مشهد يومي يتكرر طوال أيام شهر رمضان المبارك في أرجاء أحياء جزيرة دارين، فقبل مدفع الإفطار هناك عادة تشهدها الجزيرة حيث تلف الأطباق الرمضانية الأحياء، وتوزع على المنازل، ويتم فيها تبادل أطباق الأكلات الرمضانية التي تحتوي على أصناف مختلفة ومتنوعة من الأطعمة الشهية الرمضانية، وتوزع بين الجيران والاهل والاصدقاء من اليوم الأول من رمضان وحتى آخر يوم، وهي من العادات والتقاليد المتوارثة التي دأب على ممارستها مجتمعنا منذ زمن بعيد خلال شهر رمضان. وعادة ما يقوم بهذه المهمة الأطفال الذين يجوبون الحارات لتوزيعها، فالبعض يعتبر هذه من العادات الاجتماعية التي ترافق شهر رمضان، وتدل على فعل الخير، والبعض الآخر يتباهون بما صنعوا من طعام، وآخرون يدفعونها كصدقة للفقراء. ويذكر البعض أن هذه العادة تعمق وتعزز الروابط الاجتماعية وتقويها وتزيد الألفة والمحبة بين الجيران، وعادة ما تتفنن ربات البيوت في تقديم أنواع مختلفة ومتنوعة من الأطباق الشعبية، التي يزداد الإقبال عليها في رمضان، ما يعمق الروابط الاجتماعية ويقويها ويزيد الألفة بين الجيران فترى الأطفال حاملين الأطباق الرمضانية لتوزيعها على المنازل حيث يجدون فيها متعة وفرحة ويتسابقون على توزيعها. من جانبه، قال أحمد فارس البنعلي: لا يزال أهالي دارين يحافظون على الطابع التقليدي وعبق الماضي وعاداته المتوارثة وهذه العادات ليست غريبة على هذا المجتمع الداريني، الذي يغلب عليه الطيبة والكرم. ويضيف البنعلي، العلاقات بين الجيران قوية وتزيدهم هذه العادات بالترابط والمحبة، وعادة توزيع الأطباق الرمضانية يقوم بها الأهالي إحياء للعادات والتقاليد وتأكيدا للالتزام بما كان عليه الأجداد والآباء، والتي يختص بها شهر الصيام ونحن نقوم بها حتى لا يطويها الزمن، ويقول عادة ما نقوم بتوزيع أطباق الهريس لأنه من الأطباق المحببة والمشهورة لدى أغلب المجتمع، كما أنه يعتبر من الأطباق الرئيسية في رمضان وهو الطبق الرئيسي ولا تكاد تخلو منه الموائد الرمضانية، كذلك من الأطباق الرمضانية التي نشترك بتوزيعها هناك الثريد والمكرونة بأنواعها وطرقها المتعددة والكبسة والبلاليط (الشعيرية) واللقيمات والخنفروش والكباب والسمبوسة وغيرها من الأطباق الرمضانية. ويضيف غانم البنعلي نسعى من خلال توزيع الاطباق الرمضانية والتي تحمل الأطعمة المتنوعة إلى تقوية العلاقات بين الأهل والجيران، ونشر روح الاخوة والتسامح وتعزيز مفهوم العطاء المتبادل، هذا ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا من قديم الزمان، وهذا من أبرز ما يميز الشهر الفضيل، ويضيف أن الوالدة -رحمها الله- كانت حريصة على تحمل مسئولية توزيع الأطباق والحفاظ على العادات والتقاليد الرمضانية التي ارتبطت بها جزيرة دارين وأهاليها على مدى عقود من الزمن، وهي تعد المأكولات الرمضانية بنفسها وتوزعها على الجيران طوال الشهر للحفاظ على هذه العادة الأصيلة من الاندثار، وأتذكر عندما كنت صغيرا أقوم بمهمة التوزيع على الجيران بمساعدة أطفال الحي، وما زال أهالي جزيرة دارين محافظين ومستمرين على هذه العادة الطيبة. ويضيف البنعلي أننا نقوم بتوزيع أطباق الهريس بشكل يومي حيث يتم البدء في اعداده من بعد الظهر، ويكون جاهزا للتوزيع قبل الإفطار بساعة، ونحن نستمتع أثناء القيام بهذه العادة الرمضانية، ويقول نقوم بإعداد وتوزيع أكثر من 30 طبقا من أطباق الهريس في اليوم، وبعض الأطباق الرمضانية، ويقول إن تغيير الأحوال والأزمان لن تقف عائقا بالاستمرار بهذه العادة الرمضانية الأصيلة.
مشاركة :