نشرت صحيفة هآريتس العبرية مقالا لـ “نوعا لنداو” أشار فيه لبعض تفاصيل إتفاق نتنياهو – غانس “المبادئ السياسية بشأن قطاع غزة”، وكانت بالشكل التالي: ـ إعادة جثث الجنود والمدنيين المحتجزين في غزة كشرط مسبق لكل اتفاق، أو مشروع أو تسوية تتعلق بقطاع غزة. ـ وضع أجندة جديدة أمام حماس، وإعادة الردع الإسرائيلي أمام منظمات الإرهاب. – الطرفان سيعملان معا.. أي غانس ونتياهو.. للحفاظ على الاتفاقيات الأمنية والسياسية لدولة إسرائيل. ولكن الطرفين اتفقا على موعد الأول من تموز القادم للبحث في ضم أجزاء من الضفة الغربية، الأمر الذي أدى إلى ردود فعل دولية كبيرة خاصة لدى دول الاتحاد الأوروبي، وفي نفس السياق يأتي أيضا ضم الأغوار، الذي سيهدد اتفاقية وادي عربة مع الأردن، ولكن هنا سنناقش رؤية التحالف بين نتنياهو وغانس بشأن التعامل مع قطاع غزة. يبدو أن الطرفين حددا حدود العلاقة مع حركة حماس، ولكن وضعا شرطا لذلك بتسليم جثث جنود اسرائيليين قتلوا على تخوم قطاع غزة في المواجهات السابقة ومدنيين إسرائيليين محتجزين لدى حركة حماس، بدون تنفيذ هذا الشرط لن يحدث أي تقدم بشأن التهدئة بين حركة حماس واسرائيل، التي من الممكن أن تضفي إلى اتفاق طويل الأمد مقابل تسهيلات اقتصادية لحركة حماس وإنشاء منطقتين صناعيتين على تخوم القطاع وبناء ميناء بحري ومطار في فترة لاحقة، نعلم جيدا هدف إسرائيل من ذلك وعبر عنه مرارا وتكرارا رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو عندما قال مرة: “إنني أرسل الأموال القطرية لقاع غزة كي أمنع إنشاء دولة فلسطينية وأعزز الانقسام الفلسطيني، والأهم من كل ذلك إخراج 2 مليون فلسطينيي من معادلة الخطر الديمغرافي، الذي يهدد وجود اسرائيل، تعامل نتنياهو – غانس مع قطاع غزة مرتبط بالحفاظ على قوة الردع مع التنظيمات الفلسطينية التي تدعوها إسرائيل بـ “الإرهابية”، قوة الردع أي منع التنظيمات الفلسطينية مثل حركة الجهاد الإسلامي من الاشتباك مع العدو الاسرائيلي، ولكن كل هذا مرتبط بقدرة حركة حماس على التوافق مع الفصائل الأخرى وخاصة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، واستخدام كل الوسائل الممكنة من أجل تمرير اتفاق التهدئة مع إسرائيل، خاصة بعد أن حسمت حركة حماس أمرها من مسألة غزة أولا، الشعار الذي رفضه الرئيس الراحل ياسر عرفات، شعار غزة أولا يعني تعزيز وتقوية حكم حركة حماس في قطاع غزة، الذي يواجه بمعارضة حزبية وشعبية عارمة، الحل الاقتصادي هذا ما تريده الحركة مقابل تهدئة لعدة سنوات أو أكثر، ولكن بالمقابل وخلال السنوات الماضية أدرك الجمهور الفلسطيني أن السياسة الإسرائيلية مبنية على سياسة الضم والإلحاق، يعني مزيدا من ضم الأراضي والاستيطان بعدما أخرج الرئيس الأمريكي مدينة القدس بكاملها من معادلة أي مفاوضات قادمة، مع إمكانية أن يتم استثناء بعض الأحياء الفلسطينية في المدينة القديمة، سياسة الاحتواء التي يقوم بها نتياهو مع قطاع غزة مستفيدا من الدور القطري، تعزز فكرة انفصال القطاع عن الضفة الغربية ومدينة القدس. الفلسطينيون لديهم تجربة مريرة مع العدو الإسرائيلي في المفاوضات والاتفاقيات، استندت إسرائيل لموازين القوى التي تميل لصالحها بشكل كبير جدا، إلى جانب انشغال العرب بحروبهم الداخلية وبالصراع الشيعي السني، الذي أضعف القضية الفلسطينية، وأدى إلى أن بعض العرب تخلوا عن القضية الفلسطينية، لصالح مواقف الإدارة الأمريكية المؤيدة والداعمة لسياسة نتنياهو العنصرية اليمينية المتطرفة، لذلك أي اتفاق تهدئة بين حركة حماس وإسرائيل سيكون محكوما بمعادلة بقدر ما تنفذ حركة حماس تعهدات أمنية “أي منع الاشتباك مع العدو الإسرائيلي من قطاع غزة “بقدر ما تحصل على مساعدات إقتصادية وميناء ومطار، معادلة تفرق الفلسطينيين وتغلب التناقضات الداخلية الفلسطينية على التناقض الرئيسي مع الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب الأضرار السياسية البالغة التي سوف تمس نضال الفلسطينيين التحرري وتمثيلهم السياسي وهيبة منظمة التحرير الفلسطينية، التي أضعفها الانقسام الفلسطيني لأسباب عديدة تحدثنا عنها في مقالات سابقة، ولكن الأهم هنا على حركة حماس أن تستفيد من تجربة الرئيس الراحل ياسر عرفات في المفاوضات مع إسرائيل، مفاوضات طويلة وعقيمة أدت إلى اغتيال أبو عمار، لأن إسرائيل تريد هدوءَا مع قطاع غزة لتمرير سياسة ضم الأراضي في الضفة الغربية ومدينة القدس بهدوء، تحت سمع العالم وبصره، لذلك التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل تشكل خطرا على مستقبل قطاع غزة ودوره في عملية التحرر من الاحتلال.. اتفاق تهدئة سيكبل طاقات جماهير شعبنا وقواه المسلحة وسيكون وصفة جاهزة للاقتتال الداخلي.
مشاركة :