قصور مصر| عابدين.. جوهرة القصور والجنة المفقودة (1)

  • 4/28/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تميزت مصر منذ فجر التاريخ بالعمارة، إذ خلفت العمارة المصرية القديمة العديد من الآثار التي تدل على حرفية وإتقان الفنان المصري عبر العصور، وقدرته الفائقة على تشييد القصور، حيث كشفت الحفريات في مدينة تل العمرانة، والأقصر، عن عدد كبير من القصور، واستمر الوضع عبر العصور والحضارات المتعاقبة على مصر فمرورًا بالعصر البيزنطي، والقبطي، والإسلامي، وحتى الدولة العلوية، فبدأت القصور في مصر تأخذ العديد من الطرز المعمارية، وفي هذه السلسلة من الحلقات والتي تستمر على مدى شهر رمضان الكريم سنتعرف على أهم القصور في مصر المحروسة.شُيد على أطلال منزل أمير اللواء السلطاني «عابدين بك»عُرف عصر الخديوي إسماعيل عن باقي عصور الأسرة العلوية بـعصر النهضة العمرانية الحديثة، فلم يستطع أي من الحكام الذين أتوا بعده أن يشيدوا مثل ما قام بتشييده، فلقد كان له رؤيته الأوروبية المستنيرة، وكان يحاول أن يعيد مجد جده محمد على باشا. ويعتبر قصر عابدين من أهم القصور التي تم تشييدها في عصره، فروعته في البناء والتصميم، وزخارفه جعلتهم يطلقون عليه عدة أسماء منها «جوهرة القصور»، و«الجنة المفقودة»، و«منارة القصور الملكية»، أما عن تسميته بقصر عابدين فهي تعود إلى أن القصر تم بناؤه على أطلال منزل أمير اللواء السلطانى «عابدين بك» وهو أحد أمراء الأتراك، وقد اشتراه منه الخديو إسماعيل ونزع ملكية مئات المبانى والدرب التى حوله، واستغرق بناء القصر عشر سنوات، إذا بدأ في إنشائه عام ١٨٣٦، وتم افتتاحه في عام ١٨٤٧ وقام بالأعمال الهندسية المهندس الفرنسى «دى كوريل ول رو سو» وبلغت تكاليف بناء القصر في ذلك الوقت ٥٦٥٥٧٠ جنيهًا أى أكثر من نصف مليون جنيه مصري، أما الأثاث فقد تخطت تكلفته قرابة الـ ٢ مليون جنيه. وشيد القصر ليكون مقرًا للحكم بدلًا من قصر القلعة، ليكون في مركز المدينة، ويحتوى القصر على نحو ٥٠٠ غرفة، بالإضافة إلى الممرات المتعددة، ويعتبر قصر عابدين من أغنى قصور العالم باللوحات الفنية، والنقوش الجميلة، والزخارف البالغة الروعة. وقد كان القصر هو المحبب إلى نفس الخديو إسماعيل، فهو القصر الوحيد الذى قام بالاحتفاظ به بجانب زوجاته، وعدد من الجواري، فكل غرف القصر تحوى أكثر من مائة تحفة تتميز بالسحر والجاذبية، والأرض مصنوعة من المرمر المزخرف المنقوش، أما الأبواب والنوافذ فكانت من الزجاج المنقوش برسومات هندسية بديعة، وكأنها لوحات لمناظر طبيعية كالأشجار والطيور والبحار، والملائكة، ولكل تلك الرسوم حكاية أو قصة غرامية. أما سقف القصر فهو منقوش هندسيًّا بكل دقة ومهارة، ويتميز بوجود النقوش البارزة المذهبة ذات الطابع الزخرفى الإسلامي، وتميل إلى الفن الإيطالي، وكان يغلب عليه اللون الأحمر الملكي، والتى تجسدت في لون السجاد والمشايات، كما تغلب عليه زيوت الفنان في الرسومات، كما نجد أيضًا المرايا البلورية الضخمة الرائعة في كل الطرق والممرات بالقصر. وقد شهد القصر على مدى تاريخه العديد من المفاجآت والأحداث والأسرار، والمقتنيات، التى تملأ مجلدات من الكتب، فكل قطعة وكل غرفة حكاية والتى سنرويها في الحلقة القادمة، والتى سنتعرف فيها سويًا على هدية الإمبراطورة أوجينى لإسماعيل.

مشاركة :