كتبت: زينب علي النقصة الرمضانية كلمة باللغة العامية دارجة عند دول الخليج العربي، وهي تعبر عن إحدى العادات القديمة التي لا تزال الأجيال تتوارثها وتستحدثها جيلا بعد جيل. في السابق كانت عبارة عن تبادل الأطباق بين الجيران، حيث ترسل النسوة أطفالهن عادة إلى بيوت الجيران حاملين معهم أطباقا شعبية (أكلات) وضعت في صحون قابلة لإعادة الاستخدام، وذلك قبل حلول أذان المغرب. وعادة ما تكون النقصة طبقا شعبيا مثل (الكباب، الهريس، إلى جانب الحلويات التقليدية مثل اللقيمات، الساقو وغيرها من الأطباق الأخرى). كانت النقصة تضفي على المجتمع مزيدا من الألفة والمحبة، نتيجة لبساطة العطاء الكامن في جوهره، في الآونة الأخيرة طالت هذه العادة البسيطة عدة تغييرات غيرت من محتواها وأشكالها، حيث باتت تقدم بلمسات حديثة وأكثر فخامة.بساطة العطاء ويقول أبو عبدالله: «حين كان عمري 9 سنوات، كانت تجمعنا أمي أنا وبقية إخوتي داخل مطبخها الصغير، الذي امتلأت أرضه بالصحون، حيث كانت تضع الهريس في صحون تقليدية بسيطة، ثم تقوم بوضع (زبدة البقر) عليها حتى تعطيها شكلا أملس، وكان لطبق الهريس طعم خاص. نأخذ الصحون ونتوجه إلى بيوت الجيران حتى نهديهم تلك الأطباق البسيطة، كنا نعود محملين بأطباق الجيران». وقال: «رغم أن العطاء كان بسيطا آنذاك، فإننا نعود محملين بالحب في كل مرة نتبادل فيها النقصة الرمضانية».وبين: «تغير مفهوم النقصة في يومنا هذا، فمع بداية حلول شهر رمضان الكريم، تقوم الناس بإرسال نقصتها الرمضانية بشكل متكلف جداً ومختلف عن السابق، كقيامها بتغليف النقصة في محلات خاصة». فترة زمنية قصيرةوقالت علياء الموسوي «كوننا من الأجيال الحديثة نسبيا على هذه العادة، إلا أن صور الذكريات لا تزال عالقة في ذهني».وتابعت: «مازلت استذكر وقوفنا على أبواب الجيران، ونحن محملون بأطباق والدتي، التي كانت تنم عن حب متأصل بين الناس إلى جانب المودة والاحتواء وصدق التواصل الذي بات يندثر شيئا فشيء ويتحول إلى تواصل إلكتروني أو افتراضي».وذكرت: «مازالت هذه العادة موجودة ولكن بنسبة قليلة، حيث بات الأهالي يتبادلون أطباقهم في صحون بلاستيكية أو غير قابلة لإعادة الاستخدام». وواصلت: «يأتي سبب اندثار هذه العادة نتيجة للتبرير المستمر لكون الناس مكتفية بأطباقها».وقالت: في السابق كنا نرسل أطباقنا إلى الجيران والأهل أما الآن بتنا نرسل صورها عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل (السناب شات والإنستغرام).حلة جديدة وقالت سارة هاني: «في السابق كانت النقصة الرمضانية محصورة في توزيع الأطباق على الجيران والأصدقاء، اما الآن فقد باتت تأخذ أشكالاً مختلفة كأن تقدم على شكل سلة رمضانية توجد فيها بعض المواد الغذائية الرمضانية مثل، المهلبية، الجلي، الشربت، المكرونة، الطحين وغيرها، إلى جانب الهدايا التي تتناسب مع الأجواء الرمضانية مثل، المصاحف والبخور».وأضافت: «هناك العديد من التغييرات التي غيرت من مضمون النقصة الرمضانية، حيث تفننت بعض المحال التجارية في تقديمها، من خلال ابتكارهم أفكارا جديدة لطريقة تقديمها، دمجت بين الماضي والحاضر».
مشاركة :