يبدو أن الحالة الفلسطينية ستبقى , ردها من الزمن, خاضعة إلى الصيغة , التي إنتقلت بها حماس بعد حلها للجنتها الإدارية من حكومة الأمر الواقع إلى معادلة جديدة وهي قوة الأمر الواقع . سلمت حركة حماس معابر قطاع غزة الثلاث , إلى السلطة الفلسطينية , في مشهد إنتظره الفلسطينيون طيلة أحد عشرة عاما . ولكن تجربة الشهر الفائت طرحت الكثير من الأسئلة , في مقدمتها , مفهوم ومعيار سيطرة السلطة و الحكومة على قطاع غزة , في ظل تحول حماس من حكومة أمر واقع إلى قوة أمر واقع , و بمعنى آخر كيف تستطيع الحكومة و السلطة الفلسطينية , من بسط سيطرتها على القطاع , في ظل وجود قوة لحماس أقوى من كل مؤسسات السلطة كانت أمنية او مدنية . و أعتقد بأن هذه المعادلة هي التحدي الأكبر الذي سيواجهه الفلسطينيين خلال الفترة السابقة , خاصة وأن هذه القوة فيما مضى واقل منها بكثير إستخدمت لحسم الصراع في 14 حزيران عام 2007 عام الإنقسام الفلسطيني , لذلك يحتاج الفلسطينيون إلى تطمينات في أساسها سياسية و في جوهرها أخلاقية بإمتياز من قبل حركة حماس , وهذه التطمينات لا تقف عند حدود الوعود ووضع الضوابط ومن ضمنها السلاح وطرق تنظيمه , بل من خلال مطالبة حركة حماس يإحداث عملية مراجعة سياسية , لتجربتها طيلة الأحد عشرة سنة الماضبة , أحد عشرة سنه من المعاناة و الإنقسام وتراجع نظرة العالم للقضية الفلسطينية و خاصة الدول العربية . كل هذا يحتاج من حماس المراجعة و الإستدارة بممارساتها , لصالح إنهاء الإنقسام , من خلال وثيقة سياسية و اضحة غير خاضعة للتأويل , في مقدمة ذلك حرمة الدم الفلسطيني وعدم زج سلاح المقاومة بالصراعات الداخلية أو بالإستقواء على الحالة العامة و محاولة فرض رؤية تخدم أجندة محددة , اللقاءات النشطة التي يقوم بها السيد يحي السنوار عضو المكتب السياسي للحركة و مسؤولها في القطاع, ” الإستماع للفاعليات الشعبية ” شيء هام و لكن يجب ترجمة ذلك إلى رؤية سياسية واضحة إفتقدتها الوثيقة التي أصدرتها حماس في 1 أيار عام 2017, ثانيا العلاقة مع الإقليم يجب أن لا نستخدم الإقليم في التجاذبات الداخلية , بحيث أن تتعامل دول الأقليم على أساس أن الفلسطينيين موحدين ضمن مرجعيات واضحة وعنوان واضح , ” التعامل مع الحالة الفلسطينية بالجملة و ليس بالمفرق ” هذه المراجعات بالتأكيد ستوصلنا إلى التوافق على برنامج سياسي يجمعنا في معركتنا في البناء و التحرر من الإحتلال . عند التوافق على البرنامج السياسي و على السلاح , نستطيع عندها بناء نظام و مؤسسات قوية تستوعب التعددية السياسية و الإختلاف , وهذا يحتاج إلى جهد وصبر وتعاون , و ليس من السهل أن تؤسس لمؤسسات وطنية فاعلة ضمن هواجس و أرثر ثقافة السيطرة و الإحتواء , وقبل ذلك مشكلة العلاقات الوطنية خاصة بين قطبي الساحة الفلسطينية فتح وحماس , وطبيعة المجتمع الذي نسعى جميعنا لبنائه , الخطأ الفادح الذي لم نتوافق عليه عندما دخلت حماس في إنتخابات 2006 و التي فازت بها , ضمن ملالبسات عديدة . ثقافة الهيمنة والإستئثار , أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن . يلقى على عاتق الفصائل في إجتماعها في القاهرة في نوفمبر الحالي الكثير خاصة و أنه تم ترحيل القضايا الكبرى إلى هذا الإجتماع . البرنامج , الحكومه , الإنتخابات المحلية و التشريعية و الوطني ” م ت ف ” , و الموظفين …… إلخ , كان من المفترض , أن يبدأ الحل بالقضايا الكبرى يعنى التوافق على البرنامج و الإنتخابات و الحكومة وبعد ذلك القضايا الصغري تأتي نتيجة لإتفاق عام , وهذا يؤشر إلى حالة التباطئ الحاصلة في رفع كافة الإجراءات التي إتخذتها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة سواء إرجاع خصومات رواتب الموظفين أو خصومات الكهرباء , وحالة الإرباك و الغموض , وصلت إلى إجراءات جديدة بتقاعد الآلاف من كادرات الاجهزة الأمنية مما زاد المعاناة وفاقمها , وجعل أبناء السلطة الوطنية في القطاع مذهولين و يعيشون في أجواء من الإرتياب , هذا كله يتم في الوقت الذي يجري فيه تسلم المعابر و الوزارات التي سلمت بطريقة غير مهنية , و بدون عودة الموظفين القدامى للسطلة الوطنية , لاحظوا هنا عدم وضوح موقف السلطة في الكثير من الملفات و وخطابها السياسي و الإعلامي في ملف المصالحة غير واضح و متارجح . ولكن رغم ذلك مطلوب من الفصائل و خاصة قطبي الحالة الفلسطينية , بأن يكونوا بمستوى التحديات سواء على الصعيد الداخلي أو على جبهة مواجهة ما يحضر للقضية الفلسطينية من فرض تسوية معروفة النتائج سلفا . الفشل هنا يعني ضياع القضية الفلسطينية , يعني الإحباط ويعني فقدان للإرادة السياسية لدى الجميع , لقاء الفصائل يشكل محطة هامة أولا لوئد الإنقسام و ثانيا لتأسيس عقد سياسي إجتماعي يوحد الفلسطينيين وينقلهم إلى مرحلة جديدة عندها نقاوم أفضل ونبني مؤسساتنا بشكل سليم و نعيد الإعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية , الحاضنه السياسية للفلسطينيين , التي همشت لصالح السلطة , لإعتبارات واهية مرتبطة بعملية السلام التي وصلت إلى طريق مسدود , و أخذت معها حل الدولتين إلى المجهول .
مشاركة :