعاد، ومن ثم استخدامه في أجهزة التنفس الصناعي لإنقاذ المرضى. من جانب آخر، قام عدد من المبدعين بإيجاد طرق لزيادة القدرة الاستيعابية لجهاز التنفس الصناعي من شخص واحد إلى أكثر من شخص، من خلال استخدام صمام فاصل تم تصميمه وممكن صناعته من خلال الطابعة ثلاثية الأبعاد. وللحد من النقص في معدات الحماية الشخصية للكادر الطبي الذي حدث في بعض دول العالم، قام عدد من المصممين بتصميم أنواع مختلفة من واقيات الوجه التي يمكن طباعتها باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي تحد من لمس الوجه وتمنع القطرات المعدية من دخول العين، الأنف والفم. هذه الواقيات ممكن تحميل ملف نموذجها ثلاثي الأبعاد مجانًا من خلال عدد من المواقع الالكترونية، وهي عبارة عن قطعة شفافة يتم تثبيتها على الرأس ويتم ارتداؤها بالإضافة إلى كمامات الجراحة.إن دور الطباعة ثلاثية الأبعاد في مكافحة فيروس كورونا لا يقتصر على المعدات الطبية فقط، إذ يمكن استخدام التقنية لإنتاج معدات تحد من انتشار فيروس كورونا. بما أن الفيروس يمكنه العيش على الأسطح لمدة طويلة، ومقابض الأبواب تمثل خطرًا لأنها من أكثر الأسطح التي يتم لمسها باليد من قبل العديد من الأشخاص، قامت شركة بلجيكية بتصميم منتج يساعد على فتح الأبواب من دون استخدام اليدين. يتم تثبيت المنتج المطبوع على مقبض الباب ليسمح للأشخاص باستخدام ذراعهم لفتح الباب للحد من انتشار الفيروس. كما قامت الشركة بتوفير ملف النموذج ثلاثي الأبعاد الذي تم رسمه بالحاسوب مجانًا لتتم صناعته من خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد من قبل عامة الناس؛ لمساعدتهم في هذه الأزمة.التوجّه نحو استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لمكافحة فيروس كورونا هو جزء من حركة أكبر بين الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، لإعادة توجيه عمليات التصنيع نحو إنتاج الإمدادات الطبية. دون أدنى شك تسببت أزمة فيروس كورونا بالكثير من الأضرار الجسيمة التي لها تأثير صحي واجتماعي واقتصادي، لكنها في الوقت نفسه منحت عددًا من المصممين ومقدمي خدمات الطباعة ثلاثية الأبعاد فرصة ذهبية للتطوع والتعاون، وتحويل أفكارهم الإبداعية إلى منتجات تخدم المجتمع وهو في أمسّ الحاجة إلى مساعدته في مكافحة فيروس كورونا. د. نور نبيل الدويأستاذ مساعد - قسم العمارة والتصميم الداخليكلية الهندسة - جامعة البحرين[email protected]

مشاركة :